معاناة مضاعفة
تقرير خاص يرصد غياب خصوصية النساء داخل خيام النازحين في غزة
تقرير راية: اماني شحادة
تمشي النساء في خيام النازحين وسط مدينة رفح جنوب قطاع غزة شاحبة الوجه مستاءة مما يحصل على أرض الواقع بسبب حربٍ طاحنة غيّرت حياتهن تمامًا.
أم محمد الخطيب، مواطنة من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، تروي لشبكة رايــــة الإعلامية معاناتها التي تعيشها في الخيمة التي تقطن بها منذ نزوحها.
تصف الخيمة التي تبدو على شكل مثلث بأنها صغيرة جدًا ومساحتها متر في متر، لا تتسع لشيء، تنام هي وعائلتها المكونة من 7 أفراد فيها.
وتحتاج النساء بطبيعة الحياة إلى خصوصية وراحة أكثر من غيرهن، لكنها شبه منعدمة في خيام النازحين، ما تزيد من صعوبة العيش وعدم التأقلم.
تقول الخطيب إن الخصوصية في الخيام معدومة تمامًا، "أنام بطقم الصلاة؛ لأني أخاف أن تطير الخيمة بسبب الرياح أو تقع علينا لعدم تمكينها جيدًا".
وتضيف: "يخيفني كثيرًا انتشار الأمراض والبكتيريا بسبب الحمامات العمومية التي نصطف دورًا لاستخدامها".
وتردف: "أضطر للذهاب إلى حمامات المسجد القريب من خيمتي؛ فالحمامات العمومية غير مستورة جيدًا ومصنوعة من الزينكو الذي قد يطير في أي لحظة أو يفتحه أحد من الخارج بالإضافة إلى أنها غير نظيفة".
وبشأن أفراد أسرتها الذين يشاركونها المعاناة، تقول الخطيب: "لا تشفى بناتي من الأمراض وخاصة الإسهال والاستفراغ، اشتريت الكثير من الأدوية على حسابي الخاص ولا زلت أعاني من الأمر".
وكنوع من حل لمشكلة أطفالها، تضع الخطيب "جردل" صغير داخل خيمتها التي تغلقها جيدًا من الهواء البارد ليلًا؛ وذلك ليتم استخدامه بديلًا عن الحمام، وفق قولها.
وتؤكد على أنها تقوم بغسله جيدًا بالمعقمات كي لا ينقل الفيروسات أو الأمراض التي قد تصدر بسبب وجوده بجانبهم وهم نيام.
وتشير الخطيب إلى أن "الخيام باردة جدًا في الليل ولا نستطيع الشعور بالدفء فيها، أطفالي يلبسون عدد كبير من الملابس والجرابات في أقدامهم, والأمطار ترفع من وتيرة المعاناة وقلة النظافة التي نعيشها".
وتشاركها المعاناة نازحة أخرى من محافظة خانيونس، تعبّر عن غضبها بسبب الحياة التي انقلبت رأسًا على عقب وغيّرت من نظام حياتها الأساسي المليء بالنظافة والاهتمام.
شمس إبراهيم، (24 عامًا)، تقول ل "شبكة راية": "كنت معتادة على النظافة والاستحمام بشكل يومي، لكن النزوح داخل الخيام هنا أجبرني على عدم الاستحمام لأسبوع أو أكثر، بحسب توفر المياه أو مكان خاص".
وتتابع: "أقلل شرب المياه وأكل الطعام؛ كي أمنع نفسي من دخول الحمامات العامة غير النظيفة التي تنقل الأمراض والأوبئة".
وتشكو من عدم وجود احترام للخصوصية في الخيام، إذ يسمع الجميع أحاديث بعضهم ومشكلاتهم؛ بسبب ضيق المسافة بين الخيمة والأخرى.
وتضيف شمس بأن: "المياه العادمة في الشارع الترابي الذي بُنيت فوقه الخيام، والتي تتشكل على هيئة بركة أمام الخيام تعد أسوأ ما يكون في مخيمات النزوح، لأنها مصدر للحشرات كالذباب الذي ينتقل منها إلى أجسادنا".
جدير ذكره أن معاناة النساء في خيام النازحين لا تقف عند هذا الحد، فهناك العديد من المشكلات التي تعصف بهن بعد خروجهن من البيوت قسرًا بسبب الاحتلال الإسرائيلي الذي أقام حربًا ضد قطاع غزة في المناطق الجنوبية من فلسطين، منذ السابع من أكتوبر للعام الماضي.