وول ستريت جورنال: المقاومة جرَّت إسرائيل لمستنقع غزة وأثبتت قدرتها على مواصلة القتال
نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال”الأمريكية تقريراً أعدّه جارد ماسلين وعنات بيليد قالا فيه إن الرشقات الصاروخية التي تنطلق من غزة إلى مناطق اسرائيلية و مستوطنات عدة، و الاشتباكات الأخيرة في مدينة غزة، تشير إلى حرب طويلة الأمد.
ويوم الإثنين، قالت حركتا “حماس” و”الجهاد الإسلامي” إنهما أطلقتا صواريخ على إسرائيل، وقال جيش الاحتلال إنه جرى اعتراض الصواريخ وإنها لم تتسبب بأضرار، وحدّد مكان انطلاقها من منصات في خان يونس، المدينة التي توغّلت فيها إسرائيل، وشنّت عملية مدمرة فيها، انتهت في نيسان/أبريل.
وتعلّق الصحيفة بأن وابل الرشقات الصاروخية عزّزَ من التحديات التي تواجه إسرائيل، في وقت تتبنّى فيه إستراتيجية مكافحة التمرد ضد مسلحين لا زالت لديهم ترسانة صاروخية، وقنابل هاون، وقدرات على إطلاقها، بعد حوالي 9 أشهر من بدء العدوان الإسرائيلي على غزة.
وجاءت العمليات العسكرية في وقت “بَشَّرَ” فيه بنيامين نتنياهو، يوم الإثنين، بقرب نهاية العمليات العسكرية: “نقترب من إنهاء مرحلة تدمير “حماس” ، وسنستهدف بقاياها، ونمنعها من التقدم”. في إشارة على تقدّم نحو المرحلة المقبلة.
وقال نتنياهو إنه لن يتوقف عن الحرب حتى يحقق “النصر النهائي” ، في وقت ناقضه جيشه قائلاً إن القضاء على “حماس” نهائياً هدفٌ لا يمكن تحقيقه.
وتقول الصحيفة إن عملية الجيش في الشجاعية قرب غزة، التي استمرت طوال الأسبوع الماضي، وشرّدت العائلات منها، تكشف عن صعوبة تحقيق الجيش أهداف الحكومة التي تريد سحق “حماس”.
وتعتبر العملية في الشجاعية هي الأخيرة من بين العمليات التي عادت فيها قوات الاحتلال لمناطق أعلنت في الماضي عن تطهيرها من المقاومة ، وذلك لأن “حماس” أعادت تجميع قواتها وأكدت حضورها.
وعادت إسرائيل إلى جباليا، شمال غزة، ومستشفى “الشفاء” الذي تركته أطلالاً، في وقت يقول فيه المحللون العسكريون إن إسرائيل باتت في خطر الغرق في حرب طويلة الأمد مع “حماس”، والتي كشفت عن قدرة للنجاة، حيث استطاعت الاعتماد على دعم سكان غزة.
وقال جوست هيلترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية: “إنها مستنقع، وستكون حرباً على وتيرة منخفضة”.
وأضاف: “قد تستخدم عمليات لدفع “حماس” من عدة جيوش، ولكنهم يعودون في النهاية من خلال شبكة الأنفاق ومن فوق الأرض”. و”يحصلون على مجنّدين جدد، وسينضم الشبان الذين فقدوا عائلاتهم”.
وبعد الهجمات الصاروخية، صباح الإثنين، حذّر الجيش الإسرائيلي المدنيين الفلسطينيين في مناطق واسعة بجنوب غزة، وطلب منهم الجلاء، بما في ذلك خان يونس ورفح، تحضيراً، على ما يبدو، لعملية عسكرية، ومناطق سيطر عليها الجيش بداية الحرب.
ورغم ما تقوله إسرائيل عن تراجع قدرات “حماس”، إلا أن الجماعة أظهرت قدرات دائمة على مواصلة القتال، وتوجيه ضربات للقوات الإسرائيلية، واستخدام أسلوب الكرّ والفرّ، ولدى المنظمة ترسانة من الأسلحة، حسب تقييم المخابرات الأمريكية الذي كشفت عنه “وول ستريت جورنال”.
وفي تقرير منفصل لمكتب مدير الاستخبارات الأمريكية، في شباط/فبراير، جاء أن إسرائيل “ستواجه مقاومة مسلحة من حماس لعدة سنوات قادمة”.
وتقول إسرائيل إنها تقوم حالياً بخنق قدرة “حماس” على تهريب الأسلحة إلى غزة عبر الحدود مع مصر. وجاء القتال في الشجاعية، وهو حي سيطرت عليه إسرائيل في بداية الحرب، وتزامن مع إعلانها عن قرب نهاية العمليات العسكرية في جنوب رفح. وظل نتنياهو يكرر أن العملية في رفح ضرورية لتحقيق النصر على “حماس”.
وقال مسؤولٌ عسكري إسرائيلي إن هدف العمليات في الشجاعية منع “حماس” من إعادة تجميع قواتها. ويقول الجيش إنه قتل أعداداً من مقاتلي “حماس”، وحدّد مناطق مفخّخة، وداهمَ أماكن تخزين الأسلحة ومناطق تصنيعها.
محللون عسكريون: إسرائيل باتت في خطر الغرق في حرب طويلة الأمد مع “حماس”، التي كشفت عن قدرة للنجاة، حيث استطاعت الاعتماد على دعم سكان غزة
وقال مسؤول إسرائيلي من داخل الشجاعية: “سنواصل المناورة مرة بعد الأخرى، وفي أي لحظة نرى فيها محاولة لإعادة التجميع، أو محاولة لإعادة الحكم، أو محاولة لجلب أنواع جديدة من الأسلحة”.
وقال المسؤول إن “حماس” تحاول الهجوم على الجيش من هذه المنطقة، و”لن نسمح بحدوث هذا”، مضيفاً: “لم أكن لأذهب لو لم تكن لدي معلومات”.
وقال محمد عساف، والد أربعة أطفال، إنه فرَّ وعائلته من الشجاعية، بعد ساعات من غارة ضربت قرب بنايته، يوم الجمعة: ” قيل لنا إن الدبابات التي تقدمت في الأيام الأخيرة ستدخل، ولهذا هربنا فقط بملابسنا التي نرتديها، وحلمي الوحيد هو الحصول على ماء لعائلتي”.
وأصدر الجيش تعليمات، في 27 حزيران/يونيو، لسكان مدينة غزة بالخروج، حيث فرَّ ما بين 60,000- 70,000 من السكان.
وشهد حي الشجاعية اشتباكات حادة في بداية الحرب، وواجه جيش الاحتلال هناك أكبر عملياته دموية، بعد مقتل 9 من جنوده في كمين، بكانون الأول/ديسمبر، كما قتل هو 3 من اسراه بعد ان اعتقد أنهم مقاتلون.
ويقول المحللون العسكريون إن “حماس” نقلت مقاتليها من مكان لآخر، حيث تجنّبت، في معظم الأحيان، المواجهات المباشرة، واستمرار البقاء لحين نهاية الحرب.
ويقول الجنرال المتقاعد أساف أوريون: “لا أعتقد أن حماس ماضية إلى معركة مباشرة تحشد كل قواتها فيها وتنتظرنا حتى ننهيهم”، و”هم يتحركون ويحاولون تجنّب مواجهة واسعة لأنهم يريدون النجاة”.