خلال جلسة عقدها ائتلاف أمان لمناقشة تقرير بعنوان "الشفافية في إدارة إيرادات الوقف الإسلامي في فلسطين"
إنشاء المجلس الأعلى للأراضي الوقفية وسيلة لضمان الاستخدام الأمثل للموارد الوقفية
عَقَدَ الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان) جلسة لنقاش مسودة تقرير بعنوان "الشفافية في إدارة إيرادات الوقف الإسلامي في فلسطين"، والتي تهدف إلى التعرف على مستوى الالتزام بمبادىء الشفافية في إدارة إيرادات الوقف الإسلامي، وتقديم توصيات عملية لتعزيز الشفافية وتحسين الإجراءات والسياسات المتعلقة بإدارة إيرادات الوقف الإسلامي في فلسطين بشكل شفاف.
استهلت الجلسة مديرة العمليات في ائتلاف أمان، هامة زيدان، موضحة أن وزارة الأوقاف تقوم بإدارة مال عام، حيث تعتبر الأصول والممتلكات التابعة للوقف جزءًا من ثروة المجتمع وموجوداته العامة، ويمكن توظيفها بطريقة تخفف من العبء المالي على موازنة الدولة، على نحوٍ يُسهم في تطوير الخدمات العامة التعليمية والاجتماعية والصحية. ونوّهت زيدان بدورها أن التقرير لم يأت على تقييم أداء المؤسسة أو العاملين فيها، وإنما يقوم على وضع التدابير الوقائية للوقاية من الفساد، مركزا بذلك على مدى الشفافية في إدارة إيرادات الوقف الإسلامي فقط، وأشارت أن ذلك يأتي انسجاما مع استراتيجية أمان التي تقوم على بناء نظام نزاهة وطني في المؤسسات العامة، مؤكدة على أهمية تصويب وضع الشفافية من خلال اعتماد النشر والانفتاح على المواطنين، على أن يحدد لاحقاً وفي تقارير أخرى مواطن القصور الأخرى من أجل ضبطها ومعالجتها.
استعرض الباحث الدكتور كايد طنبور التقرير، مبتدئاً بشموله على التشريعات الفلسطينية الناظمة لإدارة إيرادات الوقف الإسلامي في فلسطين، وأهمها قانون الأوقاف والشؤون الإسلامية رقم (26) لسنة 1966 وتعديلاته، والأنظمة واللوائح، وقرارات مجلس الوزراء الفلسطيني، مشيراً إلى قِدَم التشريعات التي قد تشكل عائقاً أمام تعزيز الشفافية، وعمل الوزارة بشكل عام. كما تضمن باستعراضه ما عرّج عليه التقرير، من واقع الشفافية في البيئة المؤسساتية والتنظيمية والإجراءات العملية لإدارة الأملاك الوقفية في فلسطين.
إنشاء المجلس الأعلى للأراضي الوقفية وسيلة لضمان الاستخدام الأمثل للموارد الوقفية
تم خلال اللقاء الإشارة إلى صدور قرار من مجلس الوزراء الفلسطيني بتشكيل مجلس أعلى للأراضي الوقفية، والذي من شأنه أن يساهم في تعزيز شفافية إدارة إيرادات الوقف الإسلامي وتطبيق مبادئ الحوكمة الرشيدة، غير أن المجلس لم ير النور حتى تاريخه، وذلك يعود إلى عدم إصدار مجلس الوزراء نظام خاص بتشكيله. أجمع المشاركون على أهمية إنشاء مجلس أعلى للأراضي الوقفية، كخطوة نحو تعزيز الشفافية والمساءلة، ووسيلة لضمان الاستخدام الأمثل للموارد الوقفية، بما يحقق الفائدة القصوى للمجتمع، ويعزز من الأهداف الإنسانية والدينية للأوقاف.
