دوّاس أمام الاجتماع الوزاري رفيع المستوى لليونسكو حول التعليم والسلام: السلام مفقود في فلسطين
قال أمين عام اللجنة الوطنية الفلسطينية للتربية والثقافة والعلوم رئيس المجلس التنفيذي لمنظمة "الإيسيسكو" د. دوّاس دوّاس، في كلمته أمام جلسة الحوار الوزاري رفيع المستوى حول التعليم من أجل السلام المنعقدة في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" خلال الدورة الثانية والأربعون للمؤتمر العام للمنظمة، والذي يضم وزراء التربية حول العالم وبحضور المئات من المؤسسات الدولية التعليمية والخبراء في قطاع التعليم: "في الوقت الذي ينعقد فيه هذا اللقاء تحت عنوان التعليم من أجل السلام، فإن السلام مفقود فلسطين، نتيجة الحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة وبعد ٣٣ يوما من الهجوم المتواصل، واستهداف لكل مكونات الحياة، وتعديا على كافة القوانين والأعراف الدولية والمبادئ الإنسانية."
جاء ذلك في كلمة حظيت بتفاعل كبير من الحضور، والتي ألقاها باسم دولة فلسطين نيابة عن وزير التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي أ.د محمود أبو مويس، مناشدا خلالها الضمير العالمي والإنسانية جمعاء بالتدخل العاجل من قبل "اليونسكو" للاضطلاع بمسؤولياتها في حماية المنظومة التربوية والتراث الإنساني في غزة وكافة الأراضي الفلسطينية، بما يتضمنه ذلك من رصد لكافة الانتهاكات الإسرائيلية ضمن اختصاصات المنظمة، وإرسال بعثة الرصد التفاعلي إلى غزة والقدس وكافة الأراضي الفلسطينية لرصد الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال بموجب القانون الدولي.
وقال دوّاس: "نلتقي اليوم في هذه الجلسة العالمية من أجل التعليم والسلام، في ظل حرمان أكثر من 600 ألف طالبة وطالب من حقهم بالوصول إلى مدارسهم في قطاع غزة، ولكن أصحاب المعالي فإن هؤلاء الطلبة أيضا ليسوا في بيوتهم، بل هم في ساحات الكنائس والمستشفيات شوارع غزة بعد تدمير بيوتهم بالكامل"، مشيرا إلى أن هذا اللقاء يأتي أيضا وسط مشاعر الفقد لما يزيد عن 10 آلاف شهيد من ضمنهم آلاف الطلبة ومئات المعلمين، وتقدر الإحصائيات التي تزيد كل دقيقة في ظل استمرار العدوان، استشهاد أكثر من 3000 طالب، و183 معلم خلال شهر واحد فقط، وتدمير 310 مدرسة من مدارس الحكومة ومدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" جراء القصف الإسرائيلي عليها، بالإضافة إلى 45 مدرسة أخرى تعرضت لأضرار بالغة، وفي قطاع التعليم العالي فقد استشهد 432 طالبة وطالب و14 عاملا، 98% منهم في قطاع غزة، كما تعطلت العملية التعليمية برمتها في 19 مؤسسة تعليم عالي (جامعات) في قطاع غزة، مما يعني حرمان أكثر من 88000 طالب من حقهم بالتعليم العالي.
وأوضح دوّاس أنه في ظل استمرار العدوان، لا بد من الحديث عن ما تفقده فلسطين من مقومات طالت البشر والحجر على حد سواء، من فقدان للأمان والحق بالحياة، واستهداف للمباني، واستباحة للطفولة، مع صمت العالم رغم جميع المواثيق الدولية التي تحرم وتحظر جرائم الاحتلال، فإن عناوين العدالة قد ضلت الطريق، والقانون الدولي الإنساني يتوارى، واتفاقيات حقوق الطفل والحق في التعليم بلا قيمة أو اعتبار.
ودعا دوّاس إلى ضرورة التحول من حالة الاستنكار والشجب، إلى اتخاذ المواقف، ومن الضروري وضع الأمور في نصابها العملي والتنفيذي، بعد عرض هذه الأرقام والمعطيات والوضع التعليمي المتدهور وحجم الدمار، ودعا الكل العالمي لتحمل مسؤولياته وعلى رأسهم منظمة "اليونسكو" إزاء ما يعاني منه شعبنا جراء العدوان، فإن الأمر يتطلب مراجعة لدور المؤسسات الأممية والحقوقية في تأدية دورها المأمول، وهناك ما يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار وفي طليعته رد الاعتبار لطفولة باتت في مرمى القصف ليل نهار، فالأبنية قابلة لإعادة البناء والإعمار، لكن بناء نفوس الأطفال وترميم ما اعتراها من ألم يتطلب جهدا يفوق قدراتنا وامكانياتنا ولو على المدى القريب.
كما دعا دوّاس منظمة "اليونسكو" بتحمل مسؤولياتها في ضوء نطاق اختصاصها في حماية المقدرات والمؤسسات التعليمية، والحقوق التعليمية للشعب الفلسطيني، وضرورة تبني مشروع إغاثي خاص لإعادة بناء وترميم المؤسسات التعليمية في ظل الحرب وما بعد الحرب يكون بدعم وتمويل من الدول التي عملت وتعمل على تقديم برامج دولية لبناء البنية التحتية المدمرة الفلسطينية في التعليم والتعليم العالي، مثلما عملت "اليونسكو" في مناطق مثيلة من العالم تعرض لحروب ونكبات وتحديات مشابهة لفلسطين، فبينما يتحدث العالم عن معالجة الفاقد والتعليمي، فإن ما نعانيه في فلسطين أصبح أوسع من ذلك ليشمل الفاقد القيمي والإنساني والأخلاقي من العالم إزاء ما يتعرض له أطفال وطلبة فلسطين من عدوان وقتل وتدمير.
وختم دوّاس كلمته قائلا: "لقد رفعتم من خلال "اليونسكو" شعار (التعليم لا ينتظر) فالوضع في فلسطين لا ينتظر، كما ورفعتم أيضا شعار (لن نترك أحدا خلف الركب) فلا تتركوا فلسطين وأطفال وطلبة فلسطين خلف الركب."