عمولات بنصف المبلغ
خاص | نصب ونهب وأموال مهترئة.. كيف اختفى المال من قطاع غزة؟
قال الباحث الفلسطيني سعد الوحيدي، إنه في ظل استمرار حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، تلاشت فكرة تغطية الهموم اليومية للمواطنين وأشكالها وكيفية تدبير أكثر من 2 مليون إنسان أمور حياتهم وأوضاعهم المادية.
وأوضح الوحيدي في حديث لشبكة رايـــة الإعلامية، إن القطاع المالي كان عرضة للاستهداف منذ الأيام الأولى للعدوان على قطاع غزة، لكن التدرج بدأ وقف سياسة انتهجها الاحتلال وصولا لتدمير وتحييد الجهاز المصرفي.
وأكد أن الاحتلال ركّز عدوانه على المصارف والبنوك وخاصة الفرع الرئيسي والأكبر لبنك فلسطين في حي الرمال بمدينة غزة، ومصادرة أكثر من 200 مليون شيكل من قطاع غزة، وتدمير الصرافات الآلية التابعة للبنوك.
وبيّن الوحيدي أنه لم يتبقَ سوى جهاز صراف آلي واحد فقط قيد الخدمة يقع في دير البلح وسط القطاع، وهو يخدم أكثر من 2 مليون مواطن غزي، وتزويده بالأموال والسحب منه صعب، وهو يخرج عن الخدمة أكثر مما يعمل.
وأشار إلى أن الاحتلال داهم بنك فلسطين وصادر أموال نقدية من بيوت وشركات ومنازل قام بمداهمتها خلال عملياته البرية بالقطاع، كما سجلت عشرات عمليات السطو على الأموال والذهب وكل ما طالته أيادي جنود الاحتلال.
الأموال المهترئة في غزة
وأوضح الوحيدي أن مع خروج جميع البنوك الرسمية العاملة في قطاع غزة عن الخدمة؛ لم يعد هناك إمكانية مالية مصرفية للتخلص من الأموال التي أصبحت مهترئة أو استبدالها، إذ هناك مئات آلاف المواطنين يملكون رزم منها.
وأكد أن هناك مواطنين يملكون مثلا 40 أو 50 ألف شيكل أو آلاف الدولارات، قاموا باستخراجها من تحت أنقاض منازلهم المدمرة وتعرضت للتلف أو التمزيق ولا يقبل أحد تداولها أو استبدالها رغم عرض أصحابها بنصف قيمتها.
انتشار العصابات والمارقين بالقطاع
وأشار الوحيدي في حديثه لـ "رايـــة" إلى وجود بعض العصابات والمارقين الذين يستغلون على الغياب الأمني والاستهداف المتكرر، وهو ما أتاح المجال لهم للظهور على الأرض وفرض نفوذهم ببعض المناطق في قطاع غزة.
وقال إن هناك عصابات تقوم بفرض "ضريبة الخاوة" على من يريد استخدام الصراف الآلي، أو تقوم بتفريغ الصرافات الآلية وتسليمها باليد لمن يرغب بالحصول على مبالغ نقدية من حسابه الخاص في الصراف الآلي.
ظهور مكاتب لتحويل الأموال
ووفق الوحيدي، فقد ظهرت مكاتب جديدة تقوم بخدمات تحويل الأموال من الداخل والخارج، عبر شبكة طويلة وممتدة من المتعاونين معها، إذ تمتاز هذه الجهات بقدرتها على الوصول إلى معظم أنحاء قطاع غزة، وبعمولات مقتطعة.
وأكد أن العمولات المقتطعة على الأموال تدرجت منذ بداية العدوان، وعلى سبيل المثال، فإن عمولة التحويل من الخارج إلى غزة ارتفعت من 5% وصولا إلى 50% قبل أيام، أي يتم خصم نصف قيمة المبلغ على أنه "عمولة".
وأوضح الوحيدي أنه يتم تصريف الدولار في غزة بعد خصم العمولة بسعر 2.8 شيكل للدولار الواحد، أي يتم خصم مبالغ جديدة إضافة للعمولة الأصلية التي وصلت إلى 50%، فمثلا إرسال 100 دولار لغزة يتم تسليمها (140 شيكل فقط).
وأضاف أن هذه المكاتب أو الأفراد الذين يقومون بتحويل الأموال يتحكمون بمبلغ الصرف والتحكم بالعمولات، لافتا إلى أن العمولات استقرت في بعض المناطق بقطاع غزة، ولكن في بعض المناطق وصلت فيها إلى مستوى كبير.
أزمة السيولة المالية
وشدد على أن هناك أزمة في توفير السيولة المالية النقدية بغزة، حيث كانت البنوك والمصارف وسلطة النقد الفلسطينية قد أصدرت بيانات واضحة بهذا الأمر، مشيرا إلى أن هناك أشخاص لديهم حسابات بنكية ولا تستطيع الاستفادة منها.
وبيّن الباحث والكاتب سعد الوحيدي، أن المواطنين لا يستطيعون الاستفادة من أموالهم بحساباتهم البنكية بسبب عدم توفر السيولة، إذ أن الصراف الآلي فارغ من العملات النقدية ومكاتب الصرافة خارجة عن الخدمة.