مركز "شمس" : الاحتلال يستخدم سلاحاً صامتاً جديداً من خلال خلق بيئة لتفشي الأوبئة والأمراض المعدية بين الأطفال بغزة كشكل من إشكال الإبادة الجماعية
قال مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" أن الاحتلال الإسرائيلي يتعمد هذه الأيام استخدام سلاحاً جديداً صامتاً من خلال سياسة ممنهجة ومدروسة ، لخلق بيئة لتفشي الأوبئة الفتاكة والأمراض المعدية بين الأطفال في مراكز الإيواء والنزوح في قطاع غزة ، كسلاح صامت لقتل أكبر عدد ممكن من المواطنين في قطاع غزة ، لا سيما من الأطفال خاصة وأن نسبة المناعة لديهم متدنية مقارنة مع كبار السن ، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى الإبادة الجماعية كسابقة في التاريخ من خلال نشر الأوبئة ، وذلك للتغطية على الفشل العسكري لجيش الاحتلال . وقال المركز أن ما يتعرض له الأطفال في قطاع غزة يمثل جريمة ضد الإنسانية مكتملة الأركان بفعل الحصار والإغلاق ونقص الغذاء والدواء والتدمير الممنهج للبيوت والمساكن والمنشآت المدنية والمستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الأولية، إذ أن انتشار الأوبئة والأمراض بين الأطفال في مراكز الإيواء في المدارس والخيام يمثل كارثة إنسانية حقيقية تحدق بالأطفال قد ينجم عنها آلاف الضحايا بسبب تلك الأمراض في ظل غياب كامل للرعاية الصحية الأولية والعلاج اللازم وفقدان الأدوية من الصيدليات وتدمير المراكز الصحية والمستشفيات.
وقال مركز "شمس" أن أكثر من (1.9) مليون شخص تعرضوا للتهجير القسري، وكان الأطفال الفئة الأكثر تضرراً من هذا العدوان، إذ أفادت وزارة التربية استشهاد حوالي (4037) طالب، ، وأصيب أكثر من (7259) طالباَ ، إضافة إلى الوضع الصحي الصعب والذي انعكس سلباً على الأطفال في قطاع غزة ، كما أجرت المستشفيات أكثر من (1000) طفل بترت أطرافهم دون تخدير أثناء عمليات العلاج بسبب نقص المستلزمات الطبية اللازمة الإجراء العمليات ، كما أن نفاذ اللقاحات والتطعيمات أدى إلى تداعيات صحية كارثية ، فقدتم تسجيل أكثر من (360000) حالة من الأمراض المعدية من التهابات الجهاز التنفسي وجدري الماء والسحايا واليرقان في مراكز الإيواء وأمراض جلدية أخرى ، كما أن الأطفال في قطاع غزة يحصلون فقط على (10)% من استهلاكهم الطبيعي من الماء مما يؤدي إلى الجفاف والأمراض وسوء التغذية، إضافة إلى انتشار حالات الإسهال لدى الأطفال دون سن الخامسة ، حيث زادت بمقدار (25) مرة منذ بداية العدوان، وان انقطاع اللقاحات الخاصة بالأطفال مما يعقد الحالة الوبائية أكثر فأكثر وفقدان الحليب الصناعي للأطفال الرضع وحديث الولادة، إضافة إلى انتشار الجوع ، إذ أن (44)% من الأسر في قطاع غزة تعاني من جوع شديد، وتدهور الوضع الغذائي و نقص المواد الغذائية ومنع دخولها بسبب الحصار المفروض على القطاع ، واستمرار تدفق المياه العادمة ومياه الصرف الصحي في الشوارع وتوقف محطات الضخ مما أدى إلى تلوث ما تبقى من آبار مياه الشرب مما ينذر بانتشار واسع للأمراض والأوبئة في القطاع، كما وساهمت الظروف البيئة ودخول فصل الشتاء من زيادة معاناة المواطنين في مراكز الإيواء والنزوح وخاصة الأطفال منهم في ظل عدم توفير الملابس الشتوية والبطانيات وأدوات التدفئة التي تقيهم من البرد الشديد، وتواجه الفئات الضعيفة من الأطفال وخاصة ذوي الاحتياجات الخاصة العقلية والسمعية والحركية والذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة ظروفا صعبة في مراكز الإيواء.
