د. أسامة أبو الرُّب
وريث كورونا.. علماء يقولون إن فيروس الإنفلونزا سيكون المسؤول عن الوباء المقبل
قال علماء كبار إن سلالة من فيروس الإنفلونزا من المرجح أن تؤدي إلى جائحة جديدة في المستقبل القريب، وفقا لتقرير للكاتب روبن ماكي في الغارديان.
وتكشف دراسة استقصائية دولية، من المقرر نشرها في نهاية الأسبوع المقبل، أن 57% من كبار خبراء الأمراض يعتقدون الآن أن سلالة من فيروس الإنفلونزا ستكون السبب في التفشي العالمي التالي للأمراض المعدية القاتلة.
والإنفلونزا هي مرض تنفسي معدٍ تسببه فيروسات، يمكن أن يسبب مرضا خفيفا إلى شديد، وفي بعض الأحيان يمكن أن يؤدي إلى الوفاة، وفقا للمراكز الأميركية للتحكم بالأمراض والوقاية.
يمكن أن تسبب فيروسات الإنفلونزا مرضا خفيفا إلى شديد، يشمل الأعراض التالية:
- الحمى.
- القشعريرة.
- السعال.
- التهاب الحلق.
- سيلان الأنف.
- آلام في العضلات أو الجسم.
- الصداع.
- التعب.
قد يعاني بعض الأشخاص من القيء والإسهال، على الرغم من أن هذا أكثر شيوعا عند الأطفال منه عند البالغين.
أكبر تهديد وبائي
وقال جون سلمانتون جارسيا من جامعة كولونيا، الذي أجرى الدراسة، إن الاعتقاد بأن الإنفلونزا هي أكبر تهديد وبائي في العالم يعتمد على أبحاث طويلة الأمد، تظهر أنها تتطور وتتحول باستمرار.
وأضاف "في كل شتاء تظهر الإنفلونزا.. يمكنك وصف حالات التفشي هذه بأنها جوائح صغيرة. يتم التحكم فيها بشكل أو بآخر، لأن السلالات المختلفة التي تسببها ليست شديدة الخطورة بما فيه الكفاية، ولكن هذا لن يكون بالضرورة هو الحال إلى الأبد".
وسيتم الكشف عن تفاصيل الدراسة في مؤتمر الجمعية الأوروبية لعلم الأحياء الدقيقة السريرية والأمراض المعدية إسكميد (ESCMID) في برشلونة نهاية الأسبوع المقبل.
ومن المرجح أن يكون السبب التالي الأكثر ترجيحا لحدوث جائحة، بعد الإنفلونزا، هو فيروس – يطلق عليه اسم المرض إكس X – والذي لا يزال غير معروف للعلم، وفقا لـ21% من الخبراء الذين شاركوا في الدراسة.
ويعتقد العلماء أن الوباء المقبل سيكون ناجما عن كائن مجهري لم يتم تحديد هويته بعد وسيظهر فجأة، تماما كما ظهر فيروس كورونا سارس كوف 2 (Sars-CoV-2)، المسبب لمرض "كوفيد-19″، وبدأ يصيب البشر في عام 2019.
في الواقع، لا يزال بعض العلماء يعتقدون أن فيروس كورونا سارس ما زال يشكل تهديدا، حيث صنفه 15% من العلماء، الذين شملتهم الدراسة، على أنه السبب الأكثر احتمالا للوباء في المستقبل القريب.
أما الكائنات الحية الدقيقة القاتلة الأخرى -مثل فيروسات لاسا ونيباه وإيبولا وزيكا- فقد تم تصنيفها على أنها تهديدات عالمية خطيرة من قِبل 1% إلى 2% فقط من المشاركين.
وأضاف سلمانتون-غارسيا "ظلت الإنفلونزا، إلى حد كبير، تشكل التهديد الأول من حيث قدرتها على الانتشار الوبائي في نظر أغلبية كبيرة من علماء العالم".
إتش 5 إن 1
في الأسبوع الماضي، أثارت منظمة الصحة العالمية مخاوف بشأن الانتشار المقلق لسلالة الإنفلونزا إتش 5 إن 1 (H5N1)، التي تسبب ملايين حالات إنفلونزا الطيور في جميع أنحاء العالم، وقد بدأ هذا التفشي في عام 2020، وأدى إلى نفوق أو قتل عشرات الملايين من الدواجن، كما قضى على ملايين الطيور البرية.
وفي الآونة الأخيرة، انتشر الفيروس بين أنواع الثدييات، بما في ذلك الماشية التي أصيبت الآن بالعدوى في 12 ولاية بأميركا، مما زاد من المخاوف بشأن المخاطر التي يتعرض لها البشر.
وقال دانييل جولدهيل، من الكلية البيطرية الملكية في هاتفيلد، لمجلة نيتشر (Nature) الأسبوع الماضي، إنه كلما زاد عدد أنواع الثدييات التي يصيبها الفيروس، زادت فرص تطوره إلى سلالة تشكّل خطورة على البشر.
وأضاف عالم الفيروسات إد هاتشينسون، من جامعة جلاسكو، أن ظهور فيروس إتش 5 إن 1 في الماشية كان بمثابة مفاجأة، و"يمكن أن تصاب الخنازير بإنفلونزا الطيور، لكن الماشية لم تصب بذلك حتى وقت قريب"، لقد أصيبت بسلالات المرض الخاصة بها، لذلك كان ظهور فيروس إتش 5 إن 1 في الأبقار بمثابة صدمة.
ويضيف "هذا يعني أن مخاطر وصول الفيروس إلى المزيد من حيوانات المزرعة، ومن ثم من حيوانات المزرعة إلى البشر، تزداد أكثر فأكثر. كلما زاد انتشار الفيروس، زادت فرص تحوره بحيث يمكن أن ينتشر إلى البشر. في الأساس، نحن نرمي النرد مع هذا الفيروس".
إن احتمال انتشار جائحة الإنفلونزا أمر مثير للقلق، على الرغم من أن العلماء يشيرون أيضا إلى أن اللقاحات ضد العديد من السلالات، بما في ذلك فيروس إتش 5 إن 1، قد تم تطويرها بالفعل.
إذا كان هناك جائحة لإنفلونزا الطيور، فسيظل إنتاج اللقاحات بالحجم والسرعة المطلوبين يمثل تحديا لوجستيا هائلا، ومع ذلك، سنكون على هذا الطريق أكثر بكثير مما كنا عليه مع "كوفيد-19" عندما كان لا بد من تطوير لقاح من الصفر.
ومع ذلك، قال سلمانتون غارسيا إن بعض الدروس المتعلقة بمنع انتشار المرض قد تم نسيانها منذ نهاية جائحة كورونا. "لقد عاد الناس إلى السعال في أيديهم ثم مصافحة الآخرين. اختفى ارتداء الأقنعة. لقد عدنا إلى عاداتنا السيئة القديمة. ربما نندم على ذلك".