نادي الأسير ومركز "شمس" يصدران ورقة حقائق في يوم الأسير الفلسطيني
الواقع المر
المقدمة
أصدر نادي الأسير الفلسطيني، ومركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" ورقة حقائق حول واقع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وذلك بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني الذي يصادف في 17 نيسان من كل عام. جدير بالذكر أن المجلس الوطني الفلسطيني أقر في عام1974، خلال دورته العادية يوم السابع عشر من نيسان، يوماً لنصرة الأسرى والمعتقلين ووفاءً لتضحياتهم وتكريماً لدماء من سقطوا شهداء خلف القضبان. وفي 29 آذار من العام 2008، أقرت القمة العربية التي عُقدت في دمشق اعتماد السابع عشر من نيسان من كل عام يوماً عربياً يتم إحيائه في كافة الدول العربية تضامناً مع الأسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
تحل ذكرى "يوم الأسير" هذا العام، والحركة الأسيرة الفلسطينية تمر في أسوأ أوضاعها وظروفها، وذلك منذ العام 1967، وذلك بسبب التجاهل الكامل لكل هذه المعاهدات والاتفاقيات والمواثيق، عبر مواصلة "إسرائيل" القوة القائمة بالاحتلال إتباع إجراءات ممنهجة وسياسيات طويلة الأمد على المستويات التنفيذية والتشريعية والقضائية تُفضي لانتهاك ممنهج لحقوق المعتقلين والأسرى في السجون الإسرائيلية ضمن رؤية استعمارية، والتي طالت في جانب منها حقهم في السلامة الجسدية وعدم التعرض للتعذيب، وحقهم في ضمانات العدالة وفي الرعاية الصحية.
اعتمدت حكومات الاحتلال الإسرائيلي المتعاقبة على سياسة الاعتقالات كأداة لكسر إرادة الشعب الفلسطيني والقضاء على أي رؤية أو فكر أو عمل مقاوم ضد الاحتلال سواء كان بشكل فردي أو بشكل منظم من خلال أحزاب ومجموعات ومنظمات فلسطينية، ومارست بحقهم كافة أشكال التنكيل والتعذيب على مدار سنوات الاحتلال دون التقيد بأي قواعد إنسانية أو دولية في التعامل معهم، وتجنبت استخدام مصطلح (أسير) عن أي مواطن فلسطيني يتم اعتقاله، واستخدمت مصطلح (سجين أمني) بدلاً منه، في محاولة يائسة منها لكي تتجنب وتتحلل من أي مسؤولية أمام المجتمع الدولي في تعاملها مع الأسرى الفلسطينيين، وتتصرف معهم كأشخاص مجرمين ارتكبوا جرائم جنائية وليسوا أسرى حرب، وفي محاولة أخرى للتنصل من التزاماتها القانونية الدولية وخاصة استحقاقات اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة.
ودأبت حكومة الاحتلال على استخدام أساليب وممارسات عدوانية بحق الأسرى بشكل منظم وممنهج من خلال اعتقالهم لفترات طويلة وزجهم في معتقلات تفتقر لأدنى درجة من ظروف الحياة الإنسانية، وارتكبت بحقهم كافة ممارسات القمع والتعذيب والإذلال بطريقة ممنهجة لتحويل الأسرى من طاقات فاعلة ومنتجة إلى أشخاص مرضى يعانون من مشاكل صحية ونفسية يحتاجون من يساعدهم على تحمل ظروف الحياة. وهي الدولة الوحيدة في العالم التي شرعت التعذيب وعملت على إصدار تشريع في الكنيست الإسرائيلي في العام 1987م حيث سمحت لجهاز الشاباك الإسرائيلي آنذاك بممارسة الضغط النفسي على المعتقلين الفلسطينيين الذين تتهمهم سلطات الاحتلال بارتكاب أعمال تسمى "إرهابية" وأجازت للضباط والمحققين استعمال التعذيب وشرعنته، في تأكيد واضح وصريح عن منظومة استعمارية كولنيالية متكاملة، وعملت على ضمان إفلات قادتها من العقاب من خلال منع لجان التحقيق الدولية من الوصول إلى الأسرى وإعاقة عملهم وممارسة ضغوط على قضاة المحاكم الدولية لمنع ملاحقة مرتكبي الجرائم الإسرائيلية في المحاكم الدولية.
