أطراف بلاستيكية وخشبيبة .. حلم مبتوري الأطراف في غزة
تقرير من اعداد:صابرين الحرازين
يمسك المواطن عبد الله سلمي بيده التي تتصبب عرقاً ماسورة بلاستيكية بالكاد حصل عليها بعد رحلات من البحث والتجميع ، ليصنع بها أطراف صناعية بمساعدة أخوه صلاح سلمي ، حيث يجلس الشقيقان على ركبة ونصف وأمامهم تنكة حديدة من ابتكارات الحرب لعدم توافر الغاز كانا قد أوقداها ببعض قطع الكرتون الملتف بقطع بلاستيكية صغيرة ليقوما سويا بتسوية الماسورة بعد تسخينها بسكين بالكاد وجدت ونحتها لصنع أطراف صناعية ، وبجواره تجلس والدته التي تستغل إيقاد النار بوضع غلاية لتسخين المياه ربما لعمل كوب من الشاي أو القهوة .
عبد الله الذي كان يعمل سابقاَ في مركز للأطراف الصناعية التابع لبلدية غزة قبل الحرب ، لم يحتمل أن يرى مصابي الحرب ممن فقدوا أطرافهم بائسين يائسين في ظل صعوبة توفير الأطراف لهم وإغلاق المعابر ومنع خروجهم للعلاج في الخارج ، وهو بإمكانه أن يقدم لهم ولو شيء بسيط من الإمكانيات القليلة المتوافرة ، فما كان منه إلا أن يطبق فكرة اقترحها عليه أخوه صلاح ويحول خيمته التي تأواه هو وعائلته التي تساعده في جمع الأخشاب التي تعد المكون الثاني بجانب المواسير إلى ورشة عمل لصنع الأطراف المبتكرة من مواد بدائية بصعوبة يتم الحصول عليها ،
لتعد التجربة الأولى والابتكار الأول وليد الحاجة والحرب والأزمات . على عكازيه وبقدم واحدة يمشي محمد التكروري 37 عاماً ويرافقه الشقيقان إلى الخيمة وعلامات الارتياح تظهر على تقاسيم وجهه لأنه عثر على حل لمشكلاته التي لطالما عانى منها منذ إصابته ، فهو أب لخمسة أطفال عاجز أمامهم عن توفير قوت يومهم ، لكن الشقيقان كانا بمثابة طوق النجاة له أمام عائلته فهو اليوم هنا ليجرب الساق الصناعي الذي صنع من البلاستيك والخشب وتم تثبيته ببعض المسامير ليكون قابل للطي والثني ، ليصبح محمد قادراً كما قال على ارتداء ملابسه بنفسه ولتصبح تلك الأطراف بديلة عن عكازتيه مخففة للأحمال الزائدة التي كانت تتعب يديه .
لم تكن فرحة محمد توصف عندما جلس على طاولة خشبية ثم على فرشة أرضية والضحكة تملأ وجهه وهو يلبس قطعة قماشية تميل للمطاط تشبه المشد لتسهل له إلباس ماسورة البلاستيك بها بإحكام ليكتمل القدم المبتور ويقول محمد وهو واقف ويرتدى البنطلون ويختبر قوة الطرف الصناعي كي لا يخونه الآن أصبحت قادراً على الوقوف والتحميل على قدمي وارتداء ملابسي دون مساعدة أحد واصطحاب أطفالي للتجول واحضار المستلزمات الأساسية لعائلتي في مكان نزوحي وأنا اليوم بدأت أشعر بالارتياح النفسي والجسدي والعاطفي ، ويراقبه الشقيقان اللذان رافقاه في اختبار الأقدام متجولاً بين الخيام عائداً لعائلته بأحلام أن تصبح الأقدام أطراف صناعية حقيقة في القريب العاجل ،شاكراً ووممتناً للشقييين على المبادرة الشخصية التي حملت اسم " معتز وصلاح " بهدف توفير أطراف صناعية مؤقتة أملاً في انتهاء الحرب وخروجه للعلاج ودعم المبادرة وتوسيعها لتطال أكبر قدر من مصابي الحرب . ويقول عبد الله لم يكن محمد وحده من استطعنا تركيب طرف صناعي له فمن قبله كان مجد العمارين الذي قمنا بتركيب طرف له أسفل الركبة وأبو بلال ... وجميعهم شعروا بالراحة النفسية لإنهاء معاناة التليف والعضلات تاركين لدينا إصرار على المضي في رحلة العناء والبحث عن المواد الخام البسيطة لترك بسمة وبصمة نفسياً وجسدياً . ويذكر أن فكرة الأطراف الصناعية وليدة الحروب حيث بدأت تستخدم بعد الحرب العالمية الثانية وكان الخشب أول مادة لتصنيع الأطراف والأجهزة المساعدة وقامت بعض البلدان بعدها بتطوير الخشب واستخدام البلاستيك وأخذت بالتقدم والتطور وها هي تعود من جديد لعدم توافرها حيث يعود صنع أول طرف صناعي ل3 ألاف سنة قبل الميلاد لمومياء مصرية تم العثور عليها بإصبع اصطناعي مصنوع من الخشب والجلد واليوم في ظل حرب طوفان الأقصى تعود في غزة من جديد لندرة المواد الصحية ومن داخل خيمة في مدينة دير البلح ...