مجموعة ضغط مؤيدة لإسرائيل في بريطانيا شنت حملات لقمع منظمات فلسطينية
كشف موقع “ميدل إيست آي” البريطاني عن أن مجموعة ضغط بريطانية مؤيدة لإسرائيل لعبت دورا في قمع منظمات غير حكومية فلسطينية في بريطانيا والضفة الغربية.
وحصل الموقع على وثيقة مكتوبة بالعبرية ترجمت إلى الإنكليزية وتظهر صلات بين مجموعة “محامون بريطانيون من أجل إسرائيل” والحكومة الإسرائيلية، وطلبها في مرة الدعم المالي لمواجهتها دعاوى قضائية من جمعيتين غير حكوميتين.
وتتحدى اليوم، هذه المجموعة قرار الحكومة البريطانية تعليق بعض رخص تصدير السلاح إلى إسرائيل خشية استخدامه في الحرب الدائرة في غزة. وتطالب المجموعة بمراجعة قانونية للقرار، كما وقدمت بشكل منفصل شكوى قانونية ضد مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، الذي طلب من قضاة المحكمة إصدار مذكرات اعتقال ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت.
وعلم الموقع أن “محامون بريطانيون من أجل إسرائيل” تحدثت سرا مع الحكومة الإسرائيلية وطلبت المساعدة عام 2019، بعد اتهام منظمة “انتربال” الخيرية البريطانية والمنظمة الدولية للدفاع عن الأطفال- فرع فلسطين – لها بنشر بيانات تشهيرية.
واضطرت “محامون بريطانيون من أجل إسرائيل” إصدار توضيحات عام 2020 تجنبا للمحكمة. لكنها واصلت حملتها على “انتربال”، التي تقدم الدعم الإنساني والتعليمي للمحتاجين من أهل فلسطين، مما أدى إلى إغلاق حساباتها المصرفية وتوقفها عن جمع التبرعات عام 2021.
وبحسب وثيقة إسرائيلية مؤرخة في 8 أيلول/سبتمبر 2019، التقى المدير التنفيذي للمجموعة، جوناثان تيرنر، وزوجته كارولين، المسؤولة المالية فيها، في 2 أيلول/سبتمبر، مع المسؤولة البارزة في وزارة العدل الإسرائيلية، مارلين مازيل، والتي كانت مديرة وحدة التقاضي الخارجي ومكافحة الإرهاب في وزارة العدل، وهو موقع لا تزال تحتفظ به.
وبحسب الوثيقة، التقت مازيل مع مجموعة “محامون بريطانيون” بصفتها المديرة للإجراءات القضائية في دول خارجية في دائرة القانون الدولي بوزارة العدل الإسرائيلية.
وسجلت “محامون بريطانيون من أجل إسرائيل” نفسها أول مرة عام 2010 كـ “منظمة طوعية من المحامين الذين يدعمون إسرائيل باستخدام خبراتهم القانونية”.
وفي وقت اللقاء مع المسؤولة الإسرائيلية، تلقت المنظمة إخطارا قضائيا قدم ضدها من “انتربال” والمنظمة الدولية للدفاع عن أطفال فلسطين، حيث تمت مناقشة الدعوى في اللقاء معها. وقد طلب جوناثان وكارولين تيرنر “المساعدة في العثور على أو التحقق من الأدلة التي ستساعدهما” في حالة اتخاذ أي إجراء قانوني ضد المجموعة. وبحسب الوثيقة فقد قدم تيرنر وزوجته صورة عن التهديدات المالية التي تواجه منظمتهما لو خسرا القضية. وتشير الوثيقة إلى قولهما إن شركة التأمين “ستدفع مليون جنيه استرليني”، وعليهما دفع المبلغ المتبقي من حساباتهما الخاصة بشكل يضعهما في وضع مالي صعب.