الأسرى في سجون الاحتلال الواقع والمعاناة
تشير الإحصاءات الرسمية الصادرة عن نادي الأسير الفلسطيني إلى أنه ما زال يقبع في سجون الاحتلال الإسرائيلي حوالي (9400) أسير من بينهم أكثر (200) طفل، ونحو (80) أسيرة، و أكثر من (3660) معتقلا إدارياً من بينهم (41) طفلًا، (21) أسيرات، و(24) صحفياً.
وقد استخدمت حكومات الاحتلال الإسرائيلي المتعاقبة الأسرى كورقة للمساومة في المفاوضات السياسية أو في صفقات تبادل الأسرى وعملت على تقسيمهم بناء على تسميات غير قانونية أو حقوقية مثل تسمية بعض الأسرى باسم أسرى ملطخة أيديهم بالدماء إلى أسرى بناء على الحكم أسرى المؤبدات، واستخدمتهم أيضاً كورقة لابتزاز السلطة الوطنية الفلسطينية من خلال الضغط عليها من أجل وقف دفع رواتب الأسرى والمحررين الفلسطينيين، وساندتها في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية بالضغط عدة مرات على السلطة الوطنية الفلسطينية لوقف رواتب الأسرى في تماهي واضح مع الموقف الإسرائيلي.
ومع بداية عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة في 7/10/2023م، عمل الاحتلال على القيام بحملة اعتقالات منظمة شملت كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة والضفة الغربية، وعلى تشديد الإجراءات على الأسرى والتضييق عليهم، وأصبح الجيش الإسرائيلي هو المسؤول الأول عن إدارة السجون وفقاً لحالة الطوارئ المعلنة، وعمل ما يعرف بوزير الأمن الداخلي في حكومة الاحتلال بإقرار المزيد من إجراءات التضييق على الأسرى وأعلن الحرب عليهم بكل ما تعنيه من معاني وإجراءات عقابية وتعسفية، فأصدر تعليمات لمصادرة أجهزة الهواتف والراديو والأباريق الكهربائية والكانتين وتقليص وجبات الطعام بشكل كبير مما أدى إلى حالة من الجوع الشديد في صفوف الأسرى وسحب الأغطية والملابس والإبقاء على غيار واحد فقط لكل أسير، ومنع الخروج إلى الساحات والتنقل بين الغرف والأقسام ومنع زيارة الأهل والمحامين والصليب الأحمر الدولي للأسرى، أي العمل على قطع أي اتصال بين الأسرى والعالم الخارجي بشكل كامل، وبعد أيام قليلة من تلمك الإجراءات العقابية تم استهداف الأسرى بأنواع مختلفة من التعذيب المنظم والضرب المبرح في كافة السجون من قبل ما تعرف بالوحدات الخاصة في الجيش الإسرائيلي مثل وحدات (المتسادا، الكتير، اليماز، الدرور)، وظهور الجيش بالأسلحة الرشاشة داخل أقسام السجون مما يعطي مؤشر على نية استفزازية للأسرى من أجل تصفيتهم بشكل مباشر من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي.
