لنكثّف الضغط: لا للجسر البري.. لا للمناورات السياسية في زمن الإبادة.. لا للتفريط والتطبيع والخيانة
تتابع اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل، أوسع تحالف في المجتمع الفلسطيني وقيادة حركة المقاطعة (BDS)، المواقف المتباينة للنظام الاستبدادي السعودي، الذي سارع لإصدار موقف بلاغي رافض لمخطّط العدو الإسرائيلي في رفح، بينما يقوم بالاستمرار في مباحثاته الرامية نحو التطبيع مع العدو الإسرائيلي والتماهي مع الموقف الأمريكي المخادع بالحديث عن "مسار" نحو دولة فلسطينية بينما تستمر الحكومة الأمريكية في تسليح وتمويل وتبرير حرب الإبادة الإسرائيلية ضد 2.3 مليون فلسطيني في غزة المحتلة والمحاصرة، فضلاً عن مشاركته في الجسر البري.
وإذ تجدّد اللجنة تحيّتها للشعب السعودي الشقيق لرفضه القاطع بغالبية 96% للتطبيع مع العدو الإسرائيلي، كما أظهر آخر استطلاعات الرأي، فإنّها في ذات الوقت تؤكد بأنّ من يدعم حقوق شعبنا الفلسطيني بالفعل يعرف أن هذه الحقوق غير القابلة للتصرّف لا تختزل في "مسار" نحو أو "اعتراف" بـمعازل عرقية يهيمن عليها الاحتلال الإسرائيلي ويسميها "دولة"، فحقوقنا التاريخية والمعترف بها كونياً تبدأ بعودة اللاجئين وتقرير المصير والتحرر الوطني من الاستعمار-الاستيطاني الإسرائيلي الجاثم على صدورنا منذ نكبة 1948.
إنّ تطبيع وخيانة بعض الأنظمة الرسمية غير المنتخبة وتحالفاتها العسكرية-الأمنية، مثل النظام الإماراتي والمغربي والبحريني، مع العدو قد ساهم بمدّه بالمساحة والقدرة اللازمتين لحربه الإبادية؛ إذ قُدّرت قيمة الصادرات العسكرية الإسرائيلية لهذه الأنظمة بنحو 3 مليارات دولار قبل عام واحد فقط من بدء الإبادة ضدّ شعبنا.
أرضٌ عربية محتلّة تُباد بالقصف والحصار والتجويع، وأراضٍ عربية تمدّ جسراً برياً تطبيعياً لعدوّها
بينما يواصل العدو الإسرائيلي حربه الإبادية على شعبنا، ويواصل حصاره لأكثر من مليوني فلسطيني وتجويعهم وتعطيشهم وحرمانهم من أبسط مقوّمات الحياة والصمود، يستمرّ النظام الإماراتي، المعروف بخيانته للقضية الفلسطينية وتحالفه العسكري الكامل مع العدو الإسرائيلي، بتواطؤ من النظام السعودي والسلطات الأردنية، بمدّ يد العون لهذا العدو لإنقاذه من أزمته البحرية في البحر الأحمر عبر تسيير الشاحنات المحمّلة بالبضائع من ميناء دبي مروراً بالأراضي السعودية ثم الأردنية ووصولاً إلى ميناء حيفا. لا يشكّل هذا التعاون طعنةً بظهر الشعب الفلسطيني فحسب، إنما أيضاً بحق شعوب المنطقة من المحيط والخليج التي طالبت بوقف التواطؤ وقطع جميع العلاقات مع العدو الإسرائيلي كأضعف ردٍّ على حربه الإبادية على شعبنا في قطاع غزة المحتلّ والمحاصر. كما يشكل خرقاً فاضحاً لقرارات القمّة المشتركة لمنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية المتعلقة بضرورة الضغط حتى وقف الإبادة الإسرائيلية في غزة.
