نيويورك تايمز: وحدة أمريكية-إسرائيلية خاصة لملاحقة السنوار ..فاستمرار بقائه يحرم نتنياهو من النصر
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية تقريراً أعده مارك مازيتي وجوليان إي بارنز ورونين بيرغمان وآدم غولدمان جاء فيه أن زعيم حركة “حماس” و رئيس مكتبها السياسي يحيى السنوار حَرم جيش الإحتلال من النجاح، بسبب قدرته على المراوغة والهروب من الاعتقال أو الاغتيال.
وقال التقرير إن المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين اعتقدوا، في كانون الثاني/يناير، أنهم توصلوا لاختراق في ملاحقة واحد من أهم المطلوبين في العالم.
وفي 31 كانون الثاني/يناير، قامت قوات خاصة بمداهمة مجمع أنفاق محكم في جنوب غزة، بناء على معلومات تقول إن السنوار موجود فيه. واكتشفوا أنه كان موجوداً فيه، لكنه غادر النفق تحت مدينة خان يونس، قبل أيام من المداهمة، مخلّفاً، حسب قول الصحيفة، وثائق وأكواماً من الشواقل الإسرائيلية تبلغ قيمتها مليون دولار حسب التعبير، ومنذ ذلك الوقت استمر البحث بدون وجود أدلة قاطعة عن مكان وجوده.
وتضيف الصحيفة أن السنوار، الذي تتهمه إسرائيل بالتخطيط وتوجيه هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر، أصبح مثل الشبح، ولم يظهر أبداً للعلن، ومن النادر أن يرسل رسائل إلى أتباعه، ولم يعط أيّ إشارا ت عن المكان الذي ربما يتواجد به.
يعتقد المسؤولون الأمريكيون أن قتل السنوار، أو القبض عليه، سيترك أثره الدراماتيكي على الحرب، وسيعطي نتنياهو وسيلة للزعم أنه حقق انتصاراً عسكرياً
وتقول إن السنوار هو أهم رمز في حركة “حماس”، ونجاحه في تجنّب الاعتقال أو الاغتيال حَرمَ إسرائيل من القدرة على تقديم ادعاء أساسي،أنها انتصرت في الحرب وقضت على “حماس”، في صراع أدى تدمير قطاع غزة، وقتل عشرات الآلاف من المدنيين.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين قولهم إن السنوار تجنّبَ الاتصالات الإلكترونية، منذ وقت طويل، وقد تجنّبَ، حتى الآن، شبكة استخباراتية معقدة. ويعتقد أنه يظل على اتصال بالمنظمة التي يقودها من خلال شبكة من المراسيل البشر. مع أن طريقة عمل هذا النظام تظل لغزاً. وهو أسلوب اعتمدت عليه “حماس” في الماضي، وكذا جماعات أخرى، مثل أسامة بن لادن، ومع ذلك، فإن وضع السنوار أكثر تعقيداً، ومحبطاً بشكل كبير للمسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين.
فعلى خلاف أسامة بن لادن في سنواته الأخيرة، يدير السنوار عملية عسكرية. ويقول الدبلوماسيون المشاركون في مفاوضات وقف إطلاق النار إن قادة “حماس” في الدوحة يصرّون على معرفة رأيه بالقرارات المهمة والمتعلقة بالمفاوضات.
وباعتباره أكثر الزعماء احتراماً وحظوة في “حماس”، فهو الشخص الوحيد الذي يقرر ما يتخذ من قرارات في الدوحة وتنفذ في غزة.
و تكشف المقابلات التي أجراها الصحافيون مع أكثر من عشرين مسؤولاً في إسرائيل وأمريكا أن كلا البلدين خصّصا موارد هائلة في محاولة العثور على السيد السنوار. وأنشأوا وحدة خاصة داخل مقر جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت)، وطلب من أجهزة التجسس الأمريكية اعتراض اتصالات السنوار. كما قدمت الولايات المتحدة لإسرائيل راداراً يخترق الأرض للمساعدة في البحث عنه وعن قادة “حماس” الآخرين.
ويعتقد المسؤولون الأمريكيون أن قتل السنوار، أو القبض عليه، سيترك بلا شك أثره الدراماتيكي على الحرب، وسيعطي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وسيلة للزعم بطريقة ما أنه حقق انتصاراً عسكرياً ويجعله مستعداً لإنهاء الحرب في غزة. لكن ما هو ليس معروفاً هو الأثر الذي سيتركه مقتله، أو القبض عليه، على مسار المحادثات لتحرير المحتجزين، فربما قرر خليفته تبني موقف متشدد، ويرفض التفاوض على صفقة مع إسرائيل.
وقال مسؤولون مصريون وقطريون وأمريكيون إن التواصل مع السنوار أصبح أكثر صعوبة في الأشهر الأخيرة، حيث كان يرد على الرسائل في غضون أيام، إلا أن الإجابة تنتظر هذه الأيام فترة أطول، وكان نوابه ينوبون عنه في هذه المناقشات.
وفي بداية آب/أغسطس، اختارت الحركة السنوار (61 عاماً) زعيماً للمكتب السياسي، بعد اغتيال رئيس المكتب إسماعيل هنية في طهران.
ويعتقد المسؤولون الاستخباراتيون والعسكريون أن السنوار كان يعيش في شبكة من الأنفاق تحت غزة، كبرى مدن القطاع وأول هدف للعدوان الإسرائيلي.
وفي واحدة من الغارات المبكرة عثر جنود الاحتلال على فيديو، صُوّر قبل أيام، ويظهر السنوار وهو ينقل عائلته إلى مخبأ جديد تحت المدينة.
ويعتقد المسؤولون الاستخباراتيون الإسرائيليون أن السنوار أبقى على عائلته معه لمدة ستة أشهر من الحرب. في ذلك الوقت، كان السنوار لا يزال يستخدم الهواتف المحمولة والفضائية، التي أصبحت ممكنة بفضل شبكات الهواتف المحمولة في الأنفاق. وكان يتحدث من وقت لآخر مع مسؤولين من “حماس” في الدوحة. وكانت وكالات التجسس الأمريكية والإسرائيلية قادرة على مراقبة بعض تلك المكالمات، لكنها لم تتمكن من تحديد موقعه. ومع تراجع الوقود في غزة، دفع غالانت، على الرغم من معارضة حكومة اليمين المتطرف، بنقل شحنات أخرى من أجل توفير الوقود للمولدات التي تغذي شبكات الهواتف، ما يعطي إسرائيل الفرصة للتنصت.
وتمكنت وكالات الاستخبارات الإسرائيلية خلال هذه الفترة رصد حياته تحت الأرض، بما في ذلك متابعته للأخبار وإصراره على مشاهدة نشرة أخبار الساعة الثامنة على التلفزيون الإسرائيلي.
والتقى السنوار مع اسرى إسرائيليين وخاطبهم بالعبرية التي يتحدث بها بطلاقة، وأخبرهم أنهم آمنون، ولن يصابوا بأيّ أذى، وذلك حسب اسير إسرائيلي أفرج عنه في تبادل تشرين الثاني/نوفمبر.
ويقول المسؤولون الإسرائيليون إن جميع قادة “حماس” يعيشون في الأنفاق تحت الأرض، لكنهم والسنوار يخرجون منها في مناسبات ولأسباب صحية.
لكن شبكة الأنفاق واسعة ومعقدة للغاية، ويملك مقاتلو “حماس” معلومات استخباراتية جيدة عن أماكن تواجد القوات الإسرائيلية، لدرجة أن السنوار قد يخرج أحياناً إلى السطح دون أن يتم اكتشافه.
ويقول المسؤولون إنه في الوقت الذي داهمت فيه القوات مخبأ خان يونس، كان السنوار قد هرب. وظل متقدماً على الملاحقين له خطوة، حيث كانوا يتفاخرون بأنهم اقتربوا من الوصول إليه. ففي نهاية كانون الأول/ديسمبر، حيث كانت وحدات الجيش الإسرائيلي تحفر أنفاقاً في منطقة بالمدينة، أخبر غالانت الصحافيين بأن السنوار “يسمع جرافات الجيش الإسرائيلي فوقه وسيواجه فوهات بنادقنا قريباً”. ويبدو أن السنوار غادر المكان سريعاً، وخلّف وراءه كوماً من الشواقل الإسرائيلية.
وتشير الصحيفة إلى أن الاستخبارات العسكرية وشين بيت، وكالة الأمن الداخلي، أنشأتا، بعد فترة قصيرة، وحدة خاصة داخل شين بيت بمهمة البحث عن السنوار. وشكلت سي آي إيه قوة مهام خاصة، وأرسل البنتاغون قوات عمليات خاصة لتقديم المشورة للقوات الإسرائيلية حول الحرب القادمة. وقال جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض: “خصصنا جهوداً وموارد كبيرة للإسرائيليين من أجل البحث عن القيادة العليا، وبخاصة السنوار. لقد كان لدينا أشخاص في إسرائيل يجلسون في الغرفة مع الإسرائيليين يعملون على حل هذه المشكلة. ومن الواضح أن لدينا الكثير من الخبرة في مطاردة الأرصدة المهمة”.
ونشرت الولايات المتحدة، تحديداً، راداراً لديه القدرة على اختراق الأنفاق وتصوير الشبكة التي تمتد على مئات الأميال. وبهذه الصور والمعلومات التي جمعتها إسرائيل ممن تقول إنهم مقاتلو “حماس”، والوثائق التي تم العثور عليها، استطاعت بناء صورة كاملة عن شبكة الأنفاق. وقال مسؤول إسرائيلي بارز إن المعلومات الاستخباراتية التي قدّمتها الولايات المتحدة “لا تقدّر بثمن”.
وتعلق الصحيفة بأن الإسرائيليين والأمريكيين لديهم مصلحة مشتركة للبحث عن قادة “حماس” والمحتجزين، بمن فيهم أمريكيون في غزة. ولكن شخصاً مطلعاً على التبادل الاستخباراتي بين الحكومتين يرى أن العملية عادة ما تكون “غير متوازنة”، حيث قدم الأمريكيون معلومات أكثر مما أعطاه الإسرائيليون في المقابل.
وفي بعض الأحيان يقدم الأمريكيون، كما قال هذا الشخص، معلومات عن قادة “حماس” على أمل أن يوجه الإسرائيليون بعض مواردهم الاستخباراتية نحو العثور على المحتجزين الأمريكيين.