ضيف الراية
الدكتور محمد الحميدي.. 40 عاما لأجل العمل البيئي في فلسطين
خاص - راية
يواصل الدكتور محمد الحميدي، تكريس حياته لأجل البيئة في فلسطين، إذ لم يتوقف على مدار الـ40 سنة الماضية، عن العمل والاجتهاد بلا كل ولا ملل.
د. الحميدي المؤسس الرئيس لعدة مؤسسات بيئية في فلسطين، تحدث لبرنامج (ضيف الراية) عبر (رايــة) عن هذه المؤسسات ومشوار حياته، متطرقا إلى الواقع البيئي الصعب بالضفة وغزة.
من هو د. الحميدي
الحميدي أسس قبل قدوم السلطة عام 1980، وحدة صحة المجتمع في جامعة بيرزيت، حيث شكلت حينها حلقة وصل بين المجتمع المحلي الأهلي والأكاديمي؛ لإيجاد بديل عن عدم وجود سلطة ورابط بين المجتمع.
وقال: "كنا في ذلك الوقت، الرابط بين القطاع الأهلي والأكاديمي وأنتجنا نشرة بيئية اسمها (بيئتنا حياتنا) كُتبت بخط اليد، وأسسنا مختبرا لفحوصات المياه لتوفير خدمة جودة المياه على مستوى الوطن، وبعد ذلك قمنا بعمل فحوصات لآبار الشرب على مستوى فلسطين للوقوف على مستوى المخزون المائي الفلسطيني حال كان هناك أزمات".
وأضاف: "عام 1994 أنشأنا الإدارة العامة للتخطيط البيئي في وزارة التخطيط والتعاون الدولي، بهدف إيجاد نواة لسلطة أو وزارة البيئة، ثم توفير الدعم التقني والفني للمفاوض الفلسطيني".
وبحسب الحميدي، كانت هذه الإدرة توفر البيانات للمفاوض الفلسطيني من العدم، وفي تلك الفترة أنجزنا أساسيات العمل البيئي الفلسطيني مثل القانون واستراتيجيات البيئة والنفايات الصلبة، ثم حولت الإدارة إلى سلطة جودة البيئة، وكانت الأساس في إيجاد العديد من آليات العمل والمراقبة البيئة.
وتابع: ثم كانت مرحلة تأسيس، الجمعية الفلسطينية للطاقة الشمسية والمستدامة "سي اتش اف"، وفي العام 2010 أنشأنا شركة تدوير فلسطين، وكانت الشركة الاولى بهذا الحجم لتدوير النفايات الصلبة، إذ تأسست في نابلس مع شركة أخرى في جنين، ولو قدر لها أن تستمر لأوجدت العديد من الحلول للواقع الراهن".
د. الحميدي الذي تخرج من جامعات المملكة المتحدة، تطرق إلى عمله في عدد من الدول العربية، وهي العراق والأردن والإمارات.
وقال: "عملت في العراق بعد الحرب الأولى والثانية كمدير للإعمار في جنوب وغرب البلاد. وكان لهذه التجربة فائدة عظيمة".
أما الإمارات، فقد أبدى إعجابه الشديد بما شاهد من إشراك للقطاع الخاص في العمل البيئة، حيث تقوم الحكومة بتوفير كل الإمكانيات لهم، الأمر الذي يتمنى أن يراه في فلسطين قريبا.
ولخص تجاربه بالقول: "في كل هذه الدول حيثما يوجد قانون ويطبق كان هناك تكاتف ومواطنة وانتماء ودخول القطاع الخاص بكل أريحية للعمل البيئي".
وتطرق الحميدي إلى مجلس تنظيم قطاع المياه الذي أسسه قبل عشر سنوات وعمله السابق والحالي، حيث بدأ العمل نتيجة عمل دؤوب لسلطة المياه الفلسطينية للوقوف على حالة وخدمات المياه في فلسطين.
ويعتبر الحميدي خبيرا في السياسات الاستراتيجية للمياه والبيئة، ولديه خبرة مهنية واسعة اكتسبه من عمله في فلسطين والدول العربية، علما أنهانخرط في بناء مؤسسات إدارة النفايات والبنية التحتية والأمن الغذائي وتوفير فرص العمل وبرامج تحسين البيئة والتدريب المهني وغيرها، بالإضافة إلى تقديمه تقارير وأبحاث في المؤتمرات الدولية المختلفة.
الاحتلال سبب الأزمات
وفي سياق متصل، اعتبر د. الحميدي أن الاحتلال الإسرائيلي هو السبب الأول والوحيد للتدهور البيئي في فلسطين، بالإضافة إلى بعض أنشطة المواطنين التي قد تؤثر وتؤدي إلى ضعف البنية التحتية، إلى جانب ضعف التمويل الاقتصادي.
وقال: "كل مشكلة بيئية في فلسطين، الاحتلال يكون طرفا وسببا فيها".
وأشار إلى أن الوضع البيئي في الضفة صعب، لكن في قطاع غزة أصعب بمراحل نتيجة تواصل حرب الإبادة الجماعية من قبل الاحتلال للشهر العاشر على التوالي.
وقال: "فلسطين كانت من أغنى الدول في التنوع الحيوي، لكن حاليا لا أستطيع قول ذلك، ففي غزة هناك دمار وموت وشاطئ بحر ملوث حتى قبل العدوان، ولا يسمح الاحتلال بإدخال المواد اللازمة لبناء محطات الصرف الصحي والمكبات محدودة ومغلقة باستمرار نتيجة الخطر الإسرائيلي".
وأضاف: "اليوم اختلطت الجثث مع الردم والنفايات في غزة، والمياه الجوفية متهالكة وكان 97% منها لا يصلح للاستخدام الآدمي قبل الحرب، فكيف الآن؟!".
وتابع د. الحميدي: "كل ما ألقي من مقذوفات على غزة ستجد طريقها إلى التربة والمياه الجوفية والسلة الغذائية. لا أعتقد أن هناك مياه جوفية صالحة بغزة الآن والتربة متهالكة".
وأردف قائلا: " لا أعتقد أن هناك بقعة جغرافية في العالم حاليا بها تلوث كما في غزة".
واستدرك: "لكن إذا توقف العدوان شعبنا قادر على خلق المعجزات رغم أننا بحاجة إلى مبالغ مالية طائلة، إلا أن شعبنا لديه إرادة للحياة، وهذا كفيل بإعادة الإعمار في سنوات أقل بكثير مما تنقل الجمعيات العالمية وحتى الامم المتحدة، فشعبنا لن ينتظر 15 عاما لإزالة الركام بل سيبدأ من اليوم الأول وسيقوم باعادة الإعمار سريعا".
وتطرق د. الحميدي عن الوضع البيئي والأزمة المائية بالضفة، وقال إن الاحتلال يمنع وصول كميات كافية من المياه للشعب الفلسطيني كعقوبة لأسباب سياسية.
ولفت إلى أن سلطة المياه الفلسطينية تقوم بكل جهد ووضع سياسات وسيناريوهات وآليات للخروج من هذا المأزق. وقال: "من خلال حديثي مع وزير سلطة المياه هناك رؤية واضحة للعمل والخروج من المأزق..".
وأشاد بارتفاع درجة الوعي البيئي لدى شعبنا، مشددا على أهمية مواصلة العمل المشترك وصولا إلى أفضل النتائج وللحفاظ على البيئة والمياه في فلسطين.