تلاعب "مستفز" بالأسعار
خاص | ماذا حدث بسوق صرف العملات في فلسطين مؤخرا؟
حذرت سلطة النقد الفلسطينية شركات ومحال الصرافة من التلاعب بسعر صرف العملات وأصدرت تعليمات حازمة يتم بموجبها تحديد هامش بين سعر البيع للعملة والسعر السائد لشرائها على الشاشات العالمية بواقع 200 نقطة أساس كحد أقصى.
وشملت التعليمات تنظيم عمليات بيع وشراء العملات الرئيسية المتداولة في السوق الفلسطيني (الدولار، الدينار، الشيكل الاسرائيلي)، وحظرت بموجب التعليمات تنفيذ عمليات وصفقات تفوق قيمتها 20 ألف دولار أو ما يعادلها بالعملات الأخرى.
وتعقيبا على بيان سلطة النقد، قال الخبير المالي والمصرفي محمد سلامة، إن ما حدث بسوق صرف العملات في رام الله مثلا؛ كان مستفزا بشكل لافت، إذ قام بعض الصرافين برفع سعر صرف الدولار - شيكل بشكل انفصم عن واقع الأسواق العالمية.
وأوضح سلامة في حديث لشبكة رايـــة الإعلامية، أن أفعال بعض الصرافين جاءت بسبب شح السيولة النقدية، كما أن الطلب على الدولار والدينار زاد بالسوق الفلسطيني، إضافة إلى التصعيد الحربي على جبهة لبنان واحتمال تحولها إلى حرب إقليمية.
ولفت إلى أن من بين الأسباب أيضا؛ تهديدات سموتريتش بقطع العلاقة بين البنوك الإسرائيلية والبنوك الفلسطينية، والشائعات والمبالغة التي تم نشرها مؤخرا حول إلغاء الورقة النقدية من فئة 200 شيكل، وهو ما شكّل ارتباكا لدى الناس.
أسباب ارتفاع أسعار الصرف
وبيّن سلامة أن الناس بدأت بسحب أموالها من البنوك والذهاب للصرافين لتحويل من شيكل إلى دولار أو دينار والتخلص من فئة 200 شيكل، وهو ما زاد الطلب على الدولار والدينار، والنقد انخفض لدى الصرافين ولجأوا إلى رفع الأسعار.
وأكد أن كل ما سبق أدى إلى خلق "سوق سوداء" غير مسموح بها، وبالتالي حدث فوضى في التسعير، لافتا إلى أن الشائعات وتضخيم الأخبار وآثارها وتخويف الناس من قبل بعض الصرافين أدى لذلك، خاصة وأن الصرافين مستفيدين من ذلك.
وبيّن الخبير المالي والمصرفي أن البنك المركزي الأوروبي قام باتخاذ قرار بسحب الورقة النقدية بقيمة 500 يورو ومنع تداولها، ولك بهدف منع التهريب والتهرب الضريبي ولخفض تدفق الكتلة النقدية في الاقتصاد من أجل التحكم بالتضخم.
وعقب ذلك، تم طرح فكرة على الحكومة الإسرائيلية بأن يدرس أثر سحب ورقة 200 شيكل من الاقتصاد، وكان هناك حديث عن إذا تحكمت إسرائيل بسحب هذه الورقة قد تجني 20 مليار شيكل من الذين تهربوا من الضريبة.
وتابع: "البنك المركزي الإسرائيلي رد بالاستهجان والاستغراب من مثل هذه الخطوة، لما لها من آثار اقتصادية على دولة الاحتلال، والبنك غير معني ولا يشجع أو ينصح بالتوجه لهذه الخطوة حتى وإن فكرت الحكومة بذلك.
وفرة في عملة الدينار الأردني
وأشار سلامة إلى أن حجم التجارة بين فلسطين وإسرائيل كبير جدا إذ يزيد عن 65% من التبادل التجاري الفلسطيني بشكل عام، وفي حال قطعت العلاقة بين البنوك الإسرائيلية والفلسطينية يصبح هناك مشكلة بالتزويد بالمشتريات من إسرائيل.
وأكد أن هناك وفرة في عملة الدينار وهناك اعتماد على هذه العملة الأردنية في مراكز التجارة بفلسطين سواء في الخليل أو نابلس، إذ هناك تعامل بالدينار أكثر من الدولار واليورو والعملات الأخرى، وهو ما يعطي نوع من الاطمئنان.
مخاطر قطع العلاقة بين البنوك الإسرائيلية والفلسطينية
وحول مخاطر وقف التعامل بين البنوك الإسرائيلية والفلسطينية، قال سلامة إن هناك مخاطر كبيرة منها تراجع التقدم الذي أحرزته فلسطين في تنظيم التبادل المالي أو انتقال المال من طرف إلى آخر، وقانون غسل الأموال والتهرب الضريبي.
واعتبر أن هناك "ماكينات إعلام" تعمل على تخريب الاقتصاد الفلسطيني أو إحداث مشكلة، مشيرا إلى أن القطاع المصرفي هو عمود الاقتصاد الفلسطيني وضرب القطاع المصرفي هو هدف دائم للاحتلال ويعمل دائما على تشويهه والتأثير عليه.
وشدد سلامة في حديث لـ "رايـــة" على أن سحب الأموال من البنوك بشكل كبير ونتيجة الذعر يؤدي إلى تلاشي قدرة هذه البنوك على دعم الاقتصاد وخلل في موجوداتها ومطلوباتها خاصة وأن البنوك غير قادرة على توفير النقد المطلوب وتحتاج لبعض الوقت لتوفيرها.
القطاع المصرفي الفلسطيني قوي
وحول قرار سلطة النقد تحديد مبلغ السحب بما لا يزيد عن 20 ألف دولار أو ما يعادلها بالعملات الأخرى، قال إنه يجب وضع مبرر منطقي ومقبول لسحب المبالغ من البنك خاصة في ظل هذه الظروف، وكي لا يسهم المودع بدمار القطاع المصرفي.
ويرى سلامة أن قرار سلطة النقد بتحديد سقف سحب المبالغ النقدي "مقنعا" ويجب أن يعي به المواطن خاصة وأن القطاع المصرفي الفلسطيني قوي ولديه الإمكانيات لتلبية طلبات السحب، داعيا إلى أن يكون هناك حملة توعية للمواطنين، كما دعا للصمود لتجاوز هذه المرحلة متحدين.