حملات الاعتقالات بحق الأطفال والنساء
ومازالت حكومة الاحتلال تقوم بحملات اعتقالات مسعورة شملت عدداً كبيراً من الأطفال والنساء، وفق خطط وسياسات منظمة، إذ تشكل حملات الاعتقالات تلك انتهاكاً لخصوصية الأطفال والنساء، وتستند تلك الاعتقالات إلى الأوامر العسكرية الإسرائيلية وأهمها الأمر العسكري رقم (132) في اعتقال الأطفال، وتصادر حقهم في الحرية وتزجهم في مراكز الاعتقال والتوقيف، ويتم محاكمتهم أمام المحاكم العسكرية الإسرائيلية وليس أمام المحاكم المدنية، ففي الوقت الذي يتمتع أقرانهم من أطفال العالم بطفولتهم في الحدائق والملاعب والملاهي فإن أطفال فلسطين يعانون أشد المعاناة من سياسات الاحتلال والتي تصادر حقهم في التعليم والترفيه والحياة الكريمة، في انتهاك واضح وصريح لكل ما عُمّد ووثق في الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل لعام 1989م وخاصة المادة رقم (31) من الاتفاقية والتي نصت على (حق الطفل في الراحة ووقت الفراغ ومزاولة الألعاب وأنشطة الاستجمام المناسبة لسنه والمشاركة بحرية في الحياة الثقافية). فقد بلغ عدد الأطفال الذين تم اعتقالهم منذ العام 1967م أكثر من (50) ألف طفل فلسطيني ذكوراً وإناثاً، وما زال حتى يومنا هذا يقبع داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي أكثر من (200) طفل، ويتعرض الأطفال الأسرى لشتى أنواع العذاب في مراكز الاعتقال وأقبية التحقيق، إذ تحولت تلك المراكز إلى أماكن لانتزاع الطفولة والبراءة وتشويه واقع الطفولة الفلسطينية وتدمير مستقبلها وإبادتها، مما يكشف عن الخطر الحقيقي لتلك الجرائم التي يجب مواجهتها بكل الوسائل والأساليب المتاحة محلياً ودولياً.
ويستخدم الاحتلال الإسرائيلي سياسة الحبس المنزلي للالتفاف على القوانين وتنفيذ الاعتقالات بحق الأطفال الفلسطينيين وخاصة أطفال القدس، والتي تعتبر إجراءً تعسفياً غير أخلاقي وغير إنساني ومخالف للمثل والمبادئ والقيم الإنسانية، إذ تطبق سلطات الاحتلال هذه الاعتقالات على الأطفال دون سن (14) سنة، لأن القانون الإسرائيلي لا يجيز حبسهم، وتجنباً لبعض الانتقادات من المؤسسات الحقوقية الدولية، علماً بأن محاكم الاحتلال قد أصدرت الآلاف من قرارات الحبس المنزلي خلال السنوات الماضية، ويوجد نوعان من الحبس المنزلي، الحبس المنزلي الدائم أي التزام الطفل بالبقاء في منزل عائلته وعدم مغادرته نهائياً طيلة فترة الحكم، والثاني الحبس المنزلي في بيت أحد الأقارب أو الأصدقاء بعيداً عن عائلته ومنطقة سكنه وإقامته الأصلية، مما يزيد من حالة القلق والتوتر لدى العائلة والطفل.
واستخدمت حكومة الاحتلال العنف الجنسي بحق الأسيرات الفلسطينيات بكافة أشكاله وفق سياسة سلوك منظم وممنهج ومتأصل لدى جيش الاحتلال وخاصة النساء اللواتي تم اعتقالهن في قطاع غزة بعد 7/10/2023م وتعريضهن إلى معاملة غير إنسانية والحرمان من الغذاء والدواء واستخدم الضرب المبرح بحقهن وتم احتجازهن داخل أقفاص في البرد الشديد وتحت المطر وهذا ما أكده بيان الخبراء في الأمم المتحدة إذ جاء في البيان (إننا نشعر بالأسى بشكل خاص إزاء التقارير التي تفيد بأن النساء والفتيات الفلسطينيات المحتجزات تعرضن أيضًا لأشكال متعددة من الاعتداء الجنسي، مثل تجريدهن من ملابسهن وتفتيشهن من قبل ضباط الجيش الإسرائيلي الذكور، وإن ما لا يقل عن معتقلتين فلسطينيتين تعرضتا للاغتصاب بينما ورد أن أخريات تعرضن للتهديد بالاغتصاب والعنف الجنسي، وأن الجيش الإسرائيلي ليلتقط صوراً للمعتقلات في ظروف مهينة ونشرها على الإنترنت، وأعرب الخبراء عن قلقهم إزاء التقارير التي تفيد بأن عددًا غير معروف من النساء والأطفال الفلسطينيين، بمن في ذلك فتيات قد اختفوا بعد وصول الجيش الإسرائيلي في غزة إليهم، وقالوا إن "هناك تقارير مثيرة للقلق عن رضيعة واحدة على الأقل نقلها الجيش الإسرائيلي قسرًا إلى إسرائيل، وعن فصل أطفال عن والديهم، وما يزال مكان وجودهم مجهولاً"، وعن جرائم خطيرة وأعاد الخبراء تذكير حكومة "إسرائيل" بالتزامها بدعم الحق في الحياة والسلامة والصحة والكرامة للنساء والفتيات الفلسطينيات، وضمان عدم تعرض أي شخص للعنف أو التعذيب أو سوء المعاملة أو المعاملة المهينة، بما في ذلك المعاملة الجنسية).وتجلت سياسات الاحتلال القمعية التعامل مع الأسرى في مراكز التوقيف والمعتقلات وتمثلت تلك السياسات والأساليب في عدد من الإجراءات العقابية وأهمها:
