3 خلافات تهدد بوقف ضخ النفط الروسي للهند أبرزها عملة السداد والخصومات
تصاعد الخلاف بين الهند وروسيا حول واردات الخام الروسي، ليصل إلى درجة أن بعض ناقلات النفط الروسي الراسية على شواطئ الهند لم تتمكن من تفريغ شحناتها في الموانئ الهندية، واضطرت إلى تغيير وجهتها إلى الصين.
وقالت وكالة بلومبيرغ، أمس الثلاثاء، إن واردات الهند من النفط الخام الروسي، أكبر مورد لها، تراجعت في ديسمبر/ كانون الأول إلى أدنى مستوياتها منذ يناير/ كانون الثاني 2023، حيث لم تتمكن ست ناقلات تحمل خام سوكول الروسي من تسليم الخامات بسبب مشاكل في الدفع، وسط تشديد العقوبات الغربية، وذلك وفقاً لشركة تتبع البيانات الأميركية "كيبلر".
وبعد ارتفاع واردات النفط الروسي للهند إلى مستوى قياسي بلغ 2.15 مليون برميل يومياً في مايو/ أيار الماضي، تراجعت واردات النفط الروسي، وشهدت انخفاضاً حاداً بين نوفمبر/ تشرين الثاني وديسمبر/ كانون الأول إلى نحو 1.48 مليون برميل يومياً في الشهر الماضي، وفقاً لبيانات كيبلر.
ولم تتمكن شركات التكرير الهندية، التي اشترت ما متوسطه 140 ألف برميل يومياً من خام سوكول في عام 2023، من استلام أي من هذه الشحنات الشهر الماضي.
وقال كبير محللي النفط الخام في شركة كيبلر، فيكتور كاتونا، في رسالة بالبريد الإلكتروني، إن شركة "سخالين-1"، التي تستخرج النفط الخام من الشرق الأقصى الروسي، لم تتمكن من فتح حساب مصرفي في الإمارات، لتمكين المشترين من الدفع بالدرهم على النحو المتفق عليه.
ويعود الخلاف بين الهند وروسيا، حسب وكالة "ستاندرد آند بورز غلوبال إنتجيلينس" إلى ثلاث نقاط رئيسية، وهي: أن البنك المركزي الروسي لم يعد يرغب في قبول مدفوعات بالروبية الهندية مقابل صادرات النفط، وهو اتفاق تسوية جرى الاتفاق عليه في وقت سابق من العام الجاري، ضمن الجهود الروسية لتجنب التجارة بالدولار، بسبب العقوبات الغربية على روسيا.
ولحل الخلاف بشأن مدفوعات الروبية، جرى الاتفاق مبدئياً بين موسكو ونيودلهي على دفع ثمن واردات الهند من النفط الروسي بمزيج من ثلاث عملات، وهي اليوان الصيني ودولار هونج كونغ كعملة انتقالية إلى اليوان والدرهم الإماراتي كحل مؤقت للمشكلة الحالية.
وحسب تقرير "ستاندرد آند بورز"، قال الرئيس التنفيذي لشركة "روسنفت، إيجور سيتشين"، في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني، إن نقص دعم البنك المركزي للمدفوعات عبر الحدود هو جزء من الإجراءات التي تعرقل جهودنا للتغلب على ضغوط العقوبات الدولية.
وقال سيتشين في نتائج الربع الثالث لشركة روسنفت: "منذ بداية تشديد العقوبات، لم يقم بنك روسيا المركزي بإنشاء طرق موثوقة لتنفيذ المدفوعات عبر الحدود بعملات مختلفة، مما يعقد تسوية عائدات التصدير في الوقت المناسب".
من جانبه، أعرب وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في سبتمبر/ أيلول الماضي عن المخاوف من أن موسكو تراكم مليارات الروبيات في البنوك الهندية، مقابل مدفوعات النفط التي لا تستطيع الوصول إليها.
وأضاف أن الهند عرضت على روسيا خيارات لاستثمار الروبيات التي جمعتها من أجل تمويل الصادرات.
وفي إشارة إلى العجز التجاري الروسي المتزايد مع الهند، قال لافروف في مايو/ أيار، إن روسيا تجري مناقشات مع الهند لتحويل الروبية إلى عملات أخرى.
وقال لافروف: "بالنسبة للروبية، فهذه مشكلة، لأن هناك مليارات الروبيات متراكمة في حساباتنا بالبنوك الهندية، ونحن بحاجة إلى استخدام هذه الأموال الناتجة عن بيع النفط الروسي". وحسب المصادر الرسمية فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين الهند وروسيا في عام 2023، نحو 50 مليار دولار.
أما نقطة الخلاف الثانية بين نيودلهي وموسكو، فتعود إلى تراجع نسبة الخصم الذي تمنحه الشركات الروسية للهند مقابل شراء النفط، والذي تقلص إلى 4.10 دولارات لخام الأورال الروسي، مقارنة بسعر برنت في السوق العالمي، حسب بيانات "بلاتس" في نهاية نوفمبر/ تشرين الماضي.
وتعتمد روسيا على أساطيل ناقلات من خارج مجموعة السبع، لتفادي الحد الأقصى لسعر مجموعة السبع البالغ 60 دولاراً للبرميل على صادراتها.
في حديثه في أكتوبر/ تشرين الأول، قال رئيس مؤسسة النفط الهندية إن شركة التكرير التي تديرها الدولة تتحول إلى مصادر نفط خام أخرى لتغذية مصافيها مع تضاؤل الخصومات الكبيرة على الخام الروسي المتاح خلال العام ونصف العام الماضيين، وفق مؤسسة "ستاندرد آند بورز" العالمية.
أما نقطة الخلاف الثالثة بين روسيا والهند، فتعود إلى الضغوط الأميركية والأوروبية على الهند بخفض وارداتها من النفط الروسي، حتى تتمكن من الضغط على تمويلات الخزينة الروسية للحرب الجارية في أوكرانيا.
وواجهت أوكرانيا صعوبات في الحصول على تمويل جديد من أوروبا وأميركا، وسط الخلافات الجارية داخل الكونغرس في واشنطن وبين دول الكتلة الأوروبية في بروكسل.
وكان نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، قد قال يوم الأربعاء الماضي، إن كل صادرات النفط الروسية تقريباً خلال العام الماضي جرى شحنها إلى الصين والهند، بعد أن ردت موسكو على العقوبات الاقتصادية الغربية بتحويل مسار الإمدادات بسرعة بعيداً عن أوروبا.
وقال نوفاك، المسؤول كذلك عن قطاع الطاقة في البلاد، لتلفزيون "روسيا-24" الرسمي، إن روسيا نجحت في تفادي العقوبات المفروضة على نفطها، وتحويل التدفقات من أوروبا إلى الصين والهند، والتي تمثل معاً حوالي 90% من صادراتها من النفط الخام، وذلك وفقاً لما ذكرت صحيفة "ذا إيكونومك تايمز أوف إنديا".
وبحسب المسؤول الروسي، فإن حصة أوروبا من صادرات النفط الخام الروسية تراجعت إلى ما يتراوح بين 4 - 5% فقط من نحو 40 - 45% قبل فرض العقوبات الغربية على الطاقة الروسية.
ويذكر أن الهند تفوقت على الصين لتصبح أكبر مشتر للنفط الخام الروسي في العام الماضي، حيث بلغت التدفقات ذروتها عند نحو مليوني برميل يومياً في مايو/ أيار الماضي، مع قيام شركات التكرير الهندية بشراء النفط الروسي بسعر مخفض، وفقاً لبيانات مؤسسة "S&P Global Commodities at Sea".