الحاجة إلى تعزيز منظومة الشفافية في إدارة إيرادات الوقف الاسلامي في فلسطين
بمناقشة مؤشرات الشفافية في إدارة إيرادات الوقف الإسلامي في فلسطين يظهر جليا فيها الضعف العام. فمن خلال فحص 16 مؤشرا حول مبادئ ومتطلبات الشفافية ووفرة الوثائق المنشورة وإتاحتها لعامة المواطنين، حازت 9 مؤشرات على مستوى شفافية منخفض، وهي: وجود موقع الكتروني فعال للوزارة او للدائرة، يمكّن المواطنين من الاطلاع والحصول على معلومات حول إدارة إيرادات الأملاك الوقفية، ونشر الموازنة الخاصة بإيرادات وأرباح ونفقات الأملاك الوقفية للجمهور بشكل مطبوع أو عن طريق النشر في الموقع الالكتروني للوزارة، ونشر تقارير مالية دورية عن أرباح وإيرادات ونفقات الأملاك الوقفية للجمهور بشكل مطبوع أو عن طريق النشر في الموقع الالكتروني للوزارة، ونشر سجل يشمل الممتلكات الوقفية (أغلبها أراضي مصنفة جيم) للجمهور بشكل مطبوع أو عن طريق النشر في الموقع الالكتروني للوزارة، ووجود أدلة إجرائية توضح إجراءات العمل لإدارة إيرادات الأملاك الوقفية، ووجود إجراءات كافية متبعة من قبل الوزارة لتحصيل الذمم والمستحقات المالية المستحقة على الآخرين، ووجود منشورات توعوية أو أدلة عمل توضح الإجراءات الواجب اتباعها لأي مواطن يرغب في استئجار أي من الممتلكات الوقفية أو إنشاء وقف، وقيام وزارة الأوقاف بتقديم تقريرها السنوي حول ميزانيات الأملاك الوقفية إلى مجلس الوزراء بشكل دوري ومنتظم، ونشر الميزانية الختامية السنوية (المدققة من مدقق قانوني، ديوان الرقابة المالية والإدارية) للجمهور بشكل مطبوع أو عن طريق النشر في الموقع الالكتروني للوزارة.
في حين حازت 7 مؤشرات على مستوى شفافية متوسط، وهي: وجود قاعدة بيانات دقيقة وشاملة للممتلكات الوقفية في وزارة الأوقاف، ما يؤدي إلى دقة البيانات وسهولة الوصول إليها، ووجود تنظيم لحسابات الأملاك الوقفية طبقاً لمبادئ المحاسبة الحديثة، ووجود نظام محاسبي محوسب متطور يواكب الثورة التكنولوجية ويسهم في فاعلية إدارة إيرادات وارباح الأملاك الوقفية، ووجود خطة استراتيجية للاستثمار في الأملاك الوقفية منشورة للجمهور بشكل مطبوع أو عن طريق النشر في الموقع الالكتروني للوزارة، ووجود إجراءات ممنهجة وواضحة في الوزارة يتم من خلالها ملاحقة المتخلفين عن سداد المبالغ المستحقة عليهم، ووجود توثيق وحصر شامل ودقيق للاعتداءات الواقعة على الأملاك الوقفية، وتوثيق طلبات الاستئجار كتابياً والكترونياً بموجب محاضر رسمية توقع حسب الأصول.
بدورها، وضّحت رئيسة وحدة الاستثمار والمشاريع في وزارة الأوقاف، إيمان أبو عمرة، أن الوزارة تعمل ما بوسعها للإعلان عن أي مزاد في الصحف اليومية، وأن لدى وزارة الأوقاف خطة عمل لجميع المحافظات في مراكز المدن، تم العمل عليها في السنتين الماضيتين، لكن حرب الإبادة المستمرة على القطاع قد عطّلت من المضي قدماً بها، متأملة نشرها في القريب العاجل.
وقد أشار مدير عام النزاهة والوقاية من الفساد في هيئة مكافحة الفساد، عبد الله عليان، بأنه يجدر العمل أكثر على التدابير التي تقي المواطن من الضلوع بأي شبهة فساد، مؤكدا أن الهيئة بصدد نشر دراسة حول النزاهة والحوكمة في عمل وزارة الأوقاف، حيث شملت الدراسة موضوعي الحج والعمرة والأملاك الوقفية. وأثار عليان سؤالا حول حجم إيرادات وزارة الأوقاف، وإذا ما كان يترتب عليه وجود هيئة مستقلة تديره، وتشرف على الاستثمار فيه.
قصور في عدم إقرار الموازنة الخاصة بإيرادات الوقف الإسلامي
سلّط التقرير الضوء على عدم إقرار الموازنة الخاصة بإيرادات الوقف الإسلامي من مجلس الوزراء، حيث اكتفى بتضمينها فقط في كتاب الموازنة العامة دون تفاصيل، كما لم يتم نشر الموازنة العامة الخاصة بإيرادات الوقف الإسلامي التي تشرف عليها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، ولم يتم أيضا إعداد الحساب الختامي لإيرادات الوقف الاسلامي وتدقيقه من مدقق حسابات قانوني معتمد أو من ديوان الرقابة المالية والإدارية.
على وزارة الأوقاف الإسلامية إعداد الحساب الختامي واعتماد موازنة خاصة لإيرادات الوقف الإسلامي
أجمع المشاركون على التوصية الواردة بالتقرير، ومفادها قيام وزارة الأوقاف بإعداد حساباً ختامياً لكل سنة خاص بإيرادات الوقف الإسلامي، وتدقيقه من مدقق حسابات قانوني معتمد أو من ديوان الرقابة المالية والإدارية، واعتماد الموازنة الخاصة بإيرادات الوقف الإسلامي من مجلس الوزراء عملا بأحكام القانون لسنة 1966 وتعديلاته، إضافة الى اعتماد نظام مالي خاص بإدارة إيرادات الوقف الإسلامي فيما يتعلق في إعداد المطالبات المالية الخاصة بالنفقات، والإجراءات المتبعة في إثبات الإيرادات ومتابعة تحصيلها في مواعيدها، إضافة إلى التزام وزارة الأوقاف بنشر تقارير دورية مالية، تحتوي على معلومات موثوقة ومفيدة عن إيرادات الوقف الاسلامي، وإتاحة الفرصة للجمهور في الاطلاع على البيانات المتعلقة بالأملاك الوقفية واستثماراتها وميزانيتها من خلال نشرها وإتاحتها للعموم بكافة السبل.
وقد أشار مدير الخدمات الاجتماعية في ديوان الرقابة المالية والإدارية، مصطفى دويكات، أن الديوان يقوم عادة بالعمل مع وزارة الاوقاف على رصد موسم الحج، لافتاً أنه يجدر على وزارة الأوقاف عمل الحساب الختامي الخاص بها، ليقوم الديوان بتدقيقه تباعاً.
نشر الإيرادات المتحققة على الموقع الالكتروني
ومن مجموعة التوصيات التي أدلى بها التقرير، بأن تقوم وزارة الأوقاف بوضع أدلة إجرائية توضح إجراءات العمل في الدوائر المتعلقة بإدارة إيرادات الأملاك الوقفية، وأن تقوم الوزارة أيضا بتوثيق وتسجيل كافة الحجج الوقفية لممتلكات الأوقاف داخل فلسطين، أو تلك التي سجلت ووثقت خارج فلسطين، ناهيك عن رفد الموقع الالكتروني للوزارة بمعلومات وافية عن إيرادات الوقف الإسلامي المتحققة، وأن تلتزم الوزارة الأوقاف بنشر منشورات توعوية، أو أدلة عمل توضح الإجراءات الواجب اتباعها لأي مواطن يرغب في استئجار أي من الممتلكات الوقفية أو إنشاء وقف.
وقد أشار المحامي علاء بدارنة، المستشار القانوني لمؤسسة حريات، إلى أهمية المراقبة ومتابعة الأراضي الوقفية المستأجرة، من حيث استخدامات الأرض للمنفعة العامة، كما أثار أهمية فحص مسألة تضارب المصالح لمستأجري الأراضي، وإلزام الموظفين الحكوميين بالإفصاح والتبليغ، مشددا بدوره على إلغاء اتفاق الاستئجار في حال تبيّن أن الأرض أو العقار لم يستصلح لمصلحة عامة بعد مضيّ عام عليه، حسبما جاء في القانون.
وسيتابع ائتلاف أمان مع الجهات الرسمية ما جاء من توصيات في التقرير المذكور لتعزيز الشفافية في إدارة أموال الوقف بغية تبنيها وتطبيقها، إضافة الى ضرورة اتخاذ اجراءات وتدابير وقائية، لتحصين أموال الوقف من أي فرص للفساد أو إساءة الاستخدام.