وجاء في الوثيقة، أخبرت مازيل المنظمة “لا يمكننا أن نعد بمساعدة محددة للجمعية في هذه المرحلة، ولكن في حالة وجود أي طلب، يمكنكم الاتصال بنا”. وبناء على الوثيقة، قللت مازيل من احتمال تدخل المسؤولين الإسرائيليين رسميا وتوفير الدعم أو التطوع كشهود في أي إجراءات قانونية، ولكنها تشير أيضا إلى إمكانية العمل من خلال “طرق مختلفة للتحقق من صحة المعلومات المستخدمة في الإجراءات في الخارج، مثل نشر المعلومات على موقع حكومي على الإنترنت”. ولا يعرف ما إذا كان هناك اتصال آخر.
وقال جوناثان تيرنر لميدل إيست آي: “لا يمكننا الآن أن نتذكر ما إذا كنا قد التقينا بالمحامية مارلين مازيل في 2 أيلول/سبتمبر 2019”. ولم تعلق لا وزارة العدل الإسرائيلية أو الشؤون الإستراتيجية ولا مازيل بناء على طلب من الموقع.
ولكن “محامون بريطانيون من أجل إسرائيل” عملت أول مرة مع الحكومة الإسرائيلية عام 2012 وعندما نظمت مناسبة مع وزارة الخارجية والسفارة الإسرائيلية في لندن. وقبل ذلك، أصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية في 17 أيار/مايو 2011 بيانا قالت فيه “شكل محامون في بريطانيا مجموعة أطلقوا عليها محامون بريطانيون من أجل إسرائيل” ولكن البيان حذف منذ ذلك الوقت عن موقعها الرسمي. وقال تيرنر “نحن منظمة مستقلة ولا علاقة لنا بالحكومة الإسرائيلية”. وعلق على ندوة 2012 قائلا: “كانت ندوة ممتازة، وشارك فيها متحدثون متميزون وكانت مفيدة جدا”.
وبخصوص البيان الذي نشر على موقع وزارة الخارجية على الإنترنت في عام 2011 حول مجموعة “محامون بريطانيون من أجل إسرائيل”، قال: “تأسست مجموعة محامون بريطانيون من أجل إسرائيل في أوائل عام 2011. ومن المنطقي أن تنشر وزارة الخارجية الإسرائيلية بيانا لتوفير المعلومات لأي شخص مهتم”.
وبعثت “محامون بريطانيون من أجل إسرائيل” رسالة إلى الحكومة البريطانية تهدد فيها باتخاذ إجراءات قانونية ما لم تتراجع عن قرارها بتعليق 30 ترخيصا من أصل 350 لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل. ووصف جوناثان تيرنر، الذي لا يزال يشغل منصب الرئيس التنفيذي للمنظمة، علنا تحرك حكومة حزب العمال بأنه “قرار سياسي لإرضاء الرأي العام الكاره لإسرائيل واستنادا إلى معلومات مضللة وتغطية إعلامية متحيزة للحرب. وعلى هذا النحو، كان ذلك بمثابة إساءة استخدام للسلطة الممنوحة بموجب القانون”. وقدمت المنظمة هذا الشهر دعوى لنقابة بريطانيا وويلز تتهم مدعي عام الجنائية الدولية كريم خان بإساءة سلوك. ووصفت ناتاشا هاوسدروف، المديرة القانونية بالمنظمة بأنها منظمة تدافع عن إسرائيل في “الحرب القانونية” التي شنت ضد الدولة اليهودية في المؤسسات القانونية الدولية. ووصفت المحكمة الجنائية الدولية بأنها تستخدم كـ”أداة سياسية و”تستغل الموقف المعادي للدولة اليهودية”.
ورد مكتب خان على مزاعم المنظمة بقوله إنه لن يتعامل بشكل كبير مع هذه المزاعم وفي وقت ينظر فيه قضاة المحكمة بالقضية. وأشار إلى أن هذه المزاعم قد تصل إلى حد التحرش. وقال: “فيما يتعلق بالتهديد بالإبلاغ عن المخاوف المزعومة إلى مجلس معايير المحاماة، يجب على محامون بريطانيون القرار ما هو مناسب، مع مراعاة مسؤولياتها الأخلاقية وواجبها في عدم التضليل”.
