انتهاكات الاحتلال لقرار محكمة العدل الدولية بعد الأسبوع الأول من إقراره
أعدّ كل من مركز بيسان للبحوث والإنماء، والهيئة الفلسطينية للدبلوماسية العامة، تقريرًا رصد انتهاكات الاحتلال بعد الأسبوع الأول من قرار محكمة العدل الدولية القاضي؛ بمنع ارتكاب أعمال الإبادة الجماعية، ومنع ومعاقبة التحريض العلني على الإبادة الجماعية، وضمان وصول المساعدات والخدمات للفلسطينيين، واستعرض التقرير أعمال الإبادة الجماعية المستمرة.
وكان على رأس تلك الأعمال؛ جرائم القتل والتسبب في الأذى الجسدي أو العقلي الخطير، التي ارتكبها الاحتلال، إذ قتل جيش الاحتلال خلال الأسبوع الأول بعد القرار حوالي 936 فلسطينيًا (من بينهم 500 طفل)، وأصاب 1,650 آخرين. وفي إحدى عمليات القتل المروعة استشهد خمسة أفراد من عائلة واحدة، بعد أن حاصرت دبابة إسرائيلية العائلة واستهدفت سيارتهم، فيما بقي من العائلة الطفلة هند البالغة من العمر 6 سنوات، محاصرة داخل السيارة ومحاطة بجثامين أفراد عائلتها. كما تم العثور على مقبرة جماعية في شمال قطاع غزة، تضم ما لا يقل عن 30 جثة لفلسطيني مقيدي الأيدي ومعصوبي العينين. في حين تبادل الفلسطينيون المفرج عنهم من سجون الاحتلال في غزة، روايات مروّعة عن التعذيب والضرب والتجويع والإذلال وسوء المعاملة.
وعلى صعيد التهجير القسري وفرض ظروف معيشية تؤدي إلى الدمار المادي، ركّز التقرير على هجمات جيش الاحتلال على المستشفيات، بما فيها مجمع ناصر الطبي، الذي واجه انقطاع التيار الكهربائي وانهيار الخدمات الطبية، ومستشفى الأمل في خان يونس، الذي داهمته قوات الاحتلال وطالبت من العاملين والنازحين الذين لجأوا إليه، بإخلائه تحت تهديد السلاح. كما قتلت قوات الاحتلال اثنين من موظفي جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بالقرب من مستشفى الأمل، وخرج المستشفى المحاصر عن الخدمة. ودفن عشرات الشهداء الفلسطينيين في مقابر جماعية، في ساحات مستشفيي ناصر والأمل، لعدم تمكنهم من نقلهم إلى مكان آخر بسبب استمرار القصف الإسرائيلي.
وأكد التقرير أن وضع مرضى السرطان ومرضى غسيل الكلى مزري في القطاع، إذ يواجه أكثر من 1,100 مريض غسيل الكلى الواقع المرير المتمثل في عدم قدرتهم على الوصول إلى خدمات غسيل الكلى، وهناك تقارير تفيد بأن بعض مرضى غسيل الكلى قد ماتوا نتيجة لذلك، فيما أصبحت خدمات تشخيص السرطان غير متوفرة.
فيما يواجه 225,000 شخص، يعانون من ارتفاع ضغط الدم، و45,000 مريض يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية، و71,000 مريض بالسكري، نقصًا حادًا في الأدوية، ونقص العلاج الطبي، وسوء التغذية. كما يواجه سكان القطاع الحرمان من المياه النظيفة، فلا مصدر يتيح الوصول على مياه الشرب النظيفة في المحافظات الشمالية من غزة.
ويواصل الاحتلال تهجير السكان قسرًا، فقد صدرت أوامر لآلاف الأشخاص بإخلاء خان يونس، حيث تم استهداف العديد منهم بإطلاق النار عليهم واستجوابهم واحتجازهم، وتجريدهم من إنسانيتهم. ووصل الآلاف من الفارين من خان يونس إلى رفح، حيث ينام الناس في الشوارع وفي مخيمات غمرتها مياه الصرف الصحي. وفي 29 كانون الثاني/يناير، أمرت قوات الاحتلال عدة أحياء في مدينة غزة بالإخلاء باتجاه الجنوب. وتضم هذه المنطقة حوالي 88 ألف نازح فلسطيني يتم تهجيرهم قسراً مرة أخرى.
فيما يتعلق بتعطيل وصول المساعدات الإنسانية، تم إدخال قدر أقل من المساعدات يوميًا إلى غزة، مقارنة بمتوسط الشاحنات التي تدخل غزة يوميًا قبل 26 كانون الثاني/يناير. في المتوسط، دخلت 64 شاحنة يوميًا بين 27 و31 يناير 2023 (بيانات 1 و2 فبراير غير متوفرة). وخلال الأسبوع الممتد من 19 إلى 25 يناير، دخلت 156 شاحنة يوميًا في المتوسط.
فيما زعمت حكومة الاحتلال أن موظفي الأونروا متورطون في هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول. وبعد ذلك، علقت 16 دولة تبرعاتها للوكالة، وخلال الأسبوع الأول من قرار محكمة العدل الدولية، حاول عدد من المتظاهرين الإسرائيليين منع شاحنات المساعدات الإنسانية من الدخول إلى غزة عند معبر كرم أبو سالم.
كما رصد التقرير التحريض العلني على الإبادة الجماعية، إذ لم يوجه المدعي العام الإسرائيلي أي اتهامات ضد أي إسرائيلي، بسبب إصدار بيانات تحرض على الإبادة جماعية، في حين دعا الحاخام دوف ليئور، الزعيم الروحي لحزب عوتسما يهوديت، الإسرائيليين إلى كسر حرمة يوم السبت لمنع دخول المساعدات إلى قطاع غزة.
وحضر 11 وزيرا و15 عضو كنيست مؤتمرا بعنوان "المستوطنات تجلب الأمن"، في مركز المؤتمرات الدولي بالقدس، نظمته "ناخالا" (مجموعة إسرائيلية تؤيد توسيع المستوطنات اليهودية)، ودعا المؤتمر إلى ضم غزة. كما دعا وزير الأمن القومي للاحتلال، إيتمار بن غفير، إلى "الهجرة الطوعية" للفلسطينيين، في مؤتمر "العودة إلى غزة" في القدس، ورسم خريطة لـ 21 مستوطنة سيتم وضعها. وقالت دانييلا فايس، مديرة ناخالا، لشبكة ان بي سي: “بعد 7 أكتوبر تغير التاريخ، إنها نهاية الوجود العربي في غزة. إنها النهاية. وبدلا منهم، سيكون هناك الكثير والكثير من اليهود الذين سيعودون إلى المستوطنات، وسيبنون مستوطنات جديدة”.
كما يواصل جنود الاحتلال الإسرائيلي تصوير أنفسهم وهم يرتكبون جرائم في غزة، ففي أحد مقاطع الفيديو، يمكن رؤية جندي يبتسم بينما يتم تفجير الحي، ويظهر مقطع فيديو جنديًا يجبر معتقلين معصوبي الأعين على الاعتراف بأنهم عبيد. وفي مقطع فيديو ثالث يقف جنود الاحتلال الإسرائيلي فوق عدد من الشبان الفلسطينيين، بعد أن عصبوا أعينهم وقيدوا أيديهم خلف ظهورهم، فيما يظهر مقطع فيديو آخر جنود الاحتلال الإسرائيلي وهم يستهزئون بالفلسطينيين، أثناء إجبارهم على ترك منازلهم ومرورهم بحاجز تفتيش في جنوب غزة.