تحقيق الأونروا: معتقلون غزيّون تعرضوا لتعذيب وتنكيل وحشي
أكد تقرير حول تحقيق أجرته وكالة الأونروا أن قوات الاحتلال استخدمت وسائل تعذيب وتنكيل وحشية بحق مئات المعتقلين من سكان قطاع غزة، الذين تم أسرهم منذ بداية الحرب على غزة.
وأفاد التقرير الذي استعرضته صحيفة "نيويورك تايمز"، بأن المعتقلين ومن بينهم ما لا يقل عن 1000 مدني أُطلق سراحهم فيما بعد دون توجيه تهم إليهم، محتجزون في ثلاثة مواقع عسكرية داخل إسرائيل، وأن بين المعتقلين ذكورا وإناثا تراوحت أعمارهم بين 6 و82 عاما، وذكر التقرير أن بعضهم توفي أثناء الاحتجاز.
وتضمن التقرير إفادات معتقلين قالوا إنهم تعرضوا للضرب، والتجريد من ملابسهم، والسرقة، وعصب أعينهم، والاعتداء الجنسي، وحرمانهم من الاتصال بالمحامين والأطباء، لأكثر من شهر في كثير من الأحيان.
وتصف مسودة التقرير "مجموعة من سوء المعاملة التي أبلغ سكان غزة، من جميع الأعمار والقدرات والخلفيات، عن مواجهتها في مرافق الاحتجاز المؤقتة في إسرائيل"، وأنها "استُخدمت لانتزاع معلومات أو اعترافات، وللترهيب والإذلال والمعاقبة".
ويستند التقرير إلى مقابلات مع أكثر من 100 من أصل 1002 معتقل تم إطلاق سراحهم وإعادتهم إلى غزة، بحلول منتصف شباط/فبراير. ويقدر أن 3000 آخرين من سكان غزة ما زالوا رهن الاعتقال الإسرائيلي دون السماح لهم بالاتصال بمحامين.
ويعكس تحقيق الأونروا نتائج توصلت إليها العديد من منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية والفلسطينية، بالإضافة إلى تحقيقات منفصلة أجراها اثنان من المقررين الخاصين للأمم المتحدة، وجميعهم أكدوا حدوث انتهاكات مماثلة داخل مراكز الاحتجاز الإسرائيلية.
وأحد هؤلاء المعتقلين، فادي بكر (25 عاما)، وهو طالب قانون من غزة، قدم أدلة موثقة على أنه تم اعتقاله في إسرائيل، ونقلت عنه "نيويورك تايمز" قوله إنه تعرض للضرب المبرح طوال فترة اعتقاله في ثلاثة مواقع عسكرية إسرائيلية مؤقتة.
وأضاف بكر أنه تم القبض عليه في مدينة غزة، يوم 5 كانون الثاني/يناير، وتم إطلاق سراحه في أوائل شباط/فبراير. وقال إنه أثناء احتجازه في موقع احتجاز بالقرب من بئر السبع، تعرض للضرب المبرح لدرجة أن أعضاءه التناسلية تحولت إلى اللون الأزرق، وأنه لا يزال هناك دم في بوله نتيجة لذلك.
وأفاد بكر أيضاً بأن الحراس جعلوه ينام عارياً في الهواء الطلق، بجوار مروحة تنفخ الهواء البارد، وقاموا بتشغيل الموسيقى بصوت عالٍ لدرجة أن أذنه نزفت. وقال بكر إنه تم إطلاق سراحه بعد أن بدا الجيش مقتنعا بعدم وجود صلات له بحماس.
وقال جيش الاحتلال في بيان، بعد اطلاعه على النتائج الواردة في مسودة التقرير، إن بعض المعتقلين ماتوا أثناء الاحتجاز، بما في ذلك أولئك الذين كانوا يعانون من أمراض وجروح موجودة مسبقًا، دون تقديم مزيد من التفاصيل، وقال إن كل حالة وفاة يتم تسجيلها، وأن الشرطة العسكرية تحقق فيها. وزعم الجيش أن جميع أشكال سوء المعاملة "محظورة تمامًا" ونفى بشدة أي إفادات عن الاعتداء الجنسي، مضيفًا أن جميع "الشكاوى الملموسة المتعلقة بالسلوك غير اللائق تُحال إلى السلطات المختصة للمراجعة".
وزعم جيش الاحتلال أن جنوده تصرفوا "وفقا للقانون الإسرائيلي والدولي من أجل حماية حقوق المعتقلين". كما ادعى الجيش أنه يشغل الموسيقى "بصوت منخفض" فقط لمنع المحتجزين من التشاور قبل الاستجواب.
وأجرى باحثو الأونروا مقابلات مع أكثر من 100 معتقل تم إطلاق سراحهم دون توجيه تهم إليهم عبر معبر كرم أبو سالم. ثم تمت مشاركة النتائج التي توصلوا إليها مع مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. وأكدت الأونروا وجود التقرير لكنها قالت إن صياغته لم يتم الانتهاء منها بعد لنشرها.
ولفت التقرير إلى أن من بين المعتقلين أفراداً مصابين بمرض الزهايمر والإعاقات الذهنية والسرطان. وقال التقرير إن العديد منهم تم أسرهم من شمال غزة أثناء لجوئهم إلى المستشفيات والمدارس أو أثناء محاولتهم النزوح جنوبا. وكان آخرون من سكان غزة الذين لديهم تصاريح للعمل في إسرائيل والذين تقطعت بهم السبل واحتُجزوا لاحقًا في إسرائيل بعد بدء الحرب.
وأخبر بعض المعتقلين محققي الأونروا أنهم تعرضوا في كثير من الأحيان للضرب على جروح مفتوحة، وتم احتجازهم لساعات في أوضاع مؤلمة وتعرضوا لهجوم من قبل الكلاب العسكرية. وتتطابق العديد من التفاصيل مع الروايات التي قدمها المعتقلون المفرج عنهم، مؤخرا، لصحيفة "نيويورك تايمز".
وذكر التقرير أن المعتقلين والمعتقلات أبلغوا عن عمليات اعتداء جنسي. وذكر التقرير أن بعض المعتقلين الذكور قالوا إنهم تعرضوا للضرب على أعضائهم التناسلية. وقالت بعض النساء إنهن تعرضن "لللمس غير اللائق أثناء عمليات التفتيش وكشكل من أشكال التحرش وهن معصوبات الأعين". وأضاف أن بعضهن أبلغن عن اضطرارهن إلى خلع ملابسهن أمام الجنود الذكور أثناء عمليات التفتيش، ومُنعن من تغطية أنفسهن.
ويقول محامون حقوقيون إن تحديد مكان المعتقلين في النظام الإسرائيلي أمر صعب، ويصفون الوضع بأنه شكل من أشكال الاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي. وبموجب التشريع الذي تم إقراره منذ بداية الحرب، لا يحق للمعتقلين في غزة رؤية محام لمدة تصل إلى 180 يومًا.
وقال محامون من منظمة "المركز لحماية الفرد" الحقوقية الإسرائيلية إنهم تمكنوا من الوصول لفترة وجيزة إلى بعض المحتجزين في غزة عبر الهاتف، عن طريق الصدفة تقريبًا، بعد الاتصال بقاعدة عسكرية في القدس والسؤال عما إذا كان المعتقلون موجودين في القاعدة.