المحامي الفرنسي ديفرس:مقاضاة إسرائيل في الجنائية الدولية تحتاج لنفس طويل..
قال المحامي الفرنسي جيل ديفرس الذي يحمل الملف الفلسطيني أمام محكمة الجنايات الدولية، إن الاحتلال الإسرائيلي على الرغم من كل ما يملكه من وسائل ضغط لتثبيط عمل المدعي العام، بات اليوم أكثر من أي وقت مضى أقرب للمحاسبة في المحاكم الدولية.
وأوضح ديفرس الذي استضيف في منتدى جريدة المجاهد الحكومية الجزائرية أن هناك ارتياحا عاما بخصوص تقدم الشكوى التي أودعها فريق محامين من عديد الدول أمام المحكمة الجنائية الدولية ضد إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية، وهو ما يختلف حسبه تماما عن المرات السابقة التي أودعت فيها شكاوى ضد الجرائم الإسرائيلية أمام هذه الهيئة القضائية الدولية.
وأبرز ديفرس أنه “عندما قدمنا الشكوى، في 9 تشرين الثاني/نوفمبر، حتى مع تفاؤل كبير، لم نتصور هذا القدر من التقدم، حيث إنه لم يسبق أن كان هناك ملف حول فلسطين سار بشكل جيد أمام المحكمة الجنائية الدولية”. ويمنح كل ذلك أملا حسبه في أن تفضي الشكوى إلى إصدار مذكرات توقيف ضد المسؤولين الصهاينة بجريمة الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني.
عندما قدمنا الشكوى، في 9 نوفمبر، حتى مع تفاؤل كبير، لم نتصور هذا القدر من التقدم، حيث لم يسبق أن كان هناك ملف حول فلسطين سار بشكل جيد أمام المحكمة الجنائية الدولية
ويرى ديفرس أن هناك من الأدلة ما يسمح بإثبات جرائم إسرائيل، فالمدعي العام نفسه للمحكمة تمكن من التنقل إلى بلدان مجاورة لفلسطين من أجل الاستماع إلى أشخاص عايشوا العدوان الصهيوني، بينما قام المحامون بعمل مادي حول التوثيق، اعتمادا على هيئات الأمم المتحدة التي تقدم يوميا كما من الوثائق حول الإبادة الجماعية الصهيونية.
وتوجد اليوم، وفق المحامي، 1500 صفحة على مكتب المدعي العام حول مختلف الفظائع التي اقترفها الكيان الصهيوني بغزة، ومن بين ذلك 450 مرجعا حول المؤسسات الصحية وطواقم الإسعاف الطبي قد تم توثيقها، منها 180 اعتداء على المستشفيات، فيما تم قتل 150 مستخدما من الوكالة الأممية لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” و450 لاجئا متواجدين بمقراتها.
وليس المطلوب حسب المحامي سوى “العودة إلى القانون الدولي بشأن فلسطين”، والذي يتضمنه قرار صريح للمحكمة الجنائية الدولية في 5 شباط/فيفري 2021 بأن فلسطين تعتبر دولة لها اختصاص سيادي على الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية. ولفت إلى أن قرار 2021 وقرار محكمة العدل الدولية الصادر في 26 كانون الثاني/جانفي 2024، والذي يأمر الكيان الصهيوني بالامتناع عن أي عمل من أعمال الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، لا يتضمنان كلمات الدفاع المشروع عن النفس (للكيان الصهيوني) أو إرهاب، معتبرا أن هذا الواقع يشكل “قاعدة يبنى عليها”.
ويصل ديفرس في تحليله القانوني إلى أن التحدي الذي يواجه المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية هو إثبات مصداقيتها في التعامل مع القضية الفلسطينية، خاصة بعد قرار محكمة العدل الدولية الأخير الذي طالب حكومة الاحتلال بأن تمتنع عن أي أعمال قد تؤدي إلى قتل الفلسطينيين بما يخالف اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية وطالبها بضرورة تقديم تقرير خلال شهر تستعرض فيه جهودها لمنع أي انتهاكات للاتفاقية وعدم استهداف المدنيين. وذكر أن عمل المؤسستين القضائيتين الدوليتين، يمكن أن يتكاملا، فمحكمة العدل الدولية تفصل في النزاعات بين الدول بينما محكمة الجنايات التي يمكن أن تصدر أحكاما على من ارتكب جرائم في قيادة الاحتلال جرائم تدخل في اختصاص المحكمة.