1-سياسة (الإهمال الطبي) القتل البطيء
تعمدت الحكومة الإسرائيلية باستخدام سياسة الإهمال الطبي كسياسة عقابية بحق الأسرى من أجل النيل منهم وقتلهم من خلال الموت البطيء، وتخلت عن مسؤولياتها في توفير الرعاية الصحية والخدمات الطبية للأسرى من توفير عيادة مناسبة يحصل فيها أسرى الحرب على ما يحتاجونه من رعاية صحية، ولم تقدم أية خدمات للأسرى الذين يحتاجون إلى رعاية خاصة أو عمليات جراحية أو رعاية في المستشفيات، ولم تلتزم بإجراء الفحص الطبي لكل أسير وفي مراقبة الحالة العامة لصحية لهم، ولم تلتزم بقواعد مانديلا الخاصة بمراكز الاعتقال والتوقيف في توفير الظروف المناسبة والملائمة للأسرى من الطعام والشراب والاحتياجات الأساسية لهم وظروف السكن المناسبة، مما أدى إلى استشهاد عدد من الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي بسبب سياسة الإهمال الطبي المتعمدة.
2-سياسة التعذيب
وما زالت حكومة الاحتلال تمعن بانتهاكاتها الجسيمة لحقوق الأسرى الفلسطينيين والمتمثلة بالتعذيب الجسدي وسوء المعاملة وسياسة العقاب الجماعي والعزل الانفرادي، والتعذيب النفسي، والاعتقال الإداري، والتفتيش والإذلال، والحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية، والإهمال الطبي، وتقليل وجبات الطعام، ومنع الزيارة ، والضرب المبرح وتعريض الأسرى إلى درجة حرارة مرتفعة أو رطوبة عالية، واستخدام أساليب لا إنسانية في التعذيب مثل أسلوب الضرب على الوجه، و تكسير الأصابع والأسنان، و(الفلكة) على أسفل الأرجل بالعصي، واستعمال التفتيش العاري للأسرى، وإلقاء المياه الباردة على الأسرى، وتعريض الأسرى للموسيقى الصاخبة، والشبح لساعات طويلة دون النظر إلى أدنى درجة من احترام شخصهم أو خصوصيتهم أو حقوقهم الأساسية كأسرى حرب أو كبشر عاديين، إذ أن تلك الممارسات الإجرامية بحق الأسرى ترتقي إلى ما مارسته الأنظمة الشمولية والفاشية في الحرب العالمية الثانية في التعامل مع أسرى الحرب في معسكرات الاعتقال في أوروبا أبان الحرب العالمية الثانية بجعل الأسرى يموتون في مراكز اعتقالهم بسبب التعذيب وعدم توفر الرعاية الصحية والظروف المناسبة لهم.
3-الاختفاء القسري
تمارس قوات الاحتلال سياسة الإخفاء القسري بحق الأسرى وخاصة أسرى قطاع غزة باعتبارهم مقاتلين غير شرعيين وتحرمهم من لقاء محاميهم، وتم إقامة مراكز اعتقال جديدة لهم في مناطق مختلفة في النقب والقدس، إذ يتعرض الأسرى في مراكز الاعتقال هذه لكافة أشكال التعذيب والحرمان من الغذاء والماء، علماً بأن المعتقلين من قطاع غزة هم من عدة فئات من المقاومين والعمال والنساء والأطفال، فكيف يصنفون بالمقالتين غير الشرعيين وغالبيتهم من فئة المدنيين والذين يجب أن تتوفر ظروف خاصة لحمايتهم. ولم تفصح حكومة الاحتلال عن أعدادهم أو أسمائهم أو أماكن احتجازهم لأي جهة كانت سواء دولية أو محلية، ولم تتوفر أية بيانات أو معلومات عنهم، سوى بعض الشهادات لأسرى تم إطلاق سراحهم كانوا في أقسام قريبة من أقسامهم، إذ رويت بعض الشهادات أن الاحتلال أجبرهم على النباح وترديد أناشيد إسرائيلية وشتم رموز المقاومة في بعض الأحيان مقابل تزويدهم بوجبات الطعام، وقد أعلن وزير الحرب الإسرائيلي عن افتتاح سجن (سدية تيمان) في منطقة النقب كمكان لاحتجاز المقاتلين غير الشرعيين كما وصفهم.
