غزيون اعتقلهم الاحتلال.. ضرب وركل وتركيع وشتائم وتهديد بالكهرباء
نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريراً أعدّته فاطمة عبد الكريم وسون إنجيل راسموسين نقل شهادات مواطنين اعتقلتهم قوات الاحتلال بعد اجتياح غزة، تحدثوا فيها عن الضرب والجلوس في أوضاع غير مريحة. وقال السجناء السابقون من غزة إنهم تعرضوا للضرب، وأُجبروا على الركوع لمدة تصل إلى عشرين ساعة، وأحياناً أيديهم مقيدة فوق رؤوسهم.
وعندما أفرج جنود الاحتلال عن بهاء أبو ركبة من غزة، وبعد اعتقاله مدة ثلاثة أسابيع، قال إنه يعاني من ألم، ويجد صعوبة في المشي نظراً لأنه ضرب بشكل متكرر بأعقاب البنادق، ورُكل في بطنه.
وقالت الأمم المتحدة إن إسرائيل اعتقلت آلالاف المواطنين منذ غزوها غزة، بعد منذ تشرين الأول/ أكتوبر
وتحدثت “وول ستريت جورنال” مع عدد من المعتقلين وصفوا ما تعرضوا إليه من أشكال التعذيب النفسي والجسدي، بما في ذلك الضرب أثناء التحقيقات ووضعهم في أوضاع غير مريحة لمدد طويلة.
وقال أبو ركبة، الذي يعمل مسعفاً في الهلال الأحمر الفلسطيني: “صلّيت من أجل النجاة”. وقال إنه أُجبر، في بعض الأيام، على الركوع ويداه فوق رأسه لمدة 20 ساعة.
وذكرت صحيفة “هآرتس” العبرية، بداية الشهر تلجاري، أن 27 مواطنا من غزة ماتوا في معتقلات الاحتلال ، وأخبر جيش الإحتلال “وول ستريت جورنال” أنه واعٍ لوفاة معتقلين في سجونه
ووصفوا عدداً متنوعاً من أساليب المعاملة السيئة، وقال بعضهم إنهم ضُربوا ورُكلوا أثناء الاعتقال. وقال آخرون إنهم لم يتعرضوا للضرب ولكنهم تعرضوا لانتهاكات لفظية أخرى. وقال بعضهم إنهم منعوا من النوم وسمح لهم بالنوم أربع ساعات في اليوم. ولم يحصلوا على الفراش أو البطانيات. ووصف الكثيرون الأوضاع السيئة بالمعتقلات، بما في ذلك الازدحام وعدم توفر النظافة.
و يزعم الاحتلال أن“العنف والمعاملة العدائية” للمعتقلين ممنوعة، وتتناقض مع معتقدات البلد وقيمه. وقال إنه عامَلَ المعتقلين حسب القانون الدولي، ووفَّرَ لهم العناية الطبية والغذاء وسمح لهم بالصلاة والنوم حسب تعبيره.
وفي الشهر الماضي، قال أبرز محام في جيش الإحتلال يفات تومير يروشاليمي إن بعض القوات تخضع للتحقيق في جرائم وإساءة سلوك، بما في ذلك انتهاك المعتقلين واستخدام القوة المفرطة.
وقالت تال ستاينر، المديرة التنفييذية للجنة العامة ضد التعذيب في إسرائيل: “لقد اعتقلوا في أماكن غير معروفة، وبدون حق لاستشارة المحامي، ولا تواصل مع عائلاتهم”. كل هذا يثير، كما قالت، “صورة قاتمة جداً جداً”.
وفي أسابيع ما بعد غزو إسرائيل لغزة، أثارت صور المعتقلين نصف العراة، والتي نشرت على منصات التواصل الاجتماعي ولقطات الفيديو عنهم شجباً دولياً، حيث بدا بعضهم راكعين على الشارع، أو يحتضنون أرجلهم وسط البرد. ووصفت وزارة الخارجية الأمريكية الصور بأنها مثيرة “للقلق الشديد”.
واعتقل الكثير من المواطنين في تشرين الثاني/نوفمبر وكانون الأول/ ديسمبر، وخلال المرحلة الأولى من الاجتياح الإسرائيلي، وأمر سكان الشمال بالجلاء عنه، ووصفوا كيف تم اعتقالهم بشكل جماعي وتجريدهم من ملابسهم، وأحياناً وضع العصابات على عيونهم قبل نقلهم لمعتقلات في غزة وإلى إسرائيل.
وقال الصحافي محمد عبيد (20 عاماً) إنه اعتقل في تشرين الأول/أكتوبر، وعندما كان ينفذ أوامر بالخروج من مدينة غزة، حيث سحبه الجنود الإسرائيليون تحت تهديد السلاح، وأمروه بخلع ملابسه، إلا سرواله الداخلي، ثم قيدوا يديه وقدميه بقيد بلاستيكي. وقال عبيد إن الجنود وضعوه في شاحنة، ثم حافلة مع بقية المعتقلين، ونقلوا إلى ملعب ببنايات مؤقتة. وأخذ للتحقيق مدة ست ساعات، حيث كانت يداه مقيدتين لسقف الغرفة. وفي اليوم التالي أخذه المحققون لغرفة أخرى وسألوه عما كان يفعل في يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، وسألوه عن الأسرى وأنفاق “حماس” ومواقع إطلاق الصواريخ، وتبادلوا على لكمه على الوجه. وبعد التحقيق جرّوه من الغرفة، وطلبوا منه مسح الدم عن وجهه والوقوف أمام العلم الإسرائيلي لالتقاط صورة له. وقال إنه أفرج عنه بعد 40 يوماً بدون توجيه اتهامات.
أما أيمن لبد (34 عاماً) فقد كان مع عائلته في شمال غزة، عندما أمر الجيش سكان الحيّ بالجلاء عنه. وبحسب شهادة مكتوبة، قال إن الجيش أمر النساء والأطفال بالذهاب إلى مستشفى قريب، أما الذكور من سن 14 عاماً وما فوق فقد أمروا بخلع ملابسهم والركوع في الشارع. وقال لبد، الأب لثلاثة أطفال، إن الجنود وضعوا عصابة على عينيه، وقيّدوا يديه بقيد بلاستيكي، ونقلوه بين عدد من مواقع الاعتقال: “ضربني الجنود الإسرائيليون بدون سبب”، و”ضربوني بشكل دائم على صدري، ولم أستطع النوم ليلتين نظراً للألم الشديد”، وأفرج عنه لاحقاً في 14 كانون الأول/ديسمبر.
وتم اعتقال المواطنين من غزة بموجب قانون 2002، والذي سمح لإسرائيل باعتقال “المقاتلين غير الشرعيين”. وبعد هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر، أصدرت إسرائيل نسخة طارئة معدلة يسمح لها باعتقال أي شخص مدة ستة أشهر بدون مشاهدة محامٍ.
وقال موريس هيرش، مدير دائرة الادعاء العسكري السابق في الضفة الغربية، إن إسرائيل كانت تحاول الحصول على معلومات عن الأسرى الـ240 الذين أخذتهم “حماس” بعد الهجوم. و زعم إن إسرائيل لا تسمح بالتعذيب الجسدي أثناء الاعتقال، إلا أنه اعترف ببعض الانتهاكات التي حدثت أثناء محاولة الحصول على معلومات سريعة. وقال: “إنقاذ الحياة يحتاج أحياناً لاستخدام القوة وبدون سؤال”.
وأشار هيرش إلى أن دولاً لجأت لنفس الأسلوب في أوقات الطوارئ، مشيراً للانتهاكات الأمريكية في سجن أبو غريب في العراق: “هل حدث هذا؟ نعم. وهل هو جيد؟ لا. وهل هو سياسة رسمية؟ لا”.
وقالت عدة نساء قابلتهن الصحيفة إنهن نقلن لسجون الاحتلال . وقالت هبة الغبين (40 عاماً) إنها اعتقلت وهي في طريقها للخروج عبر الممر الذي حدّده الجيش باتجاه الجنوب. ونقلت إلى سجن الدامون قرب يافا، حيث قضت فيه شهرين. وطلب منها أثناء التحقيق تقديم معلومات عن سكان الحيّ وقادة “حماس” والأسرى الإسرائيليين، و”هدّدوا بتعذيبي بالكهرباء”، و”عندما كانوا يعيدوننا إلى الزنزانة كانوا يقيدون أيدينا وأرجلنا”.