كما وندد مركز شمس بالممارسات العدوانية التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في استهداف منظم وممنهج ضد الشعب الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة المستمرة منذ السابع من أكتوبر 2023م والتي أسفرت عن استشهاد أكثر من (21000) شهيد، منهم (8800) شهيد من الأطفال ، و (6300) شهيدة من النساء، و (311) شهيد من الطواقم الطبية ، و(40) شهيد من الدفاع المدني ، و(103) شهيد من الصحفيين، وأكثر من (7000) مفقود تحت الركام والأنقاض ، وإصابة أكثر من (55000) جريح ، وتضرر أكثر من (290000) وحدة سكنية بشكل جزئي ، وتدمير (65000) وحدة سكنية بشكل كلي ، وتدمير (23) مستشفى و (53) مركز صحي و(140) مؤسسة صحية خرجت عن الخدمة، واستهداف (102) سيارة إسعاف بشكل مباشر.
وأكد مركز "شمس" أن حالة الحصار المفروض على قطاع غزة والتي تمنع دخول المستلزمات الحياتية الأساسية (الطعام والشراب واللباس) وقطع للمياه والكهرباء والاتصالات في ظل ظروف الشتاء الباردة هي فصل جديد من فصول الألم والمعاناة التي يعيشها أطفال غزة في ظل عدم توفر الملابس الشتوية والأغطية والفراش وأجهزة التدفئة، وغياب تام للحاجات الأساسية للمواطن وخاصة أماكن الاستحمام والتنظيف، والتأثير النفسي والصدمات النفسية الناتجة عن آثار الحرب والعدوان وفقدان الكثير من الأطفال لعائلاتهم وأقاربهم وإخوانهم مما أدى إلى انتشار الكثير من الأمراض النفسية المستعصية لديهم.
وأوضح مركز "شمس" على أن ما يتعرض له الأطفال في قطاع غزة يشكل انتهاك جسيم للقانون الدولي الإنساني وللقانون الدولي لحقوق الإنسان، لاسيما لاتفاقية جنيف الرابعة والتي أكدت على ضرورة إقامة مناطق آمنة للمدنيين وخاصة للأطفال والنساء في أوقات الحر والنزاعات المسلحة، إذ نصت المادة رقم (14) من الاتفاقية على أن (لأطراف النزاع بعد نشوب الأعمال العدائية أن تنشئ في أراضيها، أو في الأراضي المحتلة إذا دعت الحاجة، مناطق ومواقع استشفاء وأمان منظمة بكيفية تسمح بحماية الجرحى والمرضى والعجزة والمسنين والأطفال دون الخامسة عشرة من العمر، والحوامل وأمهات الأطفال دون السابعة)، والمادة رقم (24) والتي نصت على (أطراف النزاع أن تتخذ كافة التدابير الضرورية لضمان عدم إهمال الأطفال دون الخامسة عشرة الذين تيتموا أو تفرقت عائلاتهم وان تضمن رعايتهم وإعالتهم وتعليمهم)، وتمثل تلك الأعمال انتهاك جسيم للقانون الدولي لحقوق الإنسان وخاصة للإتفاقية الدولية لحقوق الطفل لسنة1989م، التي تطالب كافة الدول على ضرورة توفير الضمانات اللازمة لحماية الأطفال وتحييدهم عن الخطر وتوفير سبل الحياة والعيش الكريم لهم، إذ نصت المادة رقم (38) من الاتفاقية على أن ( تتعهد الدول الأطراف بأن تحترم قواعد القانون الإنساني الدولي المنطبقة عليها في المنازعات المسلحة وذات الصلة بالطفل وأن تضمن احترام هذه القواعد، وتتخذ الدول الأطراف وفقا لالتزاماتها بمقتضى القانون الإنساني الدولي بحماية السكان المدنيين في المنازعات المسلحة، جميع التدابير الممكنة عمليا لكي تضمن حماية ورعاية الأطفال المتأثرين بنزاع مسلح).
وفي نهاية بيانه الصحفي طالب مركز "شمس" المقرر الخاص للأمم المتحدة لشؤون الطفولة، ومنظمة اليونيسف والمؤسسات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان بضرورة القيام بواجباتها الإنسانية والأخلاقية والتحرك من خلال هيئة الأمم المتحدة وحكومات الدول التي تقيم تمثيل دبلوماسي في دولة الاحتلال باستخدام نفوذها وإجبار حكومة الاحتلال على وقف جرائمها بحق الأطفال الفلسطينيين في قطاع غزة.