التعاون تقود سلسلة لقاءات فنية متخصصة
الخدمات الصحية و الرعاية الطبية في قطاع غزة خلال وما بعد العدوان- تحديات وحلول
عقدت مؤسسة التعاون بالشراكة مع مدرسة الطب، ومركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة هارفارد، والجامعة الأمريكية في بيروت، وآخرون، سلسلة لقاءات فنية متخصصة في الفترة من 27 إلى 29 تموز/ يوليو 2024 في العاصمة الأردنية عمّان، وبالتزامن مع المشاركة من العاصمة المصرية القاهرة، وكذلك عبر الفضاء الافتراضي، وبمشاركة العديد من المؤسسات المحلية الفلسطينية المتخصصة ومؤسسات دولية وأممية.
وعلى مدى ثلاثة أيام ناقش المشاركون التحديات التي تواجه تقديم خدمات الرعاية الصحية في قطاع غزة خلال وما بعد العدوان، وذلك في ظل انهيار خدمات القطاع الصحي، وتدمير بنيته التحتية نتيجة العدوان. والتقديرات باحتياج المنظومة الصحية الحالية من المستشفيات والمراكز الصحية- التي تعرضت للتدمير - إلى فترة زمنية طويلة للقدرة على التعافي واستئناف العمل لتقديم خدمات الرعاية الطبية الأساسية للمواطنين، مما يستلزم ضرورة ايجاد بدائل تساهم في تقديم الرعاية الطبية للمواطنين خلال الفترة الزمنية اللازمة لتعافي منظومة العمل الصحي في القطاع، وبما يتناسب مع ظروف العمل المستقبلية التي لاتزال غير واضحة.
وقد تدارس المشاركون فرص تبني الرعاية الصحية من خلال منظومة لامركزية لوحدات وعيادات طبية متنقلة كأحد الحلول التي قد تساهم في الاستمرار في تقديم خدمات الرعاية الطبية بأنواعها المختلفة.
كما استعرض المشاركون بعض التجارب المحلية والدولية ذات العلاقة بنظام وحدات الرعاية الطبية المتنقلة، بما يشمل ايجابيات وسلبيات هذه النماذج، وفرص تطبيقها وتطويرها بما يتناسب مع ظروف العمل في قطاع غزة خلال وما بعد انتهاء العدوان.
وأكد المشاركون على قدرة المؤسسات الصحية الفلسطينية على تبني وتنفيذ نهج الرعاية الصحية من خلال منظومة لامركزية لوحدات وعيادات طبية متنقلة في قطاع غزة. مع ضرورة توفير الموارد المطلوبة لذلك بما يشمل التمويل والدعم الفني، إلى جانب أهمية العمل على تطوير قدرات ومهارت العاملين في الرعاية الصحية والطبية بمجالاتها المختلفة بما يتناسب مع طبيعة عمل الوحدات المتنقلة واحتياجات الجمهور بما يشمل المستجدات المترتبة على نتائج العدوان من إصابات وإعاقات وانتشار لأوبئة وأمراض معدية.
وبرز خلال النقاش أهمية العمل على ايجاد جسم وآلية لتنظيم جهود المؤسسات العاملة ضمن منظومة الرعاية الطبية المتنقلة، تضمن التنسيق فيما بينها في ظل إطار حوكمة يضم جهات الاختصاص الفلسطينية ذات العلاقة. هذا إلى جانب ضرورة العمل على تكثيف ممارسات المناصرة والضغط على المجتمع الدولي للمساهمة في وقف إطلاق النار، والسماح للمؤسسات الإنسانية والصحية بممارسة مهامها لخدمة المواطنين في قطاع غزة في ظروف عمل مناسبة وآمنة.
كما وتناولت اللقاءات أيضا العجز الكلي تقريباً في توفير خدمات مياه الشرب وتوفر خدمات الصرف الصحي، مما تسبب في انتشار الأمراض والأوبئة بشكل سريع وكبير تسبب في زيادة الضغط على خدمات القطاع الصحي، وقد تم استعراض بعض المقترحات التي يمكن دراستها من قبل الجهات المختصة كبعض الحلول المؤقتة إلى حين التمكن من تأهيل المرافق الأساسية اللازمة لاستئناف الخدمة بشكل مناسب.
كما استعرض اللقاء النتائج الكارثية للعدوان المستمر على بعض فئات المجتمع الفلسطيني المهمشة، والتي منها الأطفال الأيتام الذي يقدر عددهم بما يزيد عن 25,000 يتيم، حيث عرضت مؤسسة التعاون نبذة عن برنامج رعاية الايتام الشمولي الذي أطلقته حديثاً استمراراً لتجاربها المتميزة في هذا المجال، وقد بدأت بتنفيذه بالشراكة مع عدد من المؤسسات الفلسطينية، ليقدم مجموعة متكاملة من الخدمات التي تشمل الرعاية الصحية والرعاية الاجتماعية والتعليم والحماية والدعم النفسي والاحتياجات الإنسانية
من الجدير ذكره أن قطاع غزة يتعرض لأزمة إنسانية غير مسبوقة خلال الأشهر التسعة الماضية وعدوان مستمر تسبب في استشهاد ما يقارب 40,000 شخص، من بينهم حوالي 24,000 امرأة وطفل، وجرح ما يزيد عن 90,000 آخرين. كما يعيش أكثر من 1.7 مليون فلسطيني، أي 75٪ من السكان حاليًا كنازحين داخل القطاع، ويعاني قطاع الصحة من الانهيار شبه الكامل مع تضرر أو تدمير ما يقرب من 84٪ من المنشآت الصحية، بما في ذلك 29 مستشفى ومركز صحي.وقد أدى النقص الحاد في الأدوية والإمدادات الطبية، والكوادر الصحية إلى تفاقم الأزمة وتدهور الخدمات الصحية الأساسية المقدمة للمواطنين بما يشمل علاج الأمراض المزمنة، والصحة النفسية، وصحة الأمومة والطفولة، والاحتياجات الجراحية، وإدارة الأمراض المعدية.
يأتي هذا اللقاء ضمن سلسة من اللقاءات التخصصية التي تقودها مؤسسة التعاون في قطاعات مختلفة، بمشاركة ذوي الاختصاص من جهات فلسطينية ودولية، بغرض نقاش وعرض وجهة النظر الفلسطينية حول الاحتياجات وأوليات التدخل لإعادة بناء قطاع غزة وتطوير الخدمات في الضفة الغربية بما يتناسب مع الواقع الفلسطيني.
"التعاون" مؤسسة أهلية غير ربحية تأسست في جنيف عام 1983 بمبادرة من شخصيات اقتصادية وفكرية فلسطينية وعربية. تُعد المؤسسة اليوم من أكبر المؤسسات العاملة في فلسطين ومخيمات اللاجئين في لبنان، حيث تصل خدماتها لأكثر من مليون فلسطيني سنوياً، نصفهم من النساء، باستثمار ما يزيد عن 920 مليون دولار منذ تأسيسها في تنفيذ البرامج التنموية والإغاثة في مناطق عملها.