إلا أن التضليل هو ما مارسته المنظمة، فبعد لقائها مع الحكومة الإسرائيلية في أيلول/سبتمبر 2019، قالت المنظمة الدولية للدفاع عن الأطفال- فلسطين إنها واجهت حملة من “محامون بريطانيون من أجل إسرائيل” التي أرسلت رسائل إلى “المانحين وتضمنت مزاعم عن علاقة المنظمة الدولية للدفاع عن الأطفال- فلسطين والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وتصف المنظمة نفسها بالمستقلة وبالمنظمة المحلية تدافع عن حقوق الأطفال الفلسطينيين، وهي فرع من المنظمة السويسرية الدولية للدفاع عن الأطفال. وتقول المنظمة الدولية- فلسطين إن مجموعة اللوبي البريطانية استهدفتها منذ عام 2018 و”من خلال حملة تضليل إعلامية وسياسية منظمة بهدف عزلها وإلحاق ضرر فادح بسمعتها ونزاهتها كمنظمة لحقوق الإنسان، ومنعها من تلقي التبرعات الخيرية أو جمع الأموال”.
استهدفت مجموعة “محامون بريطانيون من أجل إسرائيل” منظمة الدفاع عن الأطفال فرع فلسطين منذ عام 2018 من خلال حملة تضليل إعلامية وسياسية منظمة بهدف عزلها وإلحاق ضرر فادح بسمعتها ونزاهتها كمنظمة لحقوق الإنسان، ومنعها من تلقي التبرعات الخيرية أو جمع الأموال
وفي حزيران/يونيو 2019 وقبل أشهر من لقاء المنظمة مع المسؤولين الإسرائيليين، قدمت شركة بيدمان القانونية التي تمثل المنظمة الدولية للدفاع عن الأطفال- فلسطين، دعوى قضائية ضد “محامون بريطانيون من أجل إسرائيل”. وتم التوصل إلى تسوية في آذار/مارس 2020 ونشرت الأخيرة بيانا وضحت فيه أنها لم تقصد “الإيحاء بأن المنظمة لديها روابط وثيقة حاليا، أو تقدم أي دعم مالي أو مادي لأي منظمة إرهابية”.
ولكن المنظمة الدولية للدفاع عن الأطفال- فلسطين في عام 2021 كانت واحدة من ست منظمات غير حكومية صنفتها إسرائيل كمنظمات إرهابية في الضفة الغربية.
وكانت المنظمة الأخرى التي هددت “محامون بريطانيون من أجل إسرائيل” باتخاذ إجراءات قانونية ضدها، وتحديدا اتهامات التشهير، هي منظمة “إنتربال”، التي شنت ضدها حملة طويلة لتشجيع المؤسسات المالية على سحب التسهيلات المصرفية أو معالجة التبرعات المقدمة لها.
وجاء الاجتماع مع وزارة العدل الإسرائيلية بعد أقل من شهر من إرسال محامي “إنتربال”، كارتر أند راك، رسالة إلى منظمة “محامون بريطانيون من أجل إسرائيل” يطالبونها فيها بسحب مقالتين نشرتهما على موقعها الإلكتروني وفيهما اتهامات للمؤسسة الخيرية.
وجاء في وثيقة وزارة العدل الإسرائيلية أن “محامون بريطانيون من أجل إسرائيل” حاولت “إقناع شركات الائتمان ومنصات الدفع الأخرى (مثل باي بال) منع إنتربال من الوصول إلى خدمات الدفع الخاصة بها”. وكانت حملة المنظمة ضد المؤسسة الخيرية قائمة على تصنيف الولايات المتحدة لإنتربال كمنظمة إرهابية في عام 2003 حيث تبعت كندا وأستراليا خطى الولايات المتحدة. ولكن العديد من البلدان والمنظمات الدولية الأخرى لم تفعل ذلك، بما في ذلك الأمم المتحدة وبريطانيا- حيث حققت مفوضية الجمعيات الخيرية ببريطانيا، في إنتربال ثلاث مرات، وفي كل مرة برئت ساحتها من كل مزاعم النشاط غير القانوني.