ووفقا لسياسة التنكيل والتعذيب والإهمال الطبي الممنهجة التي مارستها حكومات الاحتلال بحق الأسرى الفلسطينيين في سجونها فقد بلغ عدد الأسرى الذين استشهدوا دخل سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ العام 1967 إلى (251) شهيداً، وقد ارتفعت حالات الاستشهاد داخل صفوف الأسرى منذ 7/10/2023م ، إذ بلغ عدد الشهداء من الأسرى منذ ذلك التاريخ حتى اليوم (16) شهيداً غالبيتهم استشهدوا بسبب التعذيب وسياسة الإهمال الطبي المتعمدة، وهم الشهيد الأسير المريض بالسرطان عاصف الرفاعي البالغ من العمر(22)عاماً، استشهد صباح يوم الخميس الموافق 29/2/2024م في مستشفى(أساف هروفيه) الإسرائيلي، من بلدة كفر عين في محافظة رام الله، والمعتقل من قبل الاحتلال منذ 24/9/2022م ، والشهيد الأسير الطفل الجريح محمد طارق أبو اسنينة البالغ (15) عاماً من القدس، الذي استشهد يوم الاثنين الموافق 12/2/2024م بعد أن تم إطلاق النار عليه من قبل الاحتلال واعتقاله مباشرة، والشهيد الأسير المريض (المقعد) خالد جمال موسى الشاويش البالغ من العمر(53)عاماً استشهد صباح يوم الأربعاء الموافق 21/2/2024م في مستشفى (أساف هروفيه) الإسرائيلي، والشهيد الأسير عبد الرحمن باسم البحش (23) عام، من مدينة نابلس استشهد في سجن مجدو بتاريخ 1/1/2024 علماً بأنه معتقل منذ 31/5/2022 وحكم لمدة (35) شهر، والشهيد الأسير عمر دراغمة (58 عامًا) من طوباس، اُستشهد في تاريخ 23/10/2023 بعد ساعات على عقد جلسة محكمة له في سجن (مجدو)، علمًا أنه اعتقل في التاسع من أكتوبر 2023، وقد جرى تحويله للاعتقال الإداريّ، والشهيد الأسير عرفات حمدان (25) عاماً من رام الله، اُستشهد في تاريخ 24/10/2023، في سجن (عوفر)، وهو معتقل في تاريخ 22 أكتوبر 2023، أي استشهد بعد يومين على اعتقاله، والشهيد الأسير ماجد زقول (32) عاماً من غزة أُعلن عن استشهاده في تاريخ 6/11/2023، علمًا أن هذا الإعلان جاء بعد مرور مدة على استشهاده في سجن (عوفر)، وهو أحد العمال الذين جرى اعتقالهم بعد السابع من أكتوبر، والشهيد الأسير عبد الرحمن مرعي (33) عاماً من سلفيت، استشهد في تاريخ 13/11/2023 في سجن (مجدو)، وأعلن عن استشهاده في اليوم التالي، علمًا أنه اُعتقل في 25 فبراير 2023، والشهيد الأسير ثائر أبو عصب (38) عاماً من قلقيلية، اُستشهد في 18/11/2023، وأعلن عن استشهاده بعد نقله من سجن (النقب) إلى مستشفى (سوروكا)، وهو معتقل منذ عام 2005، ويقضي حكماً بالسّجن لمدة 25 عاماً، والشهيد الأسير عمر دراغمة من طوباس اعتقل بتاريخ 9/10/2023م وأعلن عن استشهاده بتاريخ 23/10/2023 في سجن مجدو، والشهيد الأسير محمد أحمد الصبار البالغ من العمر (21) عاماً بتاريخ 8/2/2024 م من بلدة الظاهرية جنوب الخليل، والمعتقل إدارياً منذ شهر 5/2022م في سجن عوفر، والشهيد الأسير عز الدين زياد البنا (39)عاماً من مدينة غزة بتاريخ 20/2/2024 استشهد في سجن الرملة حيث اعتقل بعد 7/10/2023، إضافة إلى الشهيد المعتقل المسن أحمد قديح من غزة، والشهيد جمعة أبو غنيمة من الأراضي المحتلة عام 1948، والأسير وليد دقة من باقة الغربية في الأراضي المحتلة عام 1948، المصاب بالسرطان، والذي ارتقى في تاريخ السابع من نيسان/ أبريل 2024، جرّاء الجرائم الطبيّة التي تعرض لها على مدار سنوات طويلة، كما استشهد الأسير عبد الرحيم عامر من قلقيلية بعد أن اعتقل في الأراضي المحتلة عام 1948، بذريعة الدخول بدون تصريح، حيث ارتقى في تاريخ 13/4/2024.