إسرائيل تواصل ملاحقة المحتوى الفلسطيني على شبكات التواصل
بالتوازي مع الحرب المدمرة على أرض الواقع في قطاع غزة ، يخوض الاحتلال والقوى الداعمة له حربا شرسة على المحتوى الفلسطيني بشبكات التواصل الاجتماعي في العالم الافتراضي.
ومع استمرار محاولات إخفاء الرواية الفلسطينية، يُطْلَق العنان للرواية الإسرائيلية بما في ذلك التحريض العنيف الذي يصل إلى حد التهديد بالقتل واستخدام عبارات مليئة بالكراهية والعنصرية.
وتظهر أرقام صادرة عن مراكز متخصصة ملايين خطابات التحريض والكراهية باللغة العبرية تحديدا، في مقابل التشديد على المحتوى الفلسطيني وملاحقة وحذف وتقليص الوصول للحسابات الداعمة لفلسطين.
وطور المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي (حملة)، ومقره مدينة حيفا، نموذجا لغويا يقوم على تقنية الذكاء الاصطناعي من أجل رصد انتشار خطابات الكراهية والعنف على منصات التواصل الاجتماعي باللغة العبرية ضد المناصرين للحقوق الفلسطينية.
ويقول المركز إن المرصد الفلسطيني لانتهاكات الحقوق الرقمية الفلسطينية (حر) يعد أول منصة إلكترونية مفتوحة لرصد وتوثيق ومتابعة انتهاكات الحقوق الرقمية للفلسطينيين.
وتوفر المنصة أداة للتبليغ المباشر عن الانتهاكات، وأداة بحث في قاعدة بيانات الحقوق الرقمية وفق الفترة الزمنية التي يختارها الباحث، كما تعرض مؤشرات بيانية فورية لحجم الانتشار والتوزيع والتفاعل مع الخطابات العنيفة باللغة العبرية، ويجري تحديثها يوميا، بهامش خطأ طفيف، وفق مطوري المنصة.
ويظهر "المؤشر الفوري" للمحتوى العنيف باللغة العبرية على منصات التواصل الاجتماعي أكثر من 3 ملايين و200 ألف خطاب كراهية غالبيتها الساحقة على منصة تويتر، حظيت بعشرات ملايين التفاعلات "مما يظهر العدائية مع اللغة العربية والتساهل مع اللغة العبرية" وفق الناشف.
و يوثق مركز "حملة" مئات حالات تخفيض الوصول وإغلاقات حسابات بشكل مكثف وغير عادي "تصلنا مئات حالات إغلاق الحسابات وتقليص الوصول، كما مُنع هاشتاغ (وسم) #طوفان-الأقصى وإغلاق حسابات كبيرة كشبكة قدس الإعلامية، وحجب التعليقات لغير المتابعين أو الأصدقاء، وكلها إجراءات القصد منها إسكات الصوت الفلسطيني، وتخفيض وصوله والتفاعل معه" معتبرا ذلك "قرارا سياسيا".
و بالنسبة للانتهاكات المرصودة عبر منصة "حر" فقد بلغ مجموع الانتهاكات 4 آلاف و747 انتهاكا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول وحتى 16 يناير/كانون الثاني، منها 1924 إزالة وتقييدا لـ2811 محتوى اعتبر ضارا، 12 انتهاكا يعكس تمييزا بين المنصات الرقمية.
من جهته كشف مركز "صدى سوشيال" للحقوق الرقمية عن أكثر من 17 ألف انتهاك بحق المحتوى الرقمي الفلسطيني بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، وأكثر من 30 ألف محتوى تحريضي، 55% منها بحق الصحفيين.
وقال إن "20% من الشكاوى المتعلقة بالانتهاكات جاءت من عرب ومناصرين للقضية الفلسطينية حول العالم".
وأضاف أن إنفاذ الرقابة على المحتوى المناصر لفلسطين شهد توسعا "وصلتنا بلاغات عن حذف صفحات باللغة الإنجليزية، ومنها حساب الناشط الأمريكي "شون كينغ" الذي يتابعه أكثر من 6 ملايين متابع على إنستغرام، وحذف صفحات باللغات التركية والإسبانية والإندونيسية".
وقال المركز "منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، يراقب مركز صدى سوشال للحقوق الرقمية نشر إسرائيليين وداعمي إسرائيل، حول العالم، محتوى تحريضي يدعو إلى القتل والإبادة وحرق الأطفال، وتهجير الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، بلغات عبرية وأجنبية، وصادرة عن المستويات الإسرائيلية، والإعلامية، والشعبية الإسرائيلية".
وأضاف أنه تم رصد أكثر من 1400 مرة استخدمت فيها جملة "من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها" كتبرير للإبادة الجماعية في قطاع غزة، ودعوة إلى استمرارها، وصولا إلى دعوات وزير التراث الإسرائيلي عميخاي إلياهو بإيجاد "طرق أكثر إيلاما من الموت للفلسطينيين"، بعد أن دعا في بداية الحرب إلى إلقاء قنبلة نووية على قطاع غزة.
هذا الواقع دفع مؤسسات فلسطينية وعربية إلى محاولة مواجهته بمختلف الطرق، لكن الحمل أثقل من إمكانياتها.
و أخذ مركز حملة على عاتقه الدفاع عن الرواية الفلسطينية ومواجهة حملات التحريض، والتواصل مع إدارات مختلف المنصات لتحقيق فضاء أكثر عدلا للمحتوى الرقمي الفلسطيني".
و يؤكد المركز أن شركة "ميتا" تحديدا، ونتيجة ضغط دولي، كانت قد وعدت قبل الحرب على غزة بمراجعة سياساتها تجاه المضامين العربية والعبرية وطريقة إدارة اللغتين، في حين أظهر فحص خارجي وجود تمييز ضد المضمون العربي وبالأخص فلسطين، بعكس المضمون العبري.
وتابع أن الشركة وعدت بتغييرات مختلفة لتكون إدارة المضمون أكثر عدلا تجاه اللغتين، لكن الوعود لم تتبخر فحسب، إنما قررت إداراتها أن المشكلة هي عند الطرف الفلسطيني، وحملته مسؤولية 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وأشار مركز حملة إلى توجيهات صريحة من المديرين الكبار في "ميتا" لمحاربة المضمون الفلسطيني وإسكات صوته واعتباره تحريضا، وفق وثائق ومراسلات داخلية مسربة نشرتها وول ستريت جورنال نهاية أكتوبر/تشرين الأول.