يزن الكفارنة.. طفل غزّي سلب الجوع والاحتلال حياته
في الحرب المشتعلة فوق المدينة الساحلية الصغيرة "غزة"، كفلسطيني مكتوبٌ على جبينك "قابل للموت في أي لحظة"، قد لا تموت من قذيفة أو رصاصة، لكن من الممكن أن تموت جوعًا!
"أصبحت أراه يضعف يومًا بعد يوم، يقترب منه الموت الذي ينهش جسده النحيل، أشاهده وأنا مكتوف اليدين، أتحسّر عليه"، هذا ما بدأ قوله والد الطفل يزن الكفارنة وهو يسرد قصته.
لاقى الطفل يزن الكفارنة (10 أعوام)، الذي تحول إلى هيكل عظمي، حتفه بسبب سوء التغذية ونقص بالأدوية والعلاجات اللازمة، نتيجة حرب الإبادة والتجويع التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر للعام 2023.
ويعاني يزن من مرض "ضمور العضلات" ما يجعله محط اهتمام من عائلته لمتابعة ما يتبعه من حمية غذائية وبرنامج صحي مناسب يحافظ على صحته ويحسّنها، وفق والده.
ويُصنّف "ضمور العضلات" على أنه حالة طبية، غالبًا ما تبدأ أعراضه منذ الطفولة، تصيب العضلات وتفقد النسيج العضلي تدريجيًا وتصبح العضلات أقل حجمًا مع الوقت؛ بسبب أمور عدّة أهمها سوء التغذية.
يقول والد يزن لـ "راية الإعلامية": "وفرّت لإبني، منذ بداية الحرب، الأغذية الخاصة به والأدوية، لكن طول المدة وبعد انقضاء 5 أشهرٍ لم أعد قادرًا على توفيرها".
ويضيف: "حين لم أستطع توفير مستلزمات يزن؛ بسبب الحرب، بدأت صحته بالتدهور شيئًا فشيئا، بدأت العظام تظهر بصورة أوضح ويفقد جسده العضلات بشكل سريع، ويوم عن يوم يموت أمامي".
"يمكن أن يؤدي سوء التغذية الحاد إلى الوفاة أو يتسبب في إعاقة معرفية وبدنية للأطفال.. كل دقيقة لها ثمنها بالنسبة لأطفال غزة فيما يتعلق بتوفير الغذاء والماء والرعاية الصحية والحماية من الرصاص والقنابل"، هذا ما حذّرت به المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) كاثرين راسل، مطالبة بوقف فوري لإطلاق النار.
وبشأن البديل عن الأغذية الخاصة، أفاد والد يزن بأنّ "البديل المتواجد لم يتوافق مع جسد يزن، كنت أوفر قطع الحلاوة بديلًا عن الموز وبعض الفواكه، لكن هذا الأمر لم يتماشى معه".
وأشار إلى أن الأغذية المتوفرة، يغلب عليها المعلبات والمواد الحافظة، وهي غير مناسبة وغير صحية للطفل يزن.
نزح يزن مع أسرته، مجبرين من الاحتلال الإسرائيلي، إلى عدّة محطات بدأت من منزلهم في بيت حانون شمال قطاع غزة ثم إلى دير البلح وسط القطاع واستقروا في رفح جنوبًا، وهي المحطة الأخيرة التي كشفت عن معاناته واضطرت عائلته لطلب النجدة من الأطباء للحفاظ على حياته.
ومكث يزن في مستشفى أبو يوسف النجار في رفح جنوب القطاع، (11 يومًا) عاش فيها على المحلول والأكسجين الصناعي، إلى أن وصل الحال للرمق الأخير وفقدان الأمل أمام الدكاترة الذين وقفوا حائرين غير قادرين على توفير علاج أو بيئة صحية مناسبة بسبب حصار الاحتلال الإسرائيلي وحربه ضد كل شيء ومنعه إدخال الأدوية والمساعدات الغذائية التي أودت بحياة الكثيرين وصنعت كارثة إنسانية.
وأكمل والد يزن: "مكثت معه 11 يومًا بالمشفى على أمل أن يأتيني ضوء من هذا النفق المظلم الذي وضعنا به الاحتلال، وأن يتغير الحال فجأة، كنت أتمنى لو يستطيع أحد ما انتشال إبني من غزة للعلاج خارجًا أو حتى الوقوف أمام الاحتلال لإدخال الأدوية والغذاء اللازم، لكن أمر الله نافذ".
واستدرك: "لدي ثلاثة أطفال، حالهم أفضل مما كان عليه يزن رغم أن الأغذية المتواجدة الآن لا تناسب أحد وتقلل من الصحة والثبات".
وفي ختام حديثه مع "راية الإعلامية"، وجّه والد يزن الكفارنة رسالة للعالم مطالبًا فيها أن ينظروا بعين الرحمة والرأفة إلى أطفال، مضيفًا: "انتهت حياة يزن اليوم، لكن لا أعلم كم يجب أن يموت من الأطفال أمثاله حتى ينتبه العالم ويوقف الحرب".
وانتشرت صوّر الطفل يزن وهو كالهيكل العظمي، بسرعة البرق على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث شكلت حالة ذهول وصدمة، إذ عبّر نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي وغردوا عن خوفهم وغضبهم لما آلت إليه الأمور في غزة، رافضين سياسية وحرب التجويع التي يمارسها الاحتلال ضد أطفال ومواطني قطاع غزة.