وعلى الرغم من نفي السلطات الأردنية للأنباء المتداولة حول مساهمتها في الجسر البري على وقع المطالب الشعبية الغاضبة، وفي ظلّ صمت السلطات السعودية بهذا الصدد، أظهر تحقيق إسرائيلي مصوّر مؤخراً، بما لا يدع مجالاً للشك أو التأويل، حقيقة استمرار تسيير هذه الشاحنات من الخليج وصولاً إلى معبر نهر الأردن.
النظام السعودي: مستعدون للتطبيع، بشرط
أصدرت وزارة الخارجية السعودية في 7 فبراير بياناً اشترطت فيه قبولها إنشاء علاقات دبلوماسية تطبيعية كاملة مع العدو الإسرائيلي مقابل "الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية". يضرب هذا التصريح بعرض الحائط الإجماع الشعبي الفلسطيني والسعودي والعربي والإسلامي الرافض لتطبيع الأنظمة العربية العلاقات مع النظام الإسرائيلي الإبادي تحت أي شرطٍ كان، بل ويولي الأهمية "للاعتراف بالدولة" على حساب نيل حقوق شعبنا غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها عودة اللاجئين المحرومين من حقهم التاريخي في العودة إلى ديارهم، كما نصّ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194.
لا يمكن قراءة تقزيم حقوق شعبنا للاعتراف بـ"دولة" ما في ظلّ الإبادة سوى باعتباره خيانةً لدماء شهدائنا الذين ما زالت الآلاف من جثامينهم تحت الركام. لن يُخدع شعبنا مرةً ثانيةً بـ "مسار" جديد نحو "دولة"، بعد أكثر من ثلاثة عقود من مسار العار الذي لم يجلب لشعبنا سوى المزيد من الاستيطان والنهب والقتل والقهر وصولاً للإبادة الحالية. كما لا يحتاج شعبنا لنظام عربي استبدادي ليقرّر عنه شكل مصيره، فتلك هي ماهيّة الحق في تقرير المصير: أن يقرّر شعبنا في كافة أماكن تواجده في الوطن والمنفى والشتات مصيره وطريقة تحقيقه بشكلٍ حرّ وبدون تدخل خارجي، وذلك بعد نيله حقوقه الكاملة غير القابلة للتصرّف.
وقف التواطؤ ومحاسبة العدو الإسرائيلي وعزله.. حتى الحرية والعودة
إنّ المطلوب اليوم هو وقف التواطؤ الذي مكّن هذه الإبادة ضد شعبنا في المقام الأول، وقطْع جميع العلاقات السرية والمعلنة مع العدو الإسرائيلي، وترجمة المطالب الشعبية الواضحة من المحيط إلى الخليج رسمياً عبر إسناد النضال الفلسطيني من أجل نيل شعبنا الفلسطيني حقوقه غير القابلة للتصرف وتحقيق مطلبه بإنهاء نظام الاستعمار الاستيطاني والأبارتهايد الإسرائيلي. ولا يمكن لذلك أن يتمّ على المستوى الرسمي سوى بدعم المسار الجنوب أفريقي في محاسبة العدو الإسرائيلي في محاكم الدولية والأمم المتحدة والالتحام مع المطالب الشعبية في المنطقة العربية التي تدعو لقطع جميع العلاقات التطبيعية معه والعمل نحو فرض حظر عسكري باتجاهين على إسرائيل وعزلها في كافة المحافل الدولية، بما في ذلك الجمعية العامة للأمم المتحدة واللجنة الأولمبية الدولية، وغيرها من المحافل، كما حدث في نظام الأبارتهايد في جنوب أفريقيا.
سيواصل شعبنا وجميع الأحرار في المنطقة العربية وحول العالم النضال والضغط من أجل وقف الإبادة ومحاسبة كل من ساهم في الجرائم الإسرائيلية ومكّن العدو الإسرائيلي من مواصلة الإبادة لأكثر من أربعة شهور متواصلة. وعلى الأنظمة العربية أن تستخلص دروساً من التاريخ وتسارع بالاستجابة لمطالب شعوبها وأحرار العالم.