الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:34 AM
الظهر 11:23 AM
العصر 2:26 PM
المغرب 4:54 PM
العشاء 6:11 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4
إصابة 3 أطفال إثر إلقاء الاحتلال قنبلة على عيادة تشهد حملة تطعيم لشلل الأطفال شمال مدينة غزة

سيارات غزة تعمل بزيت الطهي و النتيجة انبعاثات خطرة تصيب الجهاز التنفسي

باتت روائح احتراق زيوت الطعام هي الرائحة الرائجة بشكل أكبر في شوارع وأسواق قطاع غزة، بسبب احتراقها وخروجها من عوادم السيارات، التي أبدلت وقودها “الديزل” بسبب الحرب وإجراءات الحصار، بهذا الوقود البديل المضرّ جداً للبيئة والصحة العامة.

ويشتكي من هذه الانبعاثات الخطيرة جميع السكان على حد سواء، وبات الوقوف أو السير خلف هذه العربات أمراً لا يحرص عليه المواطنون، لما تخلفه من روائح تسيل الدموع، ومن شعور بالاحتراق في تجويف الأنف والصدر وسعال شديد.

ويؤكد المواطنون في قطاع غزة، الذين يعانون من ويلات الحرب، أن هذه الروائح التي أجبروا عليها، كما أشياء كثيرة بسبب الحرب، تتسلل إلى منازلهم، وتؤثر على كبار السن والمرضى الذين يشتكون من الأزمات والأمراض الصدرية وضغط الدم.

ورغم أن الأمر يتسبّب له بمشاكل صحية، إذ اضطر السائق محمود عابد، من وسط القطاع، لمراجعة العيادة الطبية أكثر من ثلاث مرات يشتكي من مشاكل باطنية، وأخرى أشدّ في الصدر، إلا أنه لا يزال يشتري كميات من زيت الطعام لوضعها في خزان الوقود، بديلاً عن “الديزل”، ويتحرك في عربته ما بين مخيمات وأحياء وسط قطاع غزة، ينقل الركاب، مقابل أجر مادي زاد لأكثر من الضعف بسبب الحرب.

ويقول سائق  إن ثمن وقود “الديزل” يرتفع إلى ما بين 7 إلى عشرة أضعاف، وبات ثمن اللتر الواحد يصل ما بين 50 إلى 70 شيكلاً “الدولار الأمريكي يساوي 3.7 شيكل”، بعد أن كان ثمنه قبل الحرب أقل من سبعة شواكل.

وحالياً يباع ثمن لتر زيوت الطهي من 8 إلى 10 شيكل، ويمكن أن يترك هامش ربح لصاحب المركبة.

ويمكن استخدام الزيوت بعد أن تكون قد وصلت لحدّ التلف في المنازل من كثرة استخدامها في القلي، وهذه النوع من الزيوت يكون بضرر أكبر نتيجة الروائح الشديدة التي تنبعث منها.

ويشير إلى أنه لو فكّر بشراء “الديزل” من السوق السوداء، فإنه لن يستطيع جني الثمن والربح من توصيل الركاب، حتى لو ضاعف الأجرة خمس مرات، وهو أمر لا يقبله السكان، ما اضطره لاستخدام زيت الطهي، الذي يباع بثمن أقل بكثير من ثمن الوقود الأصلي.

ويوضح هذا السائق بأنه، كغيره من السائقين، اضطر، بسبب ارتفاع تكاليف الحياة، إلى زيادة ثمن الأجرة إلى الضعف، ورغم ذلك يقول إن ما يوفره في نهاية اليوم من نقود لا يكفي احتياجات أسرته التي تعاني كغيرها من ويلات الحرب.

ويؤكد أيضاً أن عدداً قليلاً من السكان، بسبب الظروف الحالية، وتوقف مراكز العمل في الشركات وغالبية المحال والمطاعم والمؤسسات الحكومية والخاصة، هم من يستخدمون المواصلات للتنقل بين المخيمات ومناطق وسط القطاع، وهو أمر يشمل باقي مناطق قطاع غزة.

وكانت حركة السيارات تنشط مع بداية بزوغ شمس غزة قبل الحرب، حيث تبدأ حركة العمال والموظفين وطلبة الجامعات، كل إلى وجهته، فيما تبدأ حالياً الحركة في ساعات الضحى، وتنتهي قبل غروب شمس القطاع.

أما خالد عوض الله، وهو نازح من شمال غزة، ويعمل سائقاً، يقول إن ما توفره العربة في نهاية النهار هو ما يساعده في توفير بعض احتياجات أسرته التي تقيم في خيمة نزوح.

وهذا الرجل الأربعيني نزح بداية الحرب وأسرته في سيارته، يحملون معهم القليل من الأمتعة، ويشير إلى أنه في بداية الأمر لم يكن يفكر في تشغيل سيارته بهذا النوع من الوقود بسبب ضرره الصحي، غير أن الحاجة للمال وتدبير أمور الأسرة أجبره على ذلك، رغم معاناته من مشاكل في الصدر.

ويشاهَد أصحاب السيارات وهم يصطفون أمام “بسطة” أو محل يبيع زيت الطعام، ويقومون بسكبه داخل خزانات الوقود، بدلاً من وقوفهم أمام محطات تعبئة الوقود، التي يكسوها الغبار في هذا الوقت، بسبب طول فترة إغلاقها.

ويكون الحصول على “الديزل” أو “البنزين” بالسعر المرتفع، أيضاً من خلال “بسطات” مختصة بذلك، ولا يعرف ما المكان الذي يوفر لهذه البسطات الكميات القليلة التي تباع بأثمان مرتفعة، غير أن هناك من يشير إلى أن هذه الكميات كانت مخزنة في القطاع قبل الحرب عند بعض المصانع والشركات.

من بين المواطنين الممتعضين من هذه الانبعاثات كان المسن أبو العبد (77 عاماً)، الذي يضطر لوضع لفافة من القماش أمام أنفه إذا ما مرّت بجواره عربة تعمل بهذا الوقود، ويشير، في حديثه لـ “القدس العربي”، إلى أن الأمر أصبح أكثر ضرراً، وهو ما جعله لا يخرج من بيته إلا للضرورة القصوى.

ويضيف لصحيفة القدس العربي اللندنية: “حتى الشارع ما بقدر أقعد فيه زي العادة”، ويتابع: “يا بتشم (تشتم) رائحة زيت محروق من السيارات، يا ريحة دخان أفران الطين”.

ويخشى هذا الرجل من تضرر أكثر يصيب جهازه التنفسي بسبب هذه الروائح الضارة.

ويؤكد مختصون في مجال الطب أن انبعاثات الزيوت المحترقة من عوادم السيارات، تتسبب في مشاكل في الرئتين والقلب، وتضر أيضاً بشرايين القلب.

وبالأصل تتسبب عوادم السيارات من الوقود المخصص لها، والذي يعتبر أقل ضرراً من زيت الطهي، في الإصابة بسرطان الدم وأورام الغدد الليمفاوية، كونها تعمل على تثبيط نخاع العظام، وإعاقة نضوج خلايا الدم، إلى جانب تأثيره على قدرة الدم في نقل الأكسجين، ما يؤدي لزيادة الضرر لمرضى القلب، وإصابة الرئتين وصعوبة التنفس.

لكن رغم ذلك يجبر سكان غزة المرضى منهم وغير المرضى على استخدام وركوب السيارات التي تعمل بهذا الوقود، كونها باتت الوحيدة التي تعمل في القطاع، لعدم توفر الوقود “الديزل” أو “البنزين”، في محطات التعبئة، وهما يعدان من المواد المحظور دخولهم بقرار من سلطات الاحتلال إلى قطاع غزة منذ بدء الحرب.

وظهرت لأول مرة عربات تعمل بزيوت الطعام بدل “الديزل”، في العام 2007، حين فرضت سلطات الاحتلال حصاراً محكماً على قطاع غزة، بعد سيطرة حركة “حماس” على الأوضاع، وقد اختفت الظاهرة، بعد سماح الاحتلال بتوريد الوقود إلى القطاع.

وتعمل بهذا الوقود الجديد السيارات التي كانت تعمل بالديزل فيما يمكن استبدال وقود السيارات الأخرى التي تعمل بالبنزين، من خلال غاز الطهي، غير أن عدم توفره في هذه الأوقات، جعل من العربات التي تستخدم البنزين عبارة عن كتل من الحديد، لا تتحرك أبداً.

لكن ليس كل المركبات الموجودة في قطاع غزة، لجأ أصحابها لهذا البديل عن الوقود الأصلية، حيث هناك عربات صنعت حديثاً لا تعمل إلا بالوقود المخصص لها.

وبسبب ارتفاع التكاليف، وعدم توفر الكم الكافي من السيارات، انتشرت بشكل كبير في قطاع غزة، العربات التي تجرها الحيوانات، في نقل السكان، في مشهد شابه تلك الأوضاع التي كانت قائمة قبل عشرات السنين.

جدير ذكره أن سلطات الاحتلال تمنع، بموجب الحصار الذي فرضته على قطاع غزة منذ اليوم الأول للحرب، دخول الكثير من السلع والمواد التموينية والوقود بما في ذلك غاز الطهي.

وقد جرى تشديد الحصار بشكل أكبر منذ أن جرى إغلاق معبر رفح البري، قبل أكثر من 55 يوماً.

وبعد مناشدات دولية، سمحت سلطات الاحتلال بإدخال كميات قليلة من الوقود، الذي يخصص لعربات الإسعاف ومولدات الطاقة في المشافي، وآبار المياه ومحطات الصرف الصحي، لكن هذه الكميات لا تكفي احتياجات هذه المؤسسات، والتي حذّرت من توقفها وتأثير ذلك على صحة المواطنين وحياتهم.

وقد كانت وزارة الصحة في غزة حذرت من انهيار المنظومة الصحية في غزة بسبب شح الوقود، وفي ظل تقييد إسرائيل دخول السلع.

وأكدت أن نقص الوقود يهدد بتوقف الخدمات الحيوية، ومنها محطات الأوكسجين، ومراكز غسيل الكلى، وغيرها من الخدمات الصحية.

Loading...