وأصر التحقيق الثالث على أن تقوم إنتربال بمراجعة إجراءات العناية الواجبة والمراقبة الخاصة بها، فضلا عن قطع جميع العلاقات مع المجموعة التي كانت مفوضية الجمعيات الخيرية قلقة بشأن ارتباطها بحماس. وأكدت المفوضية في وقت لاحق أن انتربال امتثلت لما طلبته منها. كما واضطرت العديد من وسائل الإعلام، بما فيها “ديلي ميل” و”جويش كرونيكل” إلى الاعتذار للجمعية الخيرية ودفع تعويضات لزعمها أنها مرتبطة بالإرهاب.
وفي 21 شباط/فبراير 2020، بعد أشهر فقط من الاجتماع مع وزارة العدل الإسرائيلية، نشرت “محامون بريطانيون من أجل إسرائيل” بيانا صادرا عن انتربال على موقعها على الإنترنت ضحد فيه أمناء الجمعية الخيرية “عددا من التصريحات التشهيرية”، التي قالوا إن “محامون بريطانيون من أجل إسرائيل” نشرتها على موقعها على الإنترنت وصفحتها على فيسبوك. ولم تمض انتربال بالإجراءات القانونية، مع أن “محامون بريطانيون” واصلت حملتها وأرسلت رسائل للبنوك أدت إلى خسارتها الحسابات المصرفية. وانخفض دخل الجمعية الخيرية من 6.2 مليون جنيه إسترليني في عام 2019 إلى 2.55 مليون جنيه إسترليني في عام 2020. وفي نيسان/أبريل من ذلك العام، كشف موقع ميدل إيست آي أن بنك إتش إس بي سي البريطاني كان على وشك منع التبرعات للجمعية الخيرية – دون ذكر أي سبب لذلك.
فقدت انتربال قدرتها على جمع الأموال في عام 2021. ونسبت منظمة “محامون بريطانيون من أجل إسرائيل” الفضل لنفسها، إذ قالت في تشرين الثاني/نوفمبر 2021 “خسرت انتربال حق استخدام المؤسسات المصرفية بعد رسالة إلى البنوك ومزودي الخدمات المالية
وفقدت انتربال قدرتها على جمع الأموال في عام 2021. ونسبت منظمة “محامون بريطانيون” الفضل لنفسها حيث قالت في تشرين الثاني/نوفمبر 2021 “خسرت انتربال حق استخدام المؤسسات المصرفية بعد رسالة إلى البنوك ومزودي الخدمات المالية”.
وقال عصام يوسف، المؤسس والمدير التنفيذي لمؤسسة انتربال، لميدل إيست آي: “كنا نساعد المحتاجين وكنا نقوم بذلك بالطريقة الصحيحة. لقد حرمت محامون بريطانيون من أجل إسرائيل المحتاجين من التبرعات. وحرموا الأطفال من المساعدة التي يحتاجون إليها”. و”إذا كانوا بريطانيين، فلماذا يلجأون إلى الحكومة الإسرائيلية بينما كان بوسعهم اللجوء إلى الحكومة البريطانية ومفوضية الجمعيات الخيرية، التي منحتنا شهادة صحية نظيفة؟”.
وفي آذار/مارس 2022، نشرت المنظمة على موقعها رسالة من ضابط استخبارات إسرائيلي بارز بدون ذكر اسمه، أشاد فيها بالمنظمة ودورها بوقف انتربال عن جمع التبرعات:”بفضل جهودكم المتواصلة، حققتم الهدف الذي كانت دولة إسرائيل تحاول تحقيقه منذ عام 1997″، كما قال ضابط الاستخبارات (تأسست انتربال عام 1994). و”أقف برهبة أمام مثابرتكم وأتمنى أن تواصلوا التقدم من قوة إلى قوة”.