هذا ويشار إلى أنّ الاحتلال كان قد أعلن عبر وسائل إعلامه، أن (27) من معتقلي غزة استشهدوا في المعسكرات دون الكشف عن هوياتهم وظروف استشهادهم، في ضوء استمرار جريمة الإخفاء القسري بحقّهم.
انتهاك الاحتلال للقانون الدولي في تعامله مع الأسرى الفلسطينيين
إن ما يتعرض له الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي يشكل انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي الإنساني وللقانون الدولي لحقوق الإنسان سواء كانوا مدنيين تنطبق عليهم اتفاقية جنيف الرابعة أو مقاومين عسكريين تنطبق عليهم اتفاقية جنيف الثالثة، فقد نصت المادة رقم (13) من اتفاقية جنيف الثالثة على (وجوب معاملة أسرى الحرب معاملة إنسانية في جميع الأوقات ويحظر أن تقترف الدولة الحاجزة أي فعل أو إهمال غير مشروع يسبب موت أسير في عهدتها، ولا يجوز تعريض أي أسير حرب للتشويه البدني، ويجب حماية أسرى الحرب في جميع الأوقات وعلى الأخص ضد أعمال العنف والتهديد وتحظر تدابير الاقتصاص من أسرى الحرب)، وانتهاك للمادة رقم (15) من نفس الاتفاقية والتي أكدت على أن (تتكفل الدولة التي تحتجز أسرى الحرب بإعاشتهم دون مقابل وبتقديم الرعاية الطبية التي تتطلبها حالتهم الصحية مجاناً)، وانتهاك للقانون الدولي لحقوق الإنسان وخاصة اتفاقية روما لسنة 1998م الخاصة بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية إذ اعتبرت المادة رقم (7) من الاتفاقية أن الاختفاء القسري يشكل جريمة ضد الإنسانية، وانتهاك لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها المؤرخة في 9/12/1948م إذ نصت المادة رقم (2) من الاتفاقية على أن جريمة الإبادة الجماعية (أياً من الأفعال المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو دينية وإخضاع الجماعة عمداً لظروف معيشية يراد تدميرها المادي كلياً أو جزئياً)، وانتهاك للاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري المؤرخة في 23/12/2010م، إذ نصت لمادة رقم (1) من الاتفاقية على (لا يجوز تعريض أي شخص للاختفاء القسري، ولا يجوز التذرع بأي ظرف استثنائي كان سواء تعلق بحالة حرب أو التهديد باندلاع حرب، أو بانعدام الاستقرار السياسي، أو بأية حالة استثنائية أخرى، لتبرير الاختفاء القسري)، ونصت المادة رقم (5) من نفس الاتفاقية على (تشكل ممارسة الاختفاء القسري العامة أو الممنهجة جريمة ضد الإنسانية ). وانتهاك لإعلان الأمم المتحدة المتعلق بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 18 كانون أول ديسمبر 1992م، وانتهاك للقاعدة رقم (117) من قواعد الصليب الأحمر الدولي التي أكدت على ضرورة أن تتخذ كافة أطراف النزاع الإجراءات المستطاعة للإبلاغ والإفادة عن الأشخاص المفقودين في النزاع المسلح، وضرورة تزويد أفراد عائلاتهم بأية معلومات عن مصيرهم وتنطبق هذه القاعدة على النزاعات المسلحة ذات الطابع الدولي وذات الطابع الغير دولي.
