أيمن الصفدي: حماس ليست سبب الصراع والمشكلة الوحيدة هي الاحتلال
شارك نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، اليوم في جلسة حوارية ضمن أعمال مؤتمر ميونخ للأمن، بعنوان "السلام المجزأ، ومستقبل العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية”.
وقال الصفدي، في مداخلاته خلال الجلسة، "علينا وضع الأمور في سياقها الصحيح؛ ما نراه في غزة هو حرب مدمرة، وإبادة جماعية، وتدمير لسبل عيش مليوني شخص، ودفع بالناس إلى الهاوية، وتدمير للمستشفيات، وقتل للصحفيين والمسعفين وعمال الإغاثة، والسبب الرئيس لكل هذا هو الاحتلال الذي ليس هنالك آفاق لانتهائه، والذي يتم ترسيخه يومًا بعد يوم".
وأضاف الصفدي "انظروا إلى عدد المستوطنات وزيادة عددها الذي شهدناه خلال السنوات القليلة الماضية، انظروا إلى الوضع قبل السابع من تشرين الأول، كان هناك غياب كامل للأفق السياسي، كان هنالك حكومة تضم وزراء متطرفين وعنصريين يدعون بوضوح إلى قتل الفلسطينيين، ويصفونهم بالحيوانات البشرية، ولا يحترمون حقوقهم، وكان هنالك نهج حاولت فيها هذه الحكومة الإسرائيلية بيع فكرة زائفة بأنها يمكنها تخطي القضية الفلسطينية لتحقيق سلام إقليمي وتجاهل الفلسطينيين كما لو أنهم غير موجودين".
وزاد الصفدي "انظروا إلى الحقائق والأرقام. ماذا رأينا قبل السابع من تشرين الأول؟ انظروا إلى عدد المستوطنات، ومصادرة الأراضي، ومحاصرة وخنق الاقتصاد الفلسطيني، والاعتداءات على المواقع المقدسة، والسردية السياسية التي كانت تخرج عن هذه الحكومة الإسرائيلية. رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي قال أن مهمته هي إحباط تطلعات الشعب الفلسطيني في إقامة دولة".
وأكد الصفدي "كلنا أدنا قتل المدنيين الإسرائيليين في السابع من تشرين الأول، كل الدول العربية أدانت ذلك، إلا أنني لم أسمع بعد مسؤولًا إسرائيلياً واحداً يدين قتل ٣٠ ألف إنسان في غزة، ٧٥٪ منهم نساء وأطفال".
وأكد الصفدي أن إسرائيل لا يمكن أن تنعم بالأمن ما لم ينعم به الفلسطينيون. وقال "جميعنا لن ننعم بالسلام ما لم ينعم الفلسطينيون بحقوقهم المشروعة بإقامة دولتهم، والحرية والكرامة".
وقال الصفدي "إن السبب الرئيس للصراع هو الاحتلال الذي يشكل انتهاكاً لكل حق من حقوق الإنسان. ويتصور البعض أن المشكلة الوحيدة هي حماس، إلا أن المشكلة الوحيدة هي الاحتلال، الذي لم يكن هنالك أي آفاق لإنهائه، ونحن في العالم العربي قلنا منذ عام ٢٠٠٢ إننا على استعداد لإقامة علاقات طبيعية كاملة مع إسرائيل مقابل إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية، إلا أن إسرائيل لم تفكر في ذلك حتى".
وشدد الصفدي على رفض المملكة المطلق لتهجير الفلسطينيين. وقال "الأردن ومصر كانتا واضحتين بشكل جلي بشأن رفض التهجير، إنه انتهاك للقانون الدولي، وجريمة حرب، كما أنه لن يحل أي شيء، وسوف يمهد الطريق لمزيد من الصراع". وزاد "من يريد السلام، فإن الطريق إلى السلام معروف وهو حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية يمكنها أن تعيش بسلام وأمن مع إسرائيل".
وقال الصفدي "لا شيء يمكن أن يبرر استمرار تدمير سبل عيش مليوني شخص، لا شيء يمكن أن يبرر مهاجمة المستشفيات، لا شيء يمكن أن يبرر قتل ١٢،٠٠٠ طفل، لا شيء يمكن أن يبرر جعل ١٧،٠٠٠ طفل في غزة يتيماً. هذا غير مقبول بأي معيار من المعايير"، مؤكداً بأن إسرائيل تجاوزت كل القوانين والقيم الأخلاقية والإنسانية.
وزاد "من غير المقبول الاستمرار في الالتفاف حول الأمور وعدم الاعتراف بأن المشكلة تكمن في السياسة الإسرائيلية، حيث أن إسرائيل لا تريد الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في الوجود، وهم ليسوا فقط يقولون ذلك ولكنهم يفعلون كل ما من شأنه أن يجعل حل الدولتين غير قابل للتحقيق والواقع يشير إلى ذلك".
وأشار الصفدي إلى كيفية تطور الأمور على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية؛ وتقويض إسرائيل لكل آفاق السلام، واستمرارها في تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم. وأشار إلى الإرهاب الاستيطاني في الضفة الغربية؟ وقال "يتجول المستوطنون حول قرية فلسطينية يقتلون سكانها، ولم يتم اتخاذ أي إجراء جدي ضدهم". وزاد "قامت إسرائيل بتسليح المستوطنين وقام المستوطنون بالأمس بقتل أطفالٍ فلسطينيين، لذا يجب أن نسمي الأمور بمسمياتها، والسبب الاساس للمشكلة هو وجود احتلال لا ترغب الحكومة الإسرائيلية حتى في الاعتراف به".
