مخاوف الحرب مع حزب الله تحاصر اقتصاد إسرائيل
بدأت قطاعات الاقتصاد الإسرائيلي تترقب تطورات الأوضاع على الحدود الشمالية مع لبنان، التي تشهد تصعيدا مطردا منذ قرابة الشهر، وسط مخاوف من تحول الاشتباكات اليومية المحدودة بين حزب الله وتل أبيب إلى حرب مفتوحة.
وما تزال غالبية القطاعات الاقتصادية في إسرائيل تعاني من تبعات الحرب المستمرة على قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وأبرزها قطاعا السياحة والإنشاءات، وبدرجة أقل قطاعا الخدمات والزراعة.
إلا أن المخاوف الكبرى لدى الإسرائيليين هو بنك الأهداف المعلن لدى حزب الله ضد مواقع إستراتيجية، وهو ما ظهر في فيديو أعده الحزب يكشف تفاصيل دقيقة لأبرز المواقع الحيوية التي قد يستهدفها في أي حرب مقبلة.
وبالعودة إلى حرب عام 2006 مع حزب الله، فإن التبعات الاقتصادية والسياسية كانت شديدة التأثير على إسرائيل في ذلك الوقت.
ويخشى الإسرائيليون اليوم من أن تصعيد التوتر في الشمال إلى حرب يعني أن الكلفة التي ستدفعها إسرائيل ستزيد على الكلفة الحالية التي تتسبب بها الحرب على غزة.
في قطاع الكهرباء على سبيل المثال، كشف الرئيس التنفيذي لشركة نوجا لإدارة أنظمة الكهرباء شاؤول غولدشتاين أن انقطاع الكهرباء في إسرائيل لمدة 72 ساعة سيجعل العيش مستحيلا، وأن حزب الله يمكنه أن يضرب الشبكة الإسرائيلية بسهولة.
هذه التصريحات التي صدرت عن غولدشتاين الأسبوع الماضي في فعالية اقتصادية، لاقت صدى واسعا وصل حد الدعوة إلى إقالته من منصبه.
ولا تعاني إسرائيل حاليا من نقص في الكهرباء، رغم أن مثل هذا النقص قد ينشأ بين عامي 2028 و2029 بحسب تقديرات وزارة الطاقة.
وفي الوقت نفسه، تعاني إسرائيل من مشكلة مزمنة في صناعة الطاقة، وهي الفشل في تحقيق أهداف الإنتاج من الطاقة المتجددة التي حددتها الدولة لنفسها، بحسب ما أوردته هذا الأسبوع صحيفة غلوبس المختصة بالاقتصاد.
كما تعاني إسرائيل من أزمة مركزية في قطاع الطاقة، وهو ما يجعلها عرضة للظلام في حال ضرب هذه المنشآت من جانب حزب الله.
بعد 9 شهور على الحرب على قطاع غزة، تعاني إسرائيل من تراجع بنسبة 80% بحركة السياحة الوافدة، بحسب بيانات مكتب الإحصاء الإسرائيلي.
وبلغ عدد السياح الذين زاروا إسرائيل في الشهور الخمسة الأولى من العام الجاري 400 ألف -بما يشمل الزوار من غير السياح لأغراض العمل على سبيل المثال- نزولا من مليوني سائح خلال الفترة المقابلة من 2023.
وما تزال عشرات شركات الطيران العالمية، تعلق رحلاتها من إسرائيل وإليها بسبب الحرب، وسط نفور السياحة من إسرائيل كقبلة لهم.
ومع فرضية الحرب في الشمال، فإن مطاري بن غوريون وحيفا، سيكونان ضمن بنك أهداف حزب الله، كما ظهر في الفيديو الأخير الذي يكشف أبرز المواقع الحيوية في إسرائيل.
ويعني ذلك، أن البلاد لن تكون في وارد القدرة على استقبال رحلات طيران، سواء مدنية أو عسكرية في مطارات الشمال والوسط، بينما يبقى مطار رامون (جنوب) قادرا على العمل، إلا أنه وقع هو الآخر ضمن أهداف المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.
أما في مجال الزراعة، فما تزال المستوطنات المحاذية لقطاع غزة، أو كما يفضل الإسرائيليون تسميتها بـ"سلة غذاء إسرائيل"، مناطق عسكرية مغلقة، رغم تشجيع الحكومة للمستوطنين هناك بالعودة إلى منازلهم.
لكن الأزمة الكبرى، والتي تعاني منها إسرائيل اليوم، أن مناطق الشمال والتي تتميز بتربتها الخصبة، أصبحت منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مناطق عسكرية أو أراضي غير قابلة للاستغلال في ظل القصف المتبادل مع حزب الله.
ورغم أن الحرب في الشمال لم تبدأ فإن قادة الأعمال في إسرائيل محبطون من إدارة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ما دفع البعض منهم إلى التفكير في دخول السياسة لمنافسته.
والأسبوع الماضي، دعا منتدى ضم أكبر 200 رجل أعمال في إسرائيل، يتألف من مالكي ورؤساء ورؤساء تنفيذيين لشركات كبرى، إلى إجراء انتخابات مبكرة "لإنقاذ إسرائيل من أزمة اقتصادية عميقة".
وضم المنتدى في تل أبيب نصف الشركات المدرجة في مؤشر بورصة تل أبيب (TA-35)، بما في ذلك الرؤساء التنفيذيون لأكبر البنوك العاملة في إسرائيل.
تأتي هذه الدعوات بينما تشير تقديرات البنك المركزي إلى أن الحرب على غزة فقط دون حزب الله ستكلف نحو 67 مليار دولار حتى عام 2025، أو ما يقرب من 15% من الناتج المحلي الإجمالي السنوي.
بينما انخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023 لأول مرة منذ 8 سنوات، وفقا لصندوق النقد الدولي، فيما تتجه الحكومة هذا العام إلى تسجيل أحد أكبر العجوزات في ميزانيتها هذا القرن في 2024.