الخطوات الواجب اتخاذها على الصعيد المحلي والدولي
على الصعيد الدولي
على الجهات الدولية ذات الاختصاص وخاصة هيئة الأمم المتحدة، والأطراف السامية المتعاقدة والموقعة على اتفاقيات جنيف، ومجلس حقوق الإنسان، والمقرر الخاص المعني بحالات الاختفاء القسري، واللجنة الدولية المعنية بحالات الاختفاء القسري والمنبثقة عن الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري، ومنظمة الصليب الأحمر الدولي، ومنظمة العفو الدولية، والمنظمات الحقوقية الدولية والمنظمات الحكومية والغير حكومية ضرورة التدخل العاجل والقيام بالمسؤوليات الحقوقية والإنسانية والأخلاقية الموكلة لها بمتابعة كل ما يتعلق بالأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وجرائم الاختفاء القسري التي طالت المئات من المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة، الذين يتم احتجازهم في ظروف إنسانية صعبة ومعقدة ويتعرضون للتنكيل والتعذيب والحرمان والمنع من زيارة محاميهم ولا تُعرف أماكن تواجدهم وظروفهم وحالتهم الصحية.
على الصعيد المحلي
في ظل المعاناة التي يعانيها الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي وفي ظل التعنت الإسرائيلي في التعاطي مع قضايا الأسرى وفرض المزيد من التدابير العقابية بحقهم وانتهاكاته الجسيمة للقانون الدولي الإنساني، فإنه أصبح من الواجب والضروري تبني إستراتيجية فلسطينية محلية بالتنسيق والتوافق مع كافة الأطراف والجهات ذات العلاقة من المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني وضرورة تشكيل حاضنة شعبية ومؤسساتية للأسرى وذويهم لرعايتهم والاهتمام بهم وأن لا يتركوا وحدهم سواء وهم في الأسر أو بعد إطلاق سراحهم نظراً للتضحيات الجسام التي قدموها والمعاناة التي عانوها خلال فترات الاعتقال.
تتمثل كل الإستراتيجية في القيام بعدد من الخطوات على الصعيد المحلي والدولي تبادر بها المؤسسات والهيئات الرسمية والشعبية والأحزاب والفعاليات والجاليات والاتحادات ومؤسسات حقوق إنسان، والتوجه إلى المحاكم الدولية من أجل ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين وتقديم شكاوى لدى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي أو أمام المحاكم الوطنية للدول الديمقراطية التي تسمح أنظمتها الداخلية بذلك، والمتابعة الحثيثة والدائمة مع منظمة الصليب الأحمر الدولي من أجل تحسين الظروف الآنية والأوضاع اليومية للأسرى وخاصة الأسرى المرضى والأطفال والنساء كونها مؤسسة دولية مستقلة ومحايدة يتعلق دورها في الجانب الحقوقي الإجرائي أي الترتيبات الآنية التي تخص الأسرى وخاصة في موضوع الرعاية الصحية وظروف الاعتقال والزيارات، ويجب على الهيئات الفلسطينية الرسمية منظمة التحرير الفلسطينية – دائرة شؤون المفاوضات، ومجلس الوزراء إعطاء اهتمام أكبر لقضية الأسرى وبقائها على سلم أولويات القيادة الفلسطينية، ومطالبة البرلمان الأوروبي والبرلمان العربي وبرلمانات الدول الصديقة بضرورة بذل كل ما بوسعها من أجل الضغط على الحكومة الإسرائيلية لإطلاق سراح أعضاء المجلس التشريعي الأسرى في سجون الاحتلال، ومطالبة المؤسسات الحقوقية الدولية المختصة في قضايا حقوق الأطفال والنساء والمرضى بضرورة التدخل والضغط على حكومة الاحتلال من أجل إطلاق سراح الأسرى من النساء والأطفال والمرضى.