بالمقابل، لم ينف المحامي الذي يقود فريقا دوليا أمام الجنائية الدولية منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة وجود ضغوطات. وقال في هذه النقطة: “نحن نعلم أن هناك ضغوطًا كبيرة على مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، وخاصة الضغوط ذات الطبيعة المالية، القادمة من المساهمين في المحكمة. لكن فلسطين هي تجسيد للمقاومة، وإذا كانت هذه المقاومة تستدعي وقتا أطول، فنحن مستعدون للقيام بذلك بغض النظر عن الابتزاز والضغوط”.
ويسعى فريق المحامين المدافع عن فلسطين امام الجنائية الدولية لاستصدار مذكرات توقيف ضد كل من الوزير الأول بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوهاف غالانت ورئيس أركان الكيان الصهيوني هرزي هاليفي بتهمة الإبادة الجماعية” ضد الشعب الفلسطيني. وذكر ديفرس في تصريحاته أن المحكمة الجنائية الدولية “لا تحاكم المتورطين غيابيا، بل تقوم باستدعائهم أو إصدار مذكرات توقيف بشأنهم”.
ويزور المحامي الفرنسي الجزائر بمناسبة الإعلان عن حصيلة جهود مقاضاة إسرائيل بعد 3 أشهر من انعقاد ندوة الجزائر الدولية حول هذا الغرض. وكان رئيس نقابة المحامين في الجزائر، قد كشف يومين عن انضمام نحو 100 ألف من رجال القانون إلى التكتل الجزائري لمقاضاة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه في غزة.
وذكر طايري في ندوة صحفية نشطها رفقة ديفرس بالجزائر العاصمة، أن البلاغ الذي تقدم به “التحالف الدولي”، يضم كل من الاتحاد الوطني لمنظمة المحامين الجزائريين، ونقابة القضاة ونقابات المحامين لكل من فلسطين والاردن وتونس وموريتانيا وقد انضمت اليه مؤخرا نقابة المحامين بليبيا، مشيرا الى أنه و”لأول مرة في التاريخ يدخل تكتل بهذا الحجم يضم تأييد أكثر من 100 ألف شخص من رجال القانون، محكمة العدل الدولية، من أجل التبليغ عن جرائم ابادة”.
وشكّل إيداع البلاغ المحطة الاولى في هذا التوجه القانوني في انتظار تقديم طلب من أجل دعوة للحضور لتقديم ملفات تتضمن توثيقات. وفي هذه النقطة، شدد طايري على مسألة الضحايا وشهادتهم التي قال إنها ستكون مفيدة للملف، مبرزا أنه وإلى جانب مكتب المدعي العام بمحكمة العدل الدولية، هناك مكتب ثان يسمى بمكتب الضحايا. وسيتم وفق المتحدث، إنشاء موقع إلكتروني لجمع شهادات أكبر عدد من الضحايا والوثائق على المستوى العالمي وصبها فيه من أجل دعم الملف.
وكانت ندوة الجزائر الدولية حول العدالة للشعب الفلسطيني، التي انعقدت في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، قد أعلنت عن إنشاء لجنة مشكلة من قضاة ومحامين تتولى متابعة رفع الشكاوى بخصوص الجرائم الإسرائيلية أمام محكمة الجنايات الدولية وباقي المحاكم التي تعتمد عالمية العقوبة.
وتضم اللجنة رئيس الاتحاد الوطني لمنظمات المحامين الجزائريين، ورئيس النقابة الوطنية للقضاة الجزائريين، ونقيب المحامين الأردنيين وهو نفسه رئيس الدورة الحالية للمكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب والمنسق العام للإسناد القانوني للاتحاد، ونقيب محاميي فلسطين، مع الإشارة إلى أن اللجنة لها صلاحية إضافة من تراه مناسبا لعضويتها.