الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات: اثر الحرب على قطاع غزة و الضفة الغربية
أدت الحرب على قطاع غزة والتي اندلعت في السابع من شهر اكتوبر من العام 2023 الى وقوع خسائر جسيمة في الارواح و البنى التحتية ومقومات الحياة الاساسية في القطاع حتى اللحظة. حيث و بحسب الاحصائيات الاولية والمحدوده والمتوفرة فان حجم الضرر سيؤدي الى تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي على كل من قطاع غزه والضفة الغربية.
وبحسب الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني فان استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وامتداد آثارها، بالإضافة إلى ما رافقها من تداعيات على الاقتصاد في الضفة الغربية، سيؤدي إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي لفلسطين عام 2023 بقيمة تقديرية 500 مليون دولار، أي ما يعادل 3% مقارنة مع عام 2022، رغم أنه كان من المتوقع أن يحقق الاقتصاد الفلسطيني نمواً بنسبة 3% في نفس العام.
ووفق تقارير الامم المتحدة والبرامج واللجان التابعة لها فان امتداد الحرب الى شهرها الثالث سترفع الخسائر الاقتصادية الى 12.2 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي او ما يعادل 2.5 مليار دولار امريكي.
نظرة على قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات (قبل الحرب-2023)
تشير تقديرات الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من خلال مسح تم اجرائة في العام 2022 بالشراكة والتعاون مع شركة البدائل التطويرية من خلال مشروع التكنولوجيا من اجل الشباب والوظائف (TechStart)، الى ان حوالي 1750 منشآة تعمل في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والبريد في فلسطين باستثناء الفروع، وتوفر هذه المنشات 13,500 وظيفة عمل. حيث يساهم القطاع بنسبة 5-7% من الناتج المحلي الاجمالي سنويا>
ووفقا للمعطيات التي تم جمعها من الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني فان ما يقارب ال 40 شركة تعمل في قطاع تكنولوجيا المعلومات في قطاع غزه توظف ما يقارب ال 1,500 موظف وحوالي ال 200 شركة في الضفة الغربية توظف ما يقارب ال 3,000 موظف في مجال تطوير البرمجيات والمنتجات والاستعانة بمصادر خارجية.
الاضرار والخسائر التي لحقت بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والبريد نتيجة الحرب (ارقام تقديرية اولية)
(حتى تاريخ 30 نوفمبر 2023)
اسفرت الحرب على قطاع غزة الى تدمير البنى التحتية لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، حيث و بحسب وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، فان المعطيات تشير الى تضرر اكثر من 130 شركة بشكل كلي او جزئي، اضافة الى تدمير الكابلات الضوئية والنحاسية والمقاسم والاعمدة والابراج ومواقع الشبكة الخلوية.
تشير التقديرات الاولية لكل من وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات و اتحاد شركات انظمة المعلومات (بيتا) الى تضرر كافة الشركات بشكل كلي او جزئي حيث تم تدمير مقرات الشركات وفقدان العديد من الموظفين العاملين فيها. كما توقف جميع الموظفين العاملين بدوام كامل في القطاع عن العمل اما بسبب توقف الشركات عن العمل او بسبب اصابة او استشهاد موظفيها او نتيجة للنزوح القسري او التهجير. اضافة الى خروج 6 حاضنات اعمال عن الخدمة في القطاع وجميع المراكز التكنولوجية ومنها تلك التي تضمها جامعات قطاع غزة والبالغ عددها 16 جامعة بسبب التدمير الكلي او الجزئي للبنية التحتية.
ووفق المعلومات المتوفرة من الادارة العامه للبريد فقد توقف قطاع البريد عن العمل في قطاع غزة بسبب تعرض اغلب المكاتب البريدية والبالغ عددها 10 مكاتب الى تدمير كامل للبنية التحتية وانقطاع الاتصال مع الموظفين العاملين في البريد. ويعمل البريد في ظروف صعبة في الضفة الغربية نتيجة المضايقات وقطع الطرق بين المحافظات وهجمات المستوطنين. كما وتاخر عمل البريد الصادر والوارد بسبب القيود والاجراءات المعقدة التي فرضها الاحتلال بعد السابع من اكتوبر 2023.