وقال الصفدي "إسرائيل تأخذ أكثر من مليوني فلسطيني كرهائن في غزة، التي بقيت محتلة طوال السنوات الماضية؛ فإسرائيل خرجت من غزة إلا أنها حاصرت حدودها وحاصرت سماءها ومنعت دخول أي من متطلبات الحياة دون إذن منها، ومع كل هذا يدعون بأنهم انسحبوا من غزة". وزاد "كانت غزة سجنًا مفتوحًا حتى قبل السابع من تشرين الأول"، مشيراً إلى أنه وفي الأيام العشر الماضية تم السماح ل ٤٣ شاحنة فقط بالدخول إلى غزة محملة بالمساعدات وإلى أنه لم يتم توزيع تلك الشاحنات لأن إسرائيل قتلت حراسة الشرطة التي كانت تحميها. وقال "هنالك ٥٠٠ ألف شخص يتضورون جوعاً في غزة الآن وهم في أقسى مستويات المجاعة".
وفي الحديث عن التحريض قال الصفدي "عندما يقول نائب رئيس الكنيست إننا نريد حرق غزة، فمن هو المحرض؟"
وقال "بالنسبة لصفقة الرهائن، من يريد صفقة لا يبتعد عن المفاوضات. لقد انسحبت إسرائيل من المفاوضات، وأنا شخصياً أعتقد أن الحكومة الإسرائيلية الحالية لا تريد انجاز صفقة الرهائن، ولا تريد لهذه الحرب أن تنتهي، إنها تريد الاستمرار في هذه الحرب".
وأكد الصفدي أن السلام الكامل مقابل إنهاء الاحتلال هو السبيل الوحيد لضمان أمن الإسرائيليين والفلسطينيين، مشدداً "نريد سلاماً إقليمياً، نريد أن يعيش الإسرائيليون والفلسطينيون في أمن وسلام، ولكن لا يمكن لذلك أن يحدث إلا إذا تم تلبية حقوق كلا الشعبين". وزاد "لقد تحدثت مبادرة السلام العربية عن ضمانات عربية كاملة لأمن إسرائيل، وعلى إسرائيل أن تفعل ما هو صواب وعليها أن تعترف بأن للفلسطينيين الحق في إقامة دولتهم، والحرية وأنهم ليسوا حيوانات بشرية، بل أناس يستحقون العيش بكرامة وحرية".
وختم الصفدي "ولا يمكننا الاستمرار في الحديث فقط عن آمال وتطلعات الفلسطينيين، فللفلسطينيين حقوق أيضاً، وتلك الحقوق مذكورة ومضمنة في القانون الدولي وفي القانون الدولي الإنساني؛ حقوق الفلسطينيين في الوجود، في دولتهم المستقلة وذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية". وقال "دعونا ننظر إلى المستقبل، المستقبل الذي نسعى إليه في العالم العربي هو مستقبل السلام للفلسطينيين وللإسرائيليين وللجميع، ومخاوف إسرائيل الأمنية يجب إدراكها، كما ينبغي إدراك حق الفلسطينيين في الحرية وإقامة الدولة، ولا يمكننا الاستمرار في الحديث عما يحدث في غزة كما لو كان أمراً عابراً وتجاهله والمضي قدماً، توجد كارثة في غزة، الأبرياء هناك يُقتلون، الجيش الإسرائيلي يقتل النساء والأطفال في غزة، ويدمر المستشفيات والمدارس، ويجب الاعتراف بذلك".
وأضاف "لقد أدرك العالم العربي أحداث السابع من تشرين الأول، في حين لم تعترف إسرائيل بعد بالصدمات التي يتعرض لها الفلسطينيون يوماً بعد يوم، فكل يوم يُقتل مئات الفلسطينيين في غزة". وزاد "حتى قبل السابع من تشرين الأول فقد كان العام الماضي الأكثر دموية بالنسبة للفلسطينيين منذ عقود، هذه هي سياسة الحكومة الإسرائيلية التي لديها وزراء يدعون علنًا إلى قتل وتدمير الفلسطينيين".
هذا واستكمل الصفدي سلسلة لقاءاته التي أجراها مع نظرائه والمسؤولين الدوليين المشاركين في أعمال المؤتمر، في سياق الجهود التي يبذلها الأردن لحشد موقف دولي فاعل يوقف الحرب المستعرة على غزة وما تنتجه من معاناة وكارثة إنسانية غير مسبوقة.
وشدد، خلال اللقاءات، على موقف المملكة الرافض لتهجير الفلسطينيين داخل أرضهم أو إلى خارجها، وعلى ضرورة ضمان إيصال المساعدات الإنسانية الكافية والمستدامة لجميع أنحاء القطاع، وعلى أن السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة هو حل الدولتين الذي يلبي طموحات وتطلعات الشعب الفلسطيني الشقيق في الحرية والدولة المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران لعام ١٩٦٧ وعاصمتها القدس المحتلة، وعلى أهمية الاستمرار في دعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا) التي تقوم بدور لا يمكن الاستغناء عنه للاجئين الفلسطينين وتمثل شريان الحياة لأكثر من مليوني فلسطيني يواجهون كارثة إنسانية غير مسبوقة في غزة.
وشملت اللقاءات التي أجراها الصفدي، اليوم على هامش أعمال المؤتمر، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية والدفاع الإيرلندي ميهال مارتن، ووزير الخارجية النرويجي إسبن بارث إيدي، ووزير الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، ووزيرة الخارجية الرومانية لومينيتسا اودوبيسكو، ووزير الخارجية الأرميني أرارات ميرزويان، ووزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي، والمتحدث باسم السياسة الخارجية للمجموعة البرلمانية للحزب الديمقراطي الاشتراكي في البرلمان الألماني نيلز شميد ونائب رئيسة البرلمان الأوروبي أيدان أوز أوغوز، ومستشار الأمن القومي لنائب الرئيس الأمريكي فيل غوردن