مركز حملة يصدر دراسة حول الأمان الرقمي بين الشباب الفلسطيني في ظل الحرب على غزة
أصدر حملة - المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي دراسةً جديدةً بعنوان "الأمان الرقميّ بين الشباب الفلسطينيّ: دراسة حول التهديدات والتحديات في ظل الحرب على غزة" كتبها د. سعيد أبو معلا، الباحث والمحاضر في الإعلام الرقمي في الجامعة العربية الأمريكية، لتسلط الضوء على مشهد الأمان الرقميّ للشباب الفلسطينيّ في الضفّة الغربيّة والقدس من خلال اقتفاء التجارب الرقميّة للشباب الفلسطيني في الفئة العمرية من 15 إلى 30 عامًا. تأتي هذه الدراسة في وقتٍ حساس تعاني فيه المنطقة من التأثيرات المتزايدة بسبب الحرب المستمرة على قطاع غزة منذ أحداث السابع من تشرين الأول 2023 والتي حالت دون شموله في الدراسة، وسوف يصدر مركز حملة بحثًا مشابه حول الأمان الرقميّ للشباب الفلسطيني في الداخل. أظهرت الدراسة التي اعتمدت على جمع المعلومات من خلال المجموعات البؤريّة والمسح الميدانيّ ومراجعة الأدبيات التي تتناول موضوعيّ الأمان الرقمي والحقوق الرقميّة، نتائج مقلقة للواقع الرقمي للشباب الفلسطيني.
خلصت الدراسة إلى أن قضية الأمان الرقميّ في السياق الفلسطيني أصبحت مركبة ومعقدة نتيجة لتعدد الجهات التي تنتهك الحقوق الرقميّة الفلسطينيّة، وتنوّع مصادر التهديدات الرقميّة. ووجدت أنّ الاحتلال الإسرائيليّ، والمنصّات الرقميّة، والجهات الفلسطينيّة الرسميّة، إلى جانب الأفراد والشركات التجاريّة الخاصّة، كلّها تنتهك الحقوق الرقميّة وتشكل تهديد، وعكست في نتائجها وجود فجوة كبيرة في الوعي والمعرفة بقضايا وممارسات الأمان الرقميّ عن المستخدمين/ات، مما يجعلهم عرضة للهجمات والتهديدات الرقميّة المتنّوعة.
يدرك المستخدمون/ات الفلسطينيين/ات لشبكة الإنترنت أنها غير آمنة، خاصة عند التعامل مع المواضيع السياسّية الداخليّة والخارجيّة المرتبطة بالسياق الفلسطيني. إن التعرض للتهديدات والهجمات الرقميّة دفع بعض المستخدمين/ات للتعلّم والتعرّف على سبل الحماية والوقاية منها، في حين يفتقر آخرون لأي معرفة ببرامج الحماية. دلت بعض نتائج الدراسة أن 50% من المستطلّعين/ات تعرضوا لهجمات مثل "انتحال الشخصيّة"، فيما تعرض 55% منهم لهجمات أو اعتداءات مثل "التحرّش" و"الترصّد الإلكتروني". إن 60% من المستخدمين/ات يشعرون بالخوف والقلق والتوتّر وعدم الأمان مما يدفعهم/ن لممارسة الرقابة الذاتّية، بالإضافة إلى الضغوط الاجتماعية التي تجبرهم على كتم أصواتهم/ن وحذف منشوراتهم/ن.
تطرّقت نتائج الدراسة إلى أزمة الثقة التي يعاني منها المجتمع، حيث إنّ بعض المعتدين رقميا هم أفراد من دوائر اجتماعيّة محيطة بالمستخدِمين/ات، ومن جهة أخرى لا توجد ثقة كافية لدى الضحايا باللجوء لجهات الاختصاص الرسميّة للتعامل مع المعتدين ومعاقبتهم إن لزم الأمر، حيث إن خيار المستخدِمين/ات الأخير هو التوجّه للشرطة بصفتها جهة تنفيذ القانون، وعادة ما يفضّلون اللجوء للأهل والأقارب. كما كشفت النتائج أن ما يقارب نصف المستخدمين/ات، قد تعرضوا للمساءلة والتحقيق من جهات أمنيّة إسرائيليّة أو سمعوا عن أفراد تعرضوا لها، وحوالي ثلثهم تعرضوا للمساءلة والتحقيق من جهات أمنية فلسطينية أو سمعوا عن أفراد تعرضوا لذلك. وفي النهاية، أظهرت الدراسة أنّه مع بدء الحرب الإسرائيليّة على قطاع غزّة بعد السابع من أكتوبر 2023، دخلت الحالة الرقميّة الفلسطينيّة إلى واقع جديد، من حيث ممارسات المنصّات الرقميّة بحقّ المحتوى الرقميّ الفلسطينيّ وسياسات الرقابة وتقليل الوصول، وحذف المنشورات، وهو ما أدّى إلى تراجع مشاركة الشباب السياسيّة الفعّالة على الشبكات الاجتماعيّة، حيث أفاد 39% من المستطلَعين/ات أنهم تعرضوا لضغوطات اجتماعيّة لحذف منشوراتهم/ن، بينما قال 50% منهم/ن أن سياسات التضييق على النشر خفّضت من نشاطهم الرقميّ.
علق مهدي كرزم، منسق المشاريع في مركز حملة، على أهمية نتائج الدراسة قائلًا: "تُظهر الدراسة التي أصدرها مركز حملة حول واقع الشباب الفلسطيني، كيفية تأثير التهديدات الرقمية على حياتهم اليومية، حيث تكشف عن قصص حقيقية لشباب وشابات يواجهون تحديات مستمرة بسبب التهديدات والهجمات الإلكترونية والرقابة المشددة. هذه التهديدات تشمل سرقة المعلومات الشخصية وتقييد حرية التعبير، مما يعزز الشعور بالقلق والخوف. الدراسة تسلط الضوء أيضًا على الحاجة الملحة لتعزيز الأمان الرقميّ وتطوير استراتيجيات فعّالة لحماية البيانات الشخصية، لضمان بيئة رقمية آمنة وحرّة للشباب الفلسطيني. نحن في مركز حملة نعمل على رفع الوعي وتطوير حلول فعّالة لمواجهة هذه التحديات وتحسين حقوقهم الرقمية." قدّمت الدراسة، مجموعة من الاقتراحات التي يمكن العمل عليها، كالتعاون المؤسساتي المجتمعي لتعزيز الأمان الرقمي عبر تفعيل مواقع بديلة وتقديم الدعم المهني الشامل، وتطوير جهود توعوية تواكب التحولات الرقمية والتفكير بإنشاء مؤسسات مختصة في الجرائم الإلكترونية، وتحديث المنهاج التربوي الفلسطيني، لمواجهة التحديات الرقمية المتزايدة، بالتوازي مع الدعم الدولي الذي يعمل على تعزيز التربية الإعلامية.