هل يعودون لمقاعدهم الدراسية؟
خاص| "زي المدرسة" شاهد على مأساة أطفال غزة
راية - أماني شحادة
مستقبل مجهول يواجه طلاب غزة بعد إغلاق المدراس التعليمية منذ السابع من أكتوبر للعام 2023، بسبب حربٍ طاحنة مستمرة دمرت أكثر من 80% من المدارس.
حُرم على إثرها أكثر من 625 ألف طفل من الدراسة لأكثر من تسعة أشهر جرّاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وفق وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا).
هل يفقد الأطفال الأمل؟ تكمن الإجابة في زي المدرسة، القماش البسيط هو من يحمل إجابة الأطفال وتأثرهم بحرمانهم من حق التعليم وانعكاسه على سلوكياتهم.
"مخبية زي المدرسة ومستلزماتها في أكياس وباخذهم بكل مكان ننزح عليه، بحافظ عليه"، هذا ما قالته الطفلة رولا عيسى ذات التسعة أعوام، معبرة عن أملها الكبير بانتهاء حالة النزوح والحرب والعودة لمدرستها.
لكن الحزن خيم على رولا؛ بعد سماعها خبرًا حول المدرسة التي ترتادها في مدينة غزة يفيد بتدمير جيش الاحتلال الإسرائيلي لعدد من مرافقها وحرقها، ورغم ذلك هناك عدد من النازحين الذين فقدوا بيوتهم يسكنوها، وهذا يزيد من صعوبة رجعوها لها هي وصديقاتها ومعلماتها.
يضم قطاع غزة نحو 800 مدرسة، منها 442 مدرسة حكومية، و284 مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، و70 مدرسة خاصة.
في الخيام والشقاء فيها، يلبس الطفل عمر أبو شاويش (7 أعوام)، قميص المدرسة بسبب شح الملابس في الأسواق وقلة ما أخذته أمه حين نزحت من شمال مخيم النصيرات وسط قطاع غزة.
يستاء عمر في كل مرة تُلبسه أمه قميص المدرسة، ينقلب حاله، يبكي ويصرخ قائلًا: "اتركيه جديد حتى أعود به على المدرسة عندما تتوقف الحرب، لا يوجد ملابس لأشتري واحدًا جديدًا".
حين يجلس في نهاية اليوم مع والدته يخبرها عن اشتياقه للمدرسة ولرفاقه واللعب معهم، ولمعلميه ويتذكر طريقة شرحهم وحبه للمواد المفضلة لديه، يشتاق أن يكون في مقعده داخل الفصل.
الأمل والتفاؤل في حديث آية شاهين وشقيقتها النازحات من مدينة غزة إلى دير البلح وسط القطاع، مغاير لما يشعر به أغلب الأطفال المطلعين على حقيقة الواقع في غزة.
آية وشقيقتها يدعون يوميًا لأن تنتهي الحرب حتى يعودوا للمدرسة التي بنظرهم لا زالت تنتظرهم بشوق ولهفة مثلما تخبرهم والدتهم وعمتهم، خوفًا من إخبارهن حقيقة أن المنزل أصبح ركامًا وضاعت تحته الملابس بما فيها الزي، والمدرسة أيضًا تدمرت.
أما شعور القهر التي شعرت به الطفلة تالا الأعرج (6 أعوام)، جعلها تبكي بشدة بسبب رؤيتها لزي المدرسة محروقًا خارجًا من تحت أنقاض منزلهم الذي دمره الاحتلال شرق خان يونس.
تقول شقيقة تالا: "انصدمت تالا حين رأت البيت مدمر، لكن صدمتها ووجعها كان أكبر على زيها المدرسي حين رأت واحدًا محروقًا والآخر لم نخرجه من تحت الأنقاض، بكت بحرقة وألم".
وتابعت: "هذا جعل نفسيتها تسوء أكثر، أصبحنا نحاول معها لتهدئتها ولا زلنا نحاول معها حتى لا تفقد أمل العودة للمدرسة أو البيت أو للحياة الطبيعية".
في حزيران المنصرم، قالت (أونروا) في تقرير لها: "إن الأطفال في غزة يمرون بكابوس لا نهاية له"، موضحة أن القصف والتهجير القسري ونقص الغذاء وعدم الحصول على التعليم تسبب صدمة لجيل بأكمله.
يتمسك الأطفال بزيهم المدرسي في إشارة لتمسكهم بحق التعليم والحصول على أماكن تعليمية كالمدراس مهيأة لنشأة العقول، لكن الاحتلال الإسرائيلي يضرب بعرض الحائط كافة القوانين المختصة بالطفل، حارمًا إياهم من أدنى حقوقهم.