إسرائيل ترفض الكشف عن ملابسات استشهاده و شهوديؤكدون أن الطبيب عدنان البرش بدا كالظل بسبب التعذيب والحرمان من النوم والغذاء
لم تكتف سلطات الاحتلال باغتيال الطبيب عدنان البرش من غزة بالتعذيب خلال التحقيق معه، في التاسع عشر من أبريل/نيسان الماضي، بل تواصل احتجاز جثمانه، مثلما ترفض أيضاً الكشف عن ملابسات استشهاده رغم استجوابها من قبل جهات حقوقية.
وكان جيش الاحتلال قد اعتقل الدكتور عدنان البرش داخل مستشفى “العودة” في جباليا، خلال كانون أول/ ديسمبر الماضي، وبعد أربعة شهور أعلنت سلطات الإحتلال عن استشهادهداخل المعتقل، دون الكشف عن ظروف استشهاده.
و نقلت صحيفة “هآرتس”، العبرية يوم أمس الأحد، عن شهود شاهدوه داخل معتقل بجانب مدينة بئر السبع في النقب وقالوا إنه بدا لهم أنه يتعرّض للتعذيب، وأنه في الجحيم، مشددين على أن استشهاده يثير الكثير من الأسئلة.
وحسب نادي الأسير ، فقد استشهد البرش داخل سجن عوفر، وملابسات وفاته غير واضحة، فيما ترفض سلطات الاحتلال الكشف عنها. وهذا ما تكشف عنه “هآرتس”، بقولها إن الجهات الإسرائيلية المتعلقة بأسره، كالجيش وسلطات سجون الاحتلال، رفضت الرد على سؤالها، والكشف عن أيّ معلومة حول سبب الاستشهاد، وهي ترفض أيضاً تسليم جثمانه.
وحسب الناطق بلسان جيش الاحتلال، فقد اعتقل الطبيب البرش داخل منشأة اعتقال، قبل نقله لسجن كيشون في جوار حيفا، ومن وقتها خرج عن صلاحية جيش الاحتلال وبات بيد “الشاباك” وسلطة السجون.
من جهتها رفضت سلطات سجون الاحتلال النفي أو التأكيد على أيّ معلومة حول الشهيدالبرش، بذريعة أنها لا تتطرق إلى معلومات حول أسرى "أمنيين" ليسوا مواطنين في إسرائيل. وتنقل الصحيفة العبرية عن أشخاص التقوا الدكتور البرش خلال اعتقاله وأكدوا أنه عانى وضعاً صحياً سيئاً، وتنوّه إلى اعتقاد عائلته أيضاً بأنه توفي نتيجة التعذيب.
يشار إلى أن البرش ابن لعائلة مهجّرة من يافا منذ نكبة 1948، استقرت داخل مخيم اللاجئين جباليا، الذي تعرّض أهله للتهجير مرة تلو المرة منذ النكبة خلال الحروب الإسرائيلية على غزة، علماً أن “عروس فلسطين”- يافا كانت قد احتُلت في مثل هذه الأيام من مايو/أيار 1948 باستهدافها بمدافع الهاون من جهة تل أبيب وغيرها، والتي سقطت على المنازل، وقتلت وأصابت الكثير من سكانها ضمن مشاهد قصف تذكّر بالقول “ما أشبه اليوم بالبارحة”.
وقال أحد زملاء البرش من الأطباء المعتقلين المفرج عنهم: “كان واضحاً لنا أنه يتعرّض للجحيم وعمليات تعذيب وتنكيل وحرمان من النوم والغذاء فقد كابدَ أوجاعاً. حاولنا تهدئته، بيد أنه كان بحالة صدمة وبدا خائفاً وموجوعاً جداً. هذا ليس الطبيب البرش الذي نعرفه، بل هو ظلّه. علماً أنه كان إنساناً منيعاً رياضياً يداوم على السباحة واللياقة، وعندي قناعة أنه مات تحت التعذيب”.
وقال طبيب آخر إنه أصيب بالصدمة عندما شاهد البرش بحالته البائسة، فطالما كان بالنسبة لنا الطبيب القدوة، وإذا به يبدو “أداة مكسورة، بالكاد يتكلم، وبالكاد يفهم ما الذي يدور حوله، ولاحقاً نتلقى بلاغاً بأنه مات”.
و عمل الشهيد البرش طبيباً جراحاً، ومديراً لقسم العظام في مستشفى “الشفاء” داخل القطاع، ومع اقتراب قوات الاحتلال من المستشفى انتقل للمستشفى الأندونيسي في بيت لاهيا، وعندما تحول هذا لساحة حرب انتقل مجدداً لمستشفى “العودة” داخل مستشفى جباليا.
وكان البرش قد أنهى دراسة الطب بتفوق في الأردن، وعاد للعمل في القطاع، بعد سنوات من العمل في مستشفيات أردنية.
وتوضح زوجة الطبيب الشهيد ياسمين البرش أن زوجها لم يعد لبيته في جباليا منذ بدء الحرب، عدا أيام الهدنة.
وتتابع: “كان يتحدث معي بالهاتف عندما يتمكّن من ذلك، وكان دائم السؤال عن أولاده الستة، وطلبت منه العودة للبيت، وكان يرفض مصمّماً على البقاء مع المرضى والجرحى”.
يشار إلى أن العشرات من أبناء عائلة البرش في جباليا قد استشهدوا وأصيبوا بهجمات الاحتلال المتوحشة على جباليا في الشهور الأخيرة.