وسط معارضة الأحزاب الدينية
خسائر الجيش الإسرائيلي تعيد النقاش مجدداً حول قانون تجنيد المتدينين
تعتبر مسألة إجبار اليهود المتدينين على الخدمة العسكرية في الجيش، من القضايا محل خلاف قديم جديد بين التيارين الديني والعلماني في دولة الاحتلال، تطفو على السطح حيناً وتخبو أحياناً أخرى.
وطوال العقود الماضية، ظلت هذه المسألة من القضايا الشائكة المؤجلة، حتى عجلت الحرب الأخيرة على غزة والحرب التي تلوح في الأفق مع حزب الله في لبنان، بطرحها للنقاش مجدداً.
ومنذ السابع من تشرين أول/ أكتوبر، قتل حوالي 590 جندياً وضابطاً إسرائيلياً من بينهم حوالي 250 في الحرب البرية التي بدأت في 28 من ذات الشهر، هذا بالإضافة لإصابة أكثر من 3 آلاف آخرين، وهي خسائر غير مسبوقة لم يمنَ بها جيش الاحتلال منذ حرب عام 1973.
فما إن دعا وزير الحرب يواف غالانت؛ لسن قانون جديد يلغي إعفاءات التجنيد التي يحظى بها اليهود المتدينون للتعامل مع التهديدات التي تحيط بإسرائيل في غزة ولبنان والضفة، حتى هدد أحد كبار حاخامات اليهود "السفارديم"، يتسحاق يوسف، بالرحيل خارج دولة الاحتلال، حال تمرير القانون.
في المقابل، أثارت تصريحات الحاخام يوسف ردود فعل متباينة داخل الحكومة الإسرائيلية ومجلس الحرب.
فمن جانبه، اعتبر الوزير في مجلس الحرب بالحكومة بيني غانتس أن تصريحات كبير حاخامات "السفارديم"، "تمثل ضرراً أخلاقياً على الدولة والمجتمع الإسرائيلي".
في حين، اتهم رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان الحاخام يوسف بتعريض أمن إسرائيل للخطر.
بينما أشار زعيم المعارضة يائير لابيد إلى أن تجنيد 66 ألف شاب من "الحريديم" سيمنح الجيش 105 كتيبة جديدة ضرورية لأمن إسرائيل، على حد وصفه.
التصريحات والتصريحات المضادة من الفريق المؤيد لتجنيد المتدينين اليهود في الخدمة العسكرية والفريق المعارض لذلك، عكست حالة الانقسام السياسي الحاصل اليوم في إسرائيل، والذي يبدو أنه سيتجذر أكثر بعد الحرب.
الخلاف إلى المحكمة العليا
وفي نهاية شباط/ فبراير الماضي، عقدت المحكمة العليا الإسرائيلية جلسة للنظر في التماسات قُدمت للطعن في قانونية المخصصات المالية التي تقدمها الحكومة للمدارس الدينية اليهودية، في الوقت الذي لا يخدم طلاب هذه المدارس البالغ عددهم 66 ألفاً، في الجيش.
ومن المقرر أن تعقد ذات المحكمة جلسة استماع في 24 من الشهر الجاري لمعرفة رد الحكومة قبل أن تصدر قرارها المتوقع بوقف تمويل هذه المدارس.
ووفقاً للمختص في الشأن الإسرائيلي محمد أبو علان، فإن القرارات التي تصدر عن المحكمة العليا في إسرائيل ملزمة.
واستدرك قائلاً: "غير أن وزير المالية "سموتريتش" أحد أقطاب التيار الديني الرافض لتجنيد المتدينين في الجيش، سيعمل للبحث عن طرق بديلة لتمويل هذه المدارس، حال صدر قرار المحكمة".
ووفقاً لابي علان، فإن مشروع القانون الذي تقدم به وزير الحرب "غالانت" لتجنيد طلاب المدارس الدينية في الجيش، لن يرى النور في ظل تركيبة الحكومة الحالية التي تقوم بالأساس على الأحزاب الدينية المتطرفة.
ويشير أبو علان، إلى أن هذا القانون ربما يمرر في المستقبل القريب من طرف هذه الأحزاب، لكن بعد تفريغه من محتواه، وبعد إدخال تعديلات جوهرية ومنح المتدينين امتيازات أخرى.
وأضاف: "وفقاً لليهود العلمانيين، فإن نسبة من اليهود المتدينين يجعلون من التفرغ لتعلم التوراة حجة للتهرب من الخدمة العسكرية".
وتدعي مؤسسات حقوقية في إسرائيل أن عدم انخراط المتدينين في الجيش "يعتبر أحد أشكال عدم المساومة بين المواطنين الذين يتمتع بعضهم (في إشارة للحريديم) بالحقوق فقط ودون أية واجبات".
قانون وقنبلة موقوتة
وحسب دراسة أعدها مركز "مدار" المختص في الشؤون العبرية، " فإن إقرار هذا القانون هو بمثابة قنبلة موقوتة تهدد بانفجار وانهيار التركيبة الحكومية الائتلافيةـ
وذكرت الدراسة أن الأحزاب الحريدية "الدينية" التي باتت أحد أعمدة الحكومة، تستغل وزنها السياسي وتمثيلها البرلماني لمواصلة فرض أجنداتها وخدمة مصالحها في هذا المجال.
وأشارت إلى أن تلك الأحزاب جعلت من تجنيد طلاب المدارس الدينية "الحريديم" سيفاً مسلطاً بشكل دائم فوق رقبة أي ائتلاف حكومي يجرؤ على تغيير الوضع القائم.
المصدر: وكالة سند للأنباء