واقع المياه في قطاع غزة قبل و بعد العدوان المتواصل..واقع مرير يضاف الى معاناة
يعاني قطاع غزة منذ عقود من أزمة شح المياه، نتيجة الحصار وقيود الاحتلال التي ضربت البنية التحتية، حتى وصلت حصة الفرد من المياه بحسب الجهاز المركزي للإحصاء إلى 26.8 لتر يوميا عام 2022 وهو رقم ضئيل مقارنة بما أقرته الأمم المتحدة من حق كل فرد الحصول على 100 لتر يوميا، بما يشمل الاستخدام الشخصي والمنزلي.
وقبل العدوان كان قطاع غزة يعتمد على 3 مصادر رئيسية للمياه:
1-الآبار الجوفية
اذ تستخدم لاستخراج المياه الجوفية من باطن الأرض عبر مضخات تعمل بالكهرباء أو الوقود، وقد استخرج الغزيون عبرها 187.6 مليون متر مكعب من المياه، ما يشكل ضخا جائرا؛ إذ بلغت هذه الكمية 3 أضعاف تغذية الأمطار للخزان الجوفي.
وتعاني الآبار الجوفية من التلوث بتسرب مياه الصرف الصحي وتسرب مياه البحر التي تسبب الملوحة العالية.
وقد أفادت سلطة المياه بأن 97% من المياه الجوفية في غزة لا تطابق معايير جودة المياه الصالحة للشرب عالميا.
وتتوزع ملكية الآبار الجوفية في قطاع غزة، بين آبار مركزية تديرها البلديات وتستخدم لضخ المياه للبيوت، وآبار شخصية تستخدم لري المزروعات في المناطق الزراعية، أو لتزويد البيوت بالمياه وتعويض انقطاعها من البلديات.
2-محطات التحلية
أقامت العديد من المنظمات الدولية محطات لتحلية مياه البحر تتوزع على امتداد قطاع غزة، في دير البلح و"السودانية"، ومناطق جنوب القطاع.
وإضافة إلى محطات التحلية الشخصية المقامة كمشاريع ربحية، ساهمت محطات التحلية بتزويد قطاع غزة بـ5.7 ملايين متر مكعب من المياه عام 2022، وذلك بحسب الجهاز المركزي للإحصاء .
3-الأنابيب القادمة من الخط الأخضر
تزود شركة المياه الإسرائيلية "ميكروت" قطاع غزة بـ8 ملايين متر مكعب من المياه سنويا، وتقوم البلديات بخلطها مع مياه الآبار الجوفية لزيادة الكمية المتاح تزويدها للبيوت، وقد قُطعت هذه المياه تماما في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
اما عن المياه في غزة خلال العدوان الحالي
أدى عدوان الاحتلال المتواصل على غزة منذ 43 يوما وقطع كافة إمدادات المياه والكهرباء والوقود والقصف التدميري، إلى انهيار حصة الفرد من المياه يوميا، حيث وصلت إلى أقل من 3 لترات مقارنة بـ26.8 لترا يوميا قبل العدوان، وذلك نتيجة انخفاض قدرة إنتاج المياه بنسبة 95%.
ويشهد القطاع حرب تعطيش حقيقية في ظل انعدام القدرة على تشغيل محطات التحلية، وخروج العديد من آبار البلديات عن الخدمة بسبب انقطاع الكهرباء وعدم توفر الوقود، مع نزوح أكثر من مليون شخص نحو الجنوب وتكدس أعداد كبيرة من الناس في المدارس ومراكز الإيواء.
و تعاني مناطق جنوب قطاع غزة من أزمة مياه قاسية، رغم انتقال المنظمات الدولية إلى العمل في هذه المناطق الجنوبية وإعلان الاحتلال أنها "منطقة آمنة" وسعيه لتهجير سكان شمال القطاع إليها قسريا تحت القصف الجوي والاجتياح البري.
هذا و توقفت العشرات من الآبار الشخصية عن العمل في ظل انقطاع الكهرباء ونفاد الوقود، ويحصل بعض سكان خان يونس على كميات قليلة من المياه، عبر التشارك في تزويد مالك البئر بشكل شخصي بمولد كهربائي أو كميات من الوقود تكفي لتشغيله لبضع دقائق.
كما توقفت جميع محطات تحلية مياه الشرب عن العمل بشكل كامل في جنوب القطاع، نتيجة انقطاع الكهرباء ونفاد كميات الوقود، وصارعت عدد من المحطات للبقاء قيد الخدمة حتى الأسابيع الأولى من العدوان، عبر تقليص ساعات العمل وتقنين البيع لأعداد أقل من السكان، لكن انقطاع إمدادات الوقود أدى في نهاية المطاف إلى خروجها عن الخدمة.
وتقوم بلديات جنوب القطاع حاليا بتزويد عدد من محطات التحلية بكميات محدودة من الوقود لتمكينها من العمل وتزويد المواطنين بالمياه، في حين يضطر هؤلاء المواطنون إلى السير لمسافات طويلة، والانتظار لمدة 6 – 10 ساعات للحصول على 20 لترا من المياه بمعدل مرة واحدة كل أسبوعين.
و تقوم بلديات الجنوب عبر التنسيق مع الأمم المتحدة ومنظمات دولية، بتشغيل الآبار التابعة لها بمعدل 4-5 ساعات يوميا بشكل أسبوعي متقطع، لتزويد مئات آلاف البيوت والوحدات السكنية بكميات محدودة من المياه للاستخدامات المنزلية حصرا وهي غير صالحة للشرب.
ولوحظ في الاونة الاخيرة ان المواطنين في قطاع غزة اتجهوا لتعبئة المياه من البحر، والسير بها لمسافات طويلة نحو بيوتهم، لاستخدامها في دورات المياه، والغسيل والاستحمام، في حين يحاول آخرون تحليتها عبر التبخير باستخدام نار الحطب، إلا أن هذه المحاولات لم تحقق حتى الآن نتائج ملموسة.
اما في شمال القطاع فما يزال مئات آلاف من المواطنين في بيوتهم وخصوصا في مخيم جباليا وأحياء شرق ووسط مدينة غزة، رغم استمرار موجات القصف العنيف.