محمود الهباش: نحن أمام كارثة إنسانية حقيقية في غزة وأولويتنا وقف اطلاق النار وانقاذ شعبنا من حرب الإبادة الصهيونية
تواصل السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية ، تحركاتها الدبلوماسية لوقف حرب الابادة الجماعية، التي يشنها الكيان الصهيوني على الفلسطينيين في قطاع غزة، منذ يوم 07 أكتوبر الفارط دون هوادة ، موقعا نحو عشرة آلاف شهيد الى حد الأن وأكثر من 24 الف جريح.
محمد الهباش قاضي قضاة فلسطين، ومستشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس، تحدث عن جملة الأولويات التي تعتمدها السلطة الفلسطينية في تحركاتها الدبلوماسية والسياسية، مع مختلف الاطراف الدولية والهياكل الأممية لوقف العدوان الصهيوني على غزة والضفة الغربية ، والدفع بمسار القضية الفلسطينية في اتجاه حل الدولتين ، وفق حدود سنة 1967 والانتصار لحق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشريف .
وقال ان الأوضاع في قطاع غزة كارثية بكل ما في الكلمة من معنى ، ونحن أمام كارثة إنسانية حقيقية، وحرب إبادة يرتكبها الكيان الصهيوني باستعمال أسلحة محرمة دوليا لتحقيق أهدافه الرامية الى إجتثاث الوجود الفلسطيني ،وهو هدف كان قد اعلن عنه رئيس الوزراء الاسرائيلي مباشرة إثر انطلاق العدوان الهمجي على غزة يوم 07 أكتوبر ، عندما طالب الأهالي بالخروج من القطاع والرحيل ، وهو ما اعتبره الهدف الحقيقي وراء تواصل هجمات آلة الحرب الصهيونية في القطاع.
وإن ما يخلفه العدوان الصهيوني في غزة من آثار كارثية على الانسان الفلسطيني وعلى المكان ، لا يمكن أن يصدقه عقل، حيث ناهزعدد الشهداء العشرة ألاف، وأكثر من 25 ألف مصاب، وحوالي 250 ألف بيت تم تدميره، فضلا عن تدمير البنى التحتية والطرقات، وأيضا المستشفيات والكنائس والمساجد والمدارس، بحيث لم يبق مكان آمن في غزة يمكن أن يلجأ اليه الانسان الفلسطيني ، واليوم يخرج أحد وزراء حكومة الإرهاب ليقول بكل صلافة أنه يجب قصف غزة بقنبلة نووية، وهي العقلية الإرهابية هي التي تحكم وتصنع القرار في إسرائيل، والنتيجة يدفع ثمنها الشعب الفلسطيني الذي لا يحرك العالم ساكنا من أجل انقاذه.
وكانت قد وضعت السلطة الفلسطينية أربع أولويات جوهرية في إطار معركتها السياسية والديبلوماسية التي تخوضها على الساحة العربية والاقليمية والدولية، في مواجهة إسرائيل وروايتها الكاذبة والعنصرية ، وهي تعمل عليها بالتنسيق مع المجموعة العربية بهدف تحقيقها على أرض الواقع ، وتتمثل الاولوية الاولى في وجوب وقف إطلاق النارالفوري والشامل للعدوان الصهيوني ، وإنقاذ الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية وفي القدس.
وثانياً معالجة الوضع الانساني الكارثي في القطاع عبر توفير الامدادات والاحتياجات الانسانية ، من دواء وغذاء وكهرباء ووقود، الى جانب توفير المأوى لآلاف الفلسطينيين المشردين، بالتنسيق مع الأطراف العربية، ولاسيما جمهورية مصر العربية، وبعض المنظمات الدولية، مثل الصليب الاحمر الدولي ووكالة الأونروا، حيث ان أكثر من مليون فلسطيني في غزة أصبح بلا مأوى بسبب العدوان الصهيوني.
أما الأولوية الثالثة فتتعلق بالسعي لإفشال مخطط التهجير الذي تحاول اسرائيل فرضه على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ، ومن ثم في الضفة الغربية ، وقد حققنا في هذه النقطة تقدما ملموسا، في ظل تظافر الموقف العربي مع الموقف الفلسطيني الرافض لهاته المؤامرة الاسرائيلية، وتبقى الاولوية الرابعة سياسية بامتياز، بمعنى التوصل الى حل سياسي يضمن إنهاء الإحتلال ، وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه المشروعة في تقرير المصير، وإقامة دولته وعاصمتها القدس، وحقه في التخلص من الإحتلال والعيش بكرامة على أرضه المسلوبة كباقي شعوب العالم.
وتابع الهباش في حديثة لقد حذرنا مرارا وتكرارا من ان استمرار السياسات الاسرائيلية المنفلتة والهمجية لحكومات الاحتلال المتعاقبة ضد الشعب الفلسطيني، وبالذات ضد المقدسات الفلسطينية وعلى رأسها المسجد الاقصى المبارك، لأن ذلك يفتح الباب بلا شك امام اشتعال حرب دينية تاكل الأخضر واليابس، ولا يبقى احد بمنآى عنها، واليوم في ظل استمرارهذه العