طلاب دعموا فلسطين يجدون صعوبة في الحصول على فرص عمل بالشركات الأمريكية الكبرى
نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرا أعده كل من أندرو جاك وجوشوا فرانكلين وإيما جاكوبس، قالوا فيه إن الطلاب في الولايات المتحدة يواجهون مشاكل توظيف بعد مشاركتهم في احتجاجات مؤيدة للشعب الفلسطيني و ضد العدوان المتواصل على غزة.
ففي الخريف الماضي كان لدى رينا وركمان عرض عمل في شركة قانون دولية بعد إكمالها شهادتها القانونية من جامعة نيويورك، إلا أن موقفهم تغير بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. كتبت وركمان بريدا إلكترونيا مؤيدا لفلسطين كجزء من دورها كرئيسة لنقابة المحامين الطلابية، قالت فيه: “تتحمل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن الخسارة الكبيرة للحياة”.
وبعد مشاركة الطلاب الآخرين رسالة وركمان، قررت الشركة القانونية “وينستون& سترون” سحب عرض الوظيفة قائلة إن التعليقات هذه تتناقض و”بعمق مع قيم الشركة”.
وعانى طلاب آخرون من نفس التجربة. فقد قالت شركة “ديفيس بولك& ورديل” إنها ستلغي ثلاث عروض عمل لطلاب من جامعة هارفارد وكولومبيا بسبب تصريحات مماثلة. وهددت عدة شركات وأشخاص، بمن فيهم بيل إكمان، مؤسس شركة بيرشنغ سكوير، ومدراء شركات تضم سلسلة الطعام سويتغرين ودوفهيل كابيتال مانجمنت بعمل نفس الشيء.
وقالت شركات قانونية مثل “سوليفان& كرونويل” إنها لن تتسامح مع التحيز، خطاب الكراهية أو تعليقات فيها تمييز من قبل موظفيها.
وقامت الشركات بزيادة عمليات التدقيق الداخلية في المعلومات عن الموظفين، ومن خلال الشركات الخارجية بطلبات التوظيف وفحص منشورات المتقدمين بما في ذلك منشوراتهم على منصات التواصل الاجتماعي إلى الجمعيات الطلابية.
ويضيف هذا التدقيق ضغوطا على أفواج الخريجين ومستقبلهم في سوق عمل غير واضح بعد العزلة والقلق التي تسبب بها انتشار كوفيد-19، وحرم الطلاب من تجربة طبيعية في المدارس والجامعات.
وسجلت الرابطة الوطنية للكليات وأصحاب العمل، أكبر تراجع في عمليات توظيف الخريجين الجدد، وبانخفاض نسبته 5.8% عن العام الماضي. وهو ما يثير أسئلة حول حق أصحاب العمل لفحص نشاطات ومعتقدات المرشحين للوظائف، مما دفع الداعمين للطلاب لإعادة النظر في النصيحة التي قدموها حول كيفية حماية الجيل القادم لسمعته.
وتجنبت أعداد من الطلاب، خاصة ممن ينتمون لمجتمعات فقيرة، المشاركة القوية في الاحتجاجات، خوفا من منعهم من التخرج. وقال آخرون إن زملاءهم في قاعات الدراسة، تركوا التظاهرات مبكرا خشية أن تؤثر مشاركتهم العامة في الاحتجاجات على فرصهم بالعمل. ومنذ أن اتخذت جامعة كولومبيا القرار النادر بدعوة الشرطة لاقتحامها الحرم الجامعي من أجل تفكيك مخيم اعتصام للطلاب ضد الحرب الإسرائيلية على غزة، تبعتها عدة جامعات في ذلك، مما أدى لاعتقال حوالي 3,000 طالب. ويواجه طلاب آخرون قرارات ضبط من جامعاتهم بشكل يبقي أسماءهم على سجلات الجامعة أو يمنعهم من مواصلة دراستهم.
ويواجه الطلاب رقابة أشد من الرقابة على المتظاهرين في السابق، بسبب نشر أسماء المتظاهرين أو الداعمين لفلسطين من الجماعات المؤيدة لإسرائيل فيما صار يعرف بـ”دوكسينغ”، وهو نشر معلومات شخصية عنهم على الإنترنت واتهامهم بمعاداة السامية، التي ينكرها الطلاب.
وقال راندال شمولينغر الذي أنهى عامه الأول من دراسة الماجستير وشارك في تظاهرات الحرم الجامعي، إنه يواجه مع زملائه مشاكل في العثور على فرصة تدريب، وقال: “سأكذب لو لم أقل إن وصمة العار لكوني طالبا في جامعة كولومبيا لم تفت عن بالهم، حتى لو لم تكن سياسة شركة واضحة، فإنها تخلق حسا بأن المرشحين للعمل يواجهون مصاعب للحصول على وظيفة”.
ولم تعلق الجامعات أو الشركات لأنها حذرة من المخاطر القانونية أو على سمعتها. وقال مدير تنفيذي في بنك كبير بوول ستريت، إن الاحتجاجات ستترك أثرها على الجامعات التي يتم استهدافها، فـ”هناك تداعيات بسبب سلوك هؤلاء الأشخاص”. وأضاف: “سنظل نوظف من هارفارد وكولومبيا، إلا أننا منفتحو الذهن على من سنتختار للتوظيف”.
وقال نيل بار، المدير المشارك في “ديفيس بولك& وردويل”: “قمنا برفع الأنتينا في موضوع حرم الجامعات. نريد التأكد من أن الأشخاص الذين نوظفهم التزموا بقواعد الجامعة وقوانين المدينة التي يعيشون فيها. ولا نتسامح عندما يتحول الخطاب إلى كراهية وتمييز”.
وفي الأحاديث الخاصة، قال عدد من أرباب العمل إنهم يحرصون على تنويع المؤسسات التي يقومون باختيار موظفين منها، إلا أنهم لن يميزوا ضد كل الجامعات، خاصة جامعات النخبة التي يعتمدون عليها بشدة. وفي نفس الوقت، عبّرت مجموعات توظيف أيديولوجية صغيرة عن عدم استعدادها لتوظيف طلاب من جامعات النخبة. فقد قال قضاة فدراليون إنهم “فقدوا الثقة” بجامعة كولومبيا نظرا للطريقة التي تعاملت فيها مع التظاهرات، ولن يوظفوا كتاب محاكم من الجامعة، حيث عيّن الرئيس السابق دونالد ترامب معظم القضاة المحافظين فيها.
وهناك قلة من أصحاب العمل اتخذت موقفا مضادا، فقد كتب أندرو دودوم، المدير التنفيذي لشركة هيم & هيرز، وهي شركة للعناية الصحية عن بعد، وهو من أصول فلسطينية على منصة إكس: “لو كنت حاليا تحتج ضد إبادة الشعب الفلسطيني ومطالبة الجامعة بسحب استثماراتها من إسرائيل، واصل التظاهر، فهو أمر ناجع. هناك الكثير من الشركات والمدراء التنفيذيين الذين يريدون توظيفكم بعيدا عن ضبط الجامعة”.
واضطر بعد ردة فعل على تغريدته، وتراجع مؤقت لأسهم شركته، للقول إنه يدعم الاحتجاج السلمي، و”لا أدعم بأي طريقة العنف أو التهديد بالعنف ومعاداة السامية والتخويف”.
وكشفت عملية توظيف الخريجين عن مصاعب النشاط السياسي داخل المنظمات والشركات، ففي الوقت الذي دعم أصحاب العمل حركة “حياة السود مهمة” وأوكرانيا، إلا أنهم لم يعرفوا كيفية الرد على غزة.
وقالت ميغان ريتز، الأستاذة المشاركة في مدرسة سعيد للأعمال بجامعة أوكسفورد، إن مدراء الشركات الكبار يتحدثون عن التداخل الجيلي في الأولويات والثقافة، وفيما إن على الموظفين الصغار أن يكون لهم رأي في من تقيم الشركة علاقات تجارية معه، وأضافت: “لدينا مدراء أو قادة ممن ينظرون إلى مجموعة من القضايا بأنها خارج نطاق العمل، إلا أن الجيل الشاب، كان لديه في بعض الحالات موقف مختلف حول بداية ونهاية العمل. ويتوقع الجيل الجديد أن يكون لديه صوت في مكان العمل، ويقال لنا دائما إن المكان جاهز له”.
وتقول تانيا دي غرانوولد، المديرة التنفيذية لشركة غود+ فير إيمبليورز، إن الموظفين الجدد يعتقدون أن مكان العمل هو “أول مكان يجبر فيه بعضهم على التعامل مع أشخاص لا تتوافق مواقفهم مع آرائهم”. وقالت إنه في بريطانيا “يقوم أصحاب العمل وبشكل متزايد بالحديث عن عدم تسامح الخريجين الجدد مع الآراء البديلة والمتعلقة بالموضوعات السياسية والاجتماعية”.
ويقول المسؤولون في عدة جامعات نخبة شهدت احتجاجات كبرى، إنهم لم يلاحظوا تراجعا في مناسبات التوظيف داخل الحرم الجامعي أو توظيف خريجين.
وقالت ميغان هندريكس، المديرة التنفيذية لأم بي إي لخدمات التوظيف، وتحالف أرباب العمل، إن أعضاء المجلس لم يروا مشاكل أو تحولات عندما يتعلق الأمر بالتوظيف من الحرم الجامعي، ولم يروا تغيرا في قطاع “أم بي إي”.