تاثر القطاع الاقتصادي في الضفة الغربية نتيجة الحرب على قطاع غزه بشكل كلي بسبب توقف العجلة الاقتصادية نتيجة انخفاض التجارة وتدفقات رأس المال والاستثمار، اضافة الى توقف عمل العمال العاملين في الاراضي الفلسطينية المحتلة، وعدم صرف رواتب الموظفين العموميين جراء رفض السلطة الفلسطينية استلام اموال المقاصة من الجانب الاسرائيلي بسبب قرار الاخير باقتطاع جزء من اموال المقاصة المخصصة لقطاع غزة. عدا عن تجميد والغاء بعض العملاء والشركات العالمية عقودها الموقعة مع الشركات الفلسطينية وتوقف بعض الدول عن متابعة برامجها الانمائية وسحبها الدعم المقدم لفلسطين.
المناطق الاكثر عرضة للتدمير
شمال قطاع غزة (بيت لاهيا، بيت حانون، جباليا،
الرمال الزيتون، الشجاعية وكافة مناطق الشمال).
وسط وجنوب قطاع غزة ( خان يونس، رفح، دير البلح، وغيرها من مناطق الوسط والجنوب)
النصيرات، و غيرها من المناطق في وسط وجنوب القطاع)
الاستجابة الاولية والتدخلات العاجلة
قامت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ومنذ اللحظة الاولى من اندلاع الحرب باتخاذ اجراءات طارئة وتدخلات عاجلة كاستجابة اولية وفورية للعدوان الاسرائيلي، حيث باشرت وبالشراكه والتنسيق مع جهات الاختصاص والشركاء بحصر الاضرار التي لحقت بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والبريد والشركات والافراد العاملين به من خلال التواصل المباشر مع الشركات والافراد العاملين في القطاع بهدف جمع المعلومات الاولية والمتوفرة.
استطاعت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من خلال مشروع التكنولوجيا من اجل الشباب والوظائف وبشكل طارئ وعاجل خلال الاسبوع الاول من الحرب بتقديم دعم سريع لجميع الشركات المستفيدة من المشروع والتي تربطها بالمشروع اتفاقيات منح فعاله من خلال:
- تحويل رواتب شهر اكتوبر بشكل مقدم لجميع الموظفين المستفيدين من برامج المشروع و المقيمين في غزة.
- تحويل دعم مادي طارئ بقيمة 1500 دولار امريكي لكل موظف تنطبق عليه الشروط السابقة.
حيث تم تنسيق وتمويل هذه الجهود مع البنك الدولي وبتنفيذ شركة البدائل التطويرية (DAI)، حيث بلغ عدد الموظفين المستفيدين من الدعم الطارئ 68 موظف، كما بلغ عدد الشركات المتلقية للدعم 16 شركة تعمل في القطاع.
في حين بادرت بيتا بصرف مبلغ 400 دولار امريكي للشركات الاعضاء الذين استوفوا دفع رسوم العضوية في الاتحاد، كما وقامت بتوزيع استبيان اولي للشركات الاعضاء في الاتحاد لمحاولة جمع معلومات عن حجم الاضرار والخسائر التي لحقت بهم (مرفق 2). ووفقا للاستبيان فان اغلب الشركات اما تم انهاء او الغاء او تعليق عقود عملهم اضافة الى خسارة العديد من عملائهم وشركائهم. اضافة الى تدمير شركاتهم ومقراتهم بشكل كلي او جزئي.
واصلت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بتكثيف جهودها للحد من حجم الضرر واثر فصل خدمات الاتصالات والانترنت عن قطاع غزه من خلال لقاء سفير جمهورية مصر العربية في فلسطين في مقر السفارة المصرية برام الله والطلب من جمهورية مصر العربية على تكثيف جهودها وتوجيه شركاتها المحلية على تقوية وزيادة بث الابراج الحدودية لتتمكن من تغطية المناطق الجنوبية في قطاع غزة، والسعي لتشغيل خدمات التجوال لمشتركي الشبكات الفلسطينية على شبكاتها المصرية. بالاضافة الى ضرورة توفير نقطة اتصال عن طريق الأقمار الصناعية نظرا لعدم توفر الوقود للأبراج الخاصة بالاتصالات وانقطاع الكهرباء.
كما كان لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالتعاون مع الاتحاد الدولي للاتصالات والمكتب الإقليمي العربي للاتحاد الدولي للاتصالات وووكالة الأنوروا دوراً هاماً في التواصل مع شركة (ستارلينك) من أجل إدخال الأجهزة اللازمة واعادة خدمة الاتصالات للقطاع والتي تم الاستنتاج في حينه انه غير قابل للتطبيق بسبب عدم توفر لواقط لهذه الخدمة داخل قطاع غزة.
باشرت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بعقد العديد من الاجتماعات واللقاءات مع الجهات المعنيه والشركاء للوقوف على اثر العدوان والضرر الناتج عنه، ومباشرة جمع الافكار والمقترحات واعداد خطط للتعافي السريع من الحرب، حيث توصلت الوزارة والشركاء حتى اللحظة الى طرح وصياغة مجموعة من الاقتراحات التي تهدف الى تمكين شركات الاتصالات و الشركات التكنولوجية والشركات الناشئة الى الاستجابة والتعامل مع التحديات المهولة الناتجة عن العدوان والحفاظ على الوظائف والمشاريع الحالية، وجذب عملاء جدد واستثمارات خارجية والدخول الى اسواق جديدة. اضافة الى خطط لاعادة بناء واعمار قطاع غزة وتعافي الضفة الغربية من اثار الحرب على الوضع السياسي والاجتماعي في فلسطين.
- تخصيص وتوفير مساحة عمل / مركز لاستيعاب وتشغيل الشركات و العاملين المتضررين في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والبريد لاعادة احياء عملياتهم التشغيلية واستكمال اعمالهم الى حين اعادة اعمار مكاتبهم وشركاتهم.
- انشاء صندوق للتعافي السريع وجمع مصادر للتمويل.
- مراجعة الاستبيان الاولي والتعديل عليه ونشره على منصة ال ICT لجمع معلومات جديدة عن حجم الاضرار والخسائر.
- تشكيل فريق عمل مصغر يجمع ممثلين عن الحكومه والقطاع الخاص والمؤسسات والاتحادات والهيئات العامة لمتابعة عملية حصر الاضرار المادية والبشرية التي لحقت بشركات تكنولوجيا المعلومات واعداد مقترحات لخطط الصمود والتعافي واعادة البناء لقطاع غزة والضفة الغربية ومتابعة تنفيذها.
- اعداد خطة اعادة بناء قطاع غزة للتنفيذ فور انتهاء الحرب.
- اعداد خطة صمود وتعافي للضفة الغربية خلال وبعد انتهاء الحرب.
- عدم قبول فرض شروط او قيود من قبل المانحين على المنح المقدمة والمنوي تقديمها لدعم فلسطين.
- قطع العلاقات بشكل كامل مع الشركات والعملاء الذين الغوا عقودهم واوقفوا اعمالهم مع الشركات الفلسطينية.
- قطع العلاقات مع الدول التي اوقفت دعمها وتعاملها مع فلسطين.
فتح افاق شراكات واستثمارات خارجية من خلال الدخول الى اسواق جديدة حول العالم و جذب مستثمرين وعملاء جدد للحد من مخاطر الاعتماد على اسواق محددة.