واشنطن بوست: زيارة نتنياهو كشفت التناقض بين ما تراه إدارة بايدن وما تخلقه إسرائيل من واقع في غزة
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا أعدته أبيغيل هاولونر ولويزا لافلاك، قالتا فيه إن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن كشفت عن غياب خطة عملية للسلام.
فخطة “اليوم التالي” هي مكون رئيسي من رؤية الرئيس جو بايدن للحل، فيما يرى المشرعون أنها لا تزال حلما بعيد المنال.
ولاحظت الصحيفة أن التصفيق الحاد في الكونغرس يوم الأربعاء، كان في أعلى تجلياته عندما تحدث نتنياهو عن “النصر الكامل” وعن تصميم الأسرى وتحملهم لدى حماس، ولم يقف إلا قلة عندما تحدث عن “رؤيته” لمستقبل المناطق الفلسطينية.
وبالنسبة للقلة من الديمقراطيين الذين حضروا الخطاب، فلم يقدم جديدا عما يعرفونه أصلا. وبحسب النائب الديقمراطي عن كولورادو، جيسون كراو، قال: “من السخافة بمكان الاعتقاد أن تكرار الشيء نفسه سيفضي إلى نتيجة مختلفة”.
فبعد 10 أشهر تقريبا، ووسط إحباط الإدارة الأمريكية وعزلة إسرائيل على المسرح الدولي، لم يقدم نتنياهو أية تنازلات، ولم يكن هناك حديث عن حكم ذاتي للفلسطينيين ولا مناقسة للحقوق الفلسطينية في العيش بحرية، ولا محاولة لمعالجة المظالم التي غذت عقودا من الغضب الفلسطيني تجاه إسرائيل. وبدلا من ذلك، تحدث نتنياهو عن غزة “منزوعة السلاح وخالية من التشدد” وتحت السيطرة الإسرائيلية “في المستقبل المنظور”.
وعلق السناتور الديمقراطي عن فيرمونت، بيتر ويلتش، الذي راقب خطاب نتنياهو من شاشة التلفاز في مكتبه، حيث كان واحدا من أكثر 50 ديمقراطيا قاطعوا الخطاب: “هذه هي لحظة للزعيم الإسرائيلي كي يضع رؤيته للمستقبل، ولكنه لم يفعل ولم يقدم خريطة طريق” ولم يتغير أبدا.
وتضيف الصحيفة أن إدارة بايدن عملت وعلى مدى عدة أشهر على صفقة طموحة لوقف إطلاق النار من ثلاث مراحل تؤدي لوقف الحرب. وقبل زيارة نتنياهو، كانت الإدارة تقول إن التوصل لاتفاق بات “قريبا جدا”. وقالت إن المرحلة المقبلة ستكون التفاوض للعثور على نهاية للحرب وانسحاب إسرائيلي كامل من القطاع، وعودة ما تبقى من أسرى.
وستكون المرحلة الثالثة هي بناء حكم في غزة ومسار نحو الدولة الفلسطينية، وهو الكفيل بحل النزاع. وإذا كان حل الدولتين غير وارد في خطاب نتنياهو قبل حرب تشرين الأول/ أكتوبر، إلا أن تعليقاته الأخيرة لم تترك أي مجال للشك في أن نتنياهو قد غيّر من موقفه.
ويقول السناتور الديمقراطي عن كونيكتيكت، كريس ميرفي، ورئيس لجنة فرعية في لجنة القوات المسلحة: “من الواضح أنه لم يتحدث عن خطة طويلة الأمد للفلسطينيين، لأن نتنياهو نبذ وبشكل عملي الدولة الفلسطينية. أعتقد أن خطته منذ وقت طويل هي ألا يكون لديك خطة قابلة للتطبيق”.
وبات الليبراليون الديمقراطيون في الكونغرس والذي يشعرون بإحباط من سلوك إسرائيل، يعتقدون أن الأخيرة أغلقت الباب على المرحلة الثانية من خطة السلام.
وكشفت صور الأقمار الاصطناعية وشهادات جنود الاحتلال وتعليقات القادة الإسرائيليين عن أن إسرائيل تخطط لبقاء طويل الأمد في غزة.
وفي الأشهر الأخيرة، عززت إسرائيل الخط الإستراتيجي الذي أطلق عليه محور نتساريم والذي يقسم غزة إلى نصفين، ويسمح بنشر سريع لقوات الاحتلال في كل غزة. وقامت القوات بهدم البيوت وتجريف الأراضي الزراعية لتوسيع المنطقة العازلة على الحدود مع غزة. وتحدث قادة جيش الاحتلال عن “حرية كاملة للعمليات” على طول حدود غزة مع مصر. لقد حوّلوا التراب والأنقاض إلى سواتر دفاعية، وبدأوا في بناء القواعد العسكرية وتحويل المباني التي استولوا عليها إلى أغراض عسكرية أخرى.
وحتى مع إعلان إدارة بايدن عن قرب التوصل لاتفاق بين إسرائيل وحماس، اعترف المسؤولون الإسرائيليون أن نتنياهو واصل تقديم مطالب جديدة للمفاوضين. ودعت كامالا هاريس، المرشحة المفترضة للحزب الديمقراطي بعد لقائهما يوم الخميس عن ضرورة التوصل لصفقة وإنهاء الحرب.
وردّ إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي الذي يدعو مع متشددين في حكومة نتنياهو مثل وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش إلى عودة الاستيطان، على هاريس بأنه “لن تكون هناك هدنة”.
ويقول المحللون إن بقاء نتنياهو السياسي يعتمد على الرجلين، إلا أن التناقض بين تفاؤل الإدارة في واشنطن وما يجري في غزة حير المحللين في واشنطن. وألمحت إدارة بايدن في الأشهر الأخيرة إلى دور عربي في غزة وكذا تحمل السلطة الفلسطينية المتجددة مسؤولية فيها.
وهذا على خلفية تحدي نتنياهو وحكومته لواشنطن وتسريع عمليات بناء المستوطنات وتوسيعها في الضفة الغربية. وقالت بربارة ليف، مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى: “سؤال ماذا سيحدث بعد النزاع هو ما نناقشه بكثافة في الأشهر الأربعة أو الخمسة الأخيرة مع شركائنا العرب ومع الفلسطينيين والحكومة الإسرائيلية”. واعترفت ليف بأن السلطة الفلسطينية تعاني من أزمة مالية، لأن إسرائيل تسيطر على تدفق الموارد وقيدتها منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر.
ويقول يوسف مناير من المركز العربي بواشنطن إن “العالم العربي يشعر بالرعب مما يجري”، مشككا بالخط الذي اختطه الرئيس بايدن و”فكرة أنك ستقوم بتحويل مفتاح وانتظار صفقة مهمة، لا أعرف إلى أي كوكب تنظر”.