دراسة للغارديان: الدول التي تزوّد إسرائيل بالوقود قد تكون متواطئة بإبادة الشعب الفلسطيني
نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية تقريراً حصرياً أعدّته نينا لاخاني وأجيت نيرانجان ورد فيه أن الدول التي توفّر النفط والوقود لإسرائيل، لكي تواصل حربها على غزة، ربما كانت متورطة في جرائم حرب.
وجاءت النتيجة هذه في بحث قام بتتبّع الشحنات من النفط والوقود إلى إسرائيل، حيث يستخدم هذا النفط في ملء خزانات الدبابات والمقاتلات الحربية التي تقصف غزة والجرافات التي تجرف البيوت في الضفة الغربية.
ورأى الخبراء القانونيون الذين شاركوا في البحث أن الدول الموقعة على مواثيق جنيف ضد الإبادة الإنسانية ربما تكون متواطئة في جرائم إسرائيل.
وتم شحن أربع ناقلات نفط أمريكية لتزويد المقاتلات الإسرائيلية بالوقود، منذ بداية الحرب على غزة في 7 تشرين الأول/أكتوبر. وغادرت ثلاث شحنات من تكساس بعد القرار المهم لـ “محكمة العدل الدولية”، في 26 كانون الثاني/يناير، الذي طلب من إسرائيل منع أفعال الإبادة في غزة. وجاء في القرار أن ميثاق الإبادة الجماعية يذكّر الدول بأن لديها “مصلحة مشتركة في ضمان منع وقمع ومعاقبة جرائم الإبادة الجماعية”.
وبشكل عام، تم شحن ما يقرب من 80% من وقود الطائرات والديزل ومنتجات البترول المكررة الأخرى التي زوّدتها الولايات المتحدة لإسرائيل، على مدى الأشهر التسعة الماضية، بعد الحكم الصادر في كانون الثاني/يناير، حسب بحث لـ “أويل جين انترناشونال” غير الربحية، واطلعت عليه حصرياً صحيفة “الغارديان”.
وحلل الباحثون سجلات الشحن والصور التي التقطتها الأقمار الاصطناعية والمصادر المتوفرة في الإعلام والمتاحة من صناعة الشحن البحري، حيث تم رصد 65 شحنة وقود إلى إسرائيل في الفترة ما بين 21 تشرين الأول/أكتوبر إلى 12 تموز/يوليو.
وتشير الدراسة إلى أن مجموعة من الدول تضم أذربيجان وكازاخستان والغابون ونيجيريا والبرازيل، ومؤخراً جمهورية الكونغو الديمقراطية وإيطاليا، قد زودت إسرائيل بنحو 4.1 مليون طن من النفط الخام، وقد تم شحن ما يقرب من نصف هذه الكمية منذ صدور قرار “محكمة العدل الدولية”.
وتشير التقديرات إلى أن ثلثي النفط الخام جاء من شركات نفط مملوكة لمستثمرين وشركات خاصة، وتقوم إسرائيل بتكريره للاستخدامات المحلية والصناعية والعسكرية.
وتعتمد إسرائيل بشكل كبير على واردات النفط الخام والبترول المكرر لتشغيل أسطولها الكبير من الطائرات المقاتلة والدبابات والمركبات العسكرية الأخرى والعمليات، فضلاً عن الجرافات المتورطة في تدمير المنازل الفلسطينية وحقول الزيتون لإفساح المجال للمستوطنات .
ورداً على النتائج الجديدة، دعا خبراء الأمم المتحدة وغيرهم من خبراء القانون الدولي إلى فرض حظر على النفط لمنع المزيد من انتهاكات حقوق الإنسان ضد الشعب الفلسطيني، وإجراء تحقيق في أي نفط أو وقود يتم شحنه إلى إسرائيل، والذي تم استخدامه للمساعدة في أعمال الإبادة الجماعية المزعومة وغيرها من الجرائم الدولية الخطيرة.
وقالت فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة في الأمم المتحدة للأراضي الفلسطينية المحتلة: “بعد قرار محكمة العدل الدولية، الصادر في 26 كانون الثاني/يناير، لا يمكن للدول أن تدعي أنها لم تكن تعلم ما كانت تخاطر بالمشاركة فيه”، مضيفة أنه بموجب القانون الدولي، فإن الدول ملزمة بمنع الإبادة الجماعية واحترام وضمان احترام اتفاقيات جنيف.
ويواجه 2.5 مليون مواطن ، أو نسبة 96%، خطر الجوع، وتم تدمير مصادر الغذاء بسبب الهجمات العسكرية، وتقليص المساعدات الإنسانية بشكل كبير.
وقالت ألبانيز: “في حال شحن الوقود للطائرات النفاثة، هناك أسباب جدية تدعو للاعتقاد بحدوث خرق لاتفاقية الإبادة الجماعية، بسبب الفشل في منع وتجاهل حكم محكمة العدل الدولية الصادر في كانون الثاني/يناير والتدابير المؤقتة”، وأضافت: “إن الدول الأخرى التي تزوّد [إسرائيل] بالنفط وغيره من أنواع الوقود تستحق المزيد من التحقيق”.
وأضافت الصحيفة أن شحنة من 300,000 برميل من وقود المقاتلات النفاثة شحنت من تكساس إلى إسرائيل، بداية آب/أغسطس، ولم تكن قادرة على الرسو بموانئ إسبانيا أو جبل طارق وسط الاحتجاجات والتحذيرات من خبراء القانون الدولي. وبعد أيام، كتبت أكثر من 50 مجموعة إلى الحكومة اليونانية تطالب بالتحقيق في جرائم الحرب، بعد أن أظهرت صور الأقمار الاصطناعية السفينة راسية في المياه اليونانية.
وفي الأسبوع الماضي، أفرجت الولايات المتحدة عن 3.5 مليار دولار لإسرائيل لإنفاقها على الأسلحة والمعدات العسكرية المصنوعة في الولايات المتحدة، على الرغم من تقارير خبراء حقوق الإنسان التابعين للأمم المتحدة، وغيرها من التحقيقات المستقلة، التي تفيد بأن القوات الإسرائيلية تنتهك القانون الدولي في غزة والضفة الغربية المحتلة.
وفي اليوم التالي، وافقت الولايات المتحدة على مبيعات أسلحة أخرى بقيمة 20 مليار دولار، بما في ذلك 50 طائرة مقاتلة وذخيرة دبابات ومركبات تكتيكية. وقالت الصحيفة إن المبيعات ونقل وقود المحركات النفاثة والأسلحة يزيد، حسب بيان في آذار/مارس لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، “من قدرة إسرائيل، القوة المحتلة على ارتكاب انتهاكات خطيرة”.
وتقول الدكتورة شهد حموري، أستاذة القانون الدولي بجامعة كنت، ومؤلفة كتاب “شحنات الموت”، إن ” الحجة التي تؤيد تواطؤ الولايات المتحدة في الإبادة الجماعية قوية للغاية. فهي تقدم الدعم المادي، الذي من دونه لا يمكن ارتكاب الإبادة الجماعية وغيرها من الانتهاكات غير القانونية. وسوف تعتمد مسألة تواطؤ الدول الأخرى على تقييم مدى أهمية الدعم المادي الذي تقدمه”.
وأشارت الصحيفة إلى أن البرازيل، التي يعتبر رئيسها لويز إغناسيو لولا دا سيلفا من أشد النقاد لإسرائيل، تصدّرَت نسبة 9% من مجمل النفط الخام الذي تستورده إسرائيل، لم يفرض حظراً على النفط، مع أنه سحب السفير البرازيلي من هناك.
وأضافت ألبانيز قائلة: “لقد بدأت عقارب الساعة تدور بعد صدور حكم “محكمة العدل الدولية”، وهناك بالفعل التزام عام على الدول، بموجب اتفاقية جنيف واحترام القانون الإنساني الدولي، إنفاذه، والتأكّد من الالتزام به، وهو ما لا يحدث بوضوح”.
وقال متحدث باسم الرئيس البرازيلي إن تجارة النفط والوقود تتم من خلال القطاع الخاص، وبناء على قواعد السوق. وقال: “رغم موقف الحكومة المعروف من العمل العسكري الإسرائيلي الحالي في غزة ، إلا أن الموقف التقليدي للبرازيل بشأن العقوبات هو عدم تطبيقها، أو دعمها بشكل أحادي الجانب”.