رام الله: "القطان" و"إنعاش الأسرة" تفتتحان معرض "نسل المنسوج – المرأة، الأمة، التحرر"
افتتحت مؤسسة عبد المحسن القطان، بمقرها في رام الله، وبالتعاون مع جمعية إنعاش الأسرة، اليوم 27 تموّز 2024، معرض "نسل المنسوج – المرأة، الأمة، التحرر"، الذي يستحضر تجربة جمعية إنعاش الأسرة (1965 – الآن)، ويتعمق في أرشيفها كفرصة للبحث الجماعي في التغيرات القيمية والسياسية للمجتمع الفلسطيني، والحركات النسائية، ودورها في النضال من أجل التحرر.
يجمع المعرض، الذي يستمر حتى 31 تشرين الأول المقبل، في تكوينات مختلفة، صوراً من أرشيف الجمعية الممتد منذ 60 عاماً، إلى جانب مجموعة من الأعمال الفنية -لكل من رزق إبراهيم، وسليمان منصور، وعبد الله معطان، ومايا خالدي، وميساء ضو، وجيبوس-، التي تفكك وتنسل تأثر هذه التجربة بمعاصرتها لمراحل سياسية متباينة، ومعايشة خبرات وقصص عديدة، للنظر في ما نما وتشكل عن ذلك من فكر، في سياق حالة واحدة عامة وممتدة، وهي العمل من أجل تحرير شعب محتل، معتقل ومشرد.
وبعد دقيقة صمت على أرواح شهداء فلسطين، استهلت المديرة العامة لمؤسسة عبد المحسن القطّان فداء توما، كلمتها في حفل افتتاح المعرض قائلة: "ربما لم يكن العالم معقداً في العام 1965 (عندما أسست سميحة خليل وشريكاتُها جمعية إنعاش الأسرة) كما هو اليوم، وربما عاشت "أم خليل" وشريكاتُها حالة الخذلان، والغضب، والإحباط بعد هزيمة 1967، كما نعيشها اليوم بسبب حرب الإبادة المستمرة بحق أهلنا في قطاع غزة، وتوحّش الاحتلال ومستوطنيه على أبناء شعبنا هنا في الضفة، لكن هؤلاء النسوة، وفي تلك المرحلة، واجهن تحديات كانت حينها في أوجها، واتخذن قرارهن بالعمل، وها نحن اليوم أمام تجربة هذه المؤسسة، وهذه المرأة، نقرأُ من خلال "فلترة" أرشيفها، كيف قامت هي بشق طريقها نحو هذا الهدف، على مدار عقود من الزمن".
وحيث تتجلى اللحظات التاريخية المفصلية كالنكبة والنكسة وحرب الإبادة الدموية الجارية الآن على غزة في قصص النساء، وما غدا واضحاً من استهداف الاحتلال المباشر والممنهج للمرأة الفلسطينية، يدعو "نَسْلُ المَنْسُوج" بإضاءته على جمعية إنعاش الأسرة، وعبر إتاحة فرصة الاستكشاف الجماعي لأرشيفها، الجمهور إلى الالتفات إلى إرث وحاضر النساء الفلسطينيات كحاملات وصانعات للثقافة والهوية والسردية الفلسطينية، وكلاعبات أساسيات في تعزيز الاقتصاد الأهلي المقاوم، وكمشاركات فعليّات في النضال الوطني الفلسطيني، ودور كل هذا في إعادة لم شمل الأسرة/الشعب الفلسطيني، وإدامته وإعاشته والإبقاء عليه قادراً على الصمود.
واشتمل التنقيب في أرشيف الجمعية على تفحص قضايا قديمة، وفي بعض الأحيان مؤلمة، تكشف النقاب عن بعض الفترات الصعبة في التاريخ الفلسطيني، ليروي المعرض تجربة معقدة شكّلتها الشدائد والعزائم، برزت فيها الجمعيات الخيرية التي قادتها النساء كقوة دفع وتماسك وسط التشريد والتمزيق واليتم، مضيئاً على شخصية السيدة سميحة خليل، مؤسسة الجمعية، حيث يركز المعرض على اشتباك أفراد الجمعية في المشهد الثقافي والمجتمعي والسياسي الفلسطيني، لفهمها بشكل شامل بجميع مركباتها كافة.
وحول ذلك، قال مدير البرنامج العام في مؤسسة عبد المحسن القطّان؛ ,قيّم المعرض، يزيد عناني ، "المرأة عند أم خليل، وفي نموذج إنعاش الأسرة لها العديد من التجليات، أحدها المرأة كحافظة وناقلة للتراث الفلسطيني، كونه أساساً في الهوية الفلسطينية، وكجزء من مقاومة مشروع تهويد أرض فلسطين. أما الشكل الثاني، فيظهر في دورها كعاملة، ومنتجة، واقتصادية. فيما يظهر الثالث على صورة المرأة كمدبرة ومعطاءة، تعبيراً عن عملها في جمع التبرعات والمساعدات لإعالة وإسناد الأسر المحتاجة. ورابعاً المرأة كمبرية ومنجبة وناقلة للقيم الوطنية والصمود الفلسطيني، وأخيراً كناشطة سياسية وكمقاومة للاحتلال". مؤكداً على محاولة المعرض طرح الفعل النسائي الفلسطيني من وجهة نظر سميحة خليل، مقابلاً لـ وبعدم الانصياع لنموذج ونظريات النسوية الغربية الذي قد تظلم الجمعية في نظرها لفهم المرأة كأم ومنجبة ومربية، والتي بالمقابل تنظر لمشاريع التحرر كمشاريع ذكورية، تأتي فيها المرأة بدور مساند غير مشارك في صناعة الفكر السياسي.
فيما يضيء عناني على أهمية هذا المعرض بقوله "ننظر اليوم بعد أحداث الطوفان في نموذج نسوي مختلف عما نعرفه حالياً من نماذج العمل النسوي ما بعد أوسلو، والتي تعمل ضمن افتراض امتلاكنا دولة، وتركز على مشروع المواطنة. فنموذج أم خليل ومشروعها المتمثل بجمعية إنعاش الأسرة نموذج مميز، يعتمد على المرأة، وعلى تعزيز صمودها، بما يعزز من صمود الأسرة. حيث إن نظرة أم خليل اقتضت أن الرجل الفلسطيني بعد العام 1967، كان إما في الأسر، وإما في الثورة، أو مبعد، أو شهيد، ولذلك، فمن الضروري تعزيز دور المرأة الفلسطينية للم شمل هذا المجتمع المفتت بفعل الاحتلال".
بدورها، قالت رئيسة جمعية إنعاش الأسرة، ريم مسروجي: "آمنت خالتي أم خليل كما الكثير من شبابنا وشيبنا بأن كلاً منا يستطيع أن يهزم الاحتلال ويقف في وجهه، ولكنها لم تقف منفردة، فقدراتها القيادية مكنتها من تحقيق التفاف جماهيري حولها من المؤمنات والمؤمنين بالرسالة التي أطلقتها".
وأضافت مسروجي: "إن جمعية إنعاش الأسرة تمكنت خلال فترة حياتها من تخريج 8900 خريج/ة من برامجها التعليمية، و3902 خريج/ة من برنامج محو الأمية، وتقديم 3356 منحة تعليمية، ورعاية 60 ألف يتيم، وإقامة 843 مشروعا صغيراً".
واختتمت كلمتها قائلة: "أختم كلمتي برسالة لخالتي أم خليل، أعرف ما تريدين منا اليوم، تريديننا يداً واحدة صلبة قوية، على بعضنا رحماء، على عدونا أشداء، تريديننا معتمدين على أنفسنا لا ننتظر تمويلاً من أحد، فسرّنا موجود فينا وبذور تحررنا موجودة وتنتظر التراب والماء وهواء الحرية، نعدك أننا سنبقى على دربك سائرين، وللعهد حافظين، ولطريق الحرية متوجهين".
الفنانون المشاركون: رزق إبراهيم، وسليمان منصور، وعبد الله معطان، ومايا خالدي، وميساء ضو، وجيبوس.
لجنة المشروع: إصلاح جاد، وريما حمامي، وسليم تماري.
قيم المعرض: يزيد عناني
القيم المساعد: أسماء المزين
فريق الإنتاج: بهاء الجعبة، وخالد فني، وخليل قهوجي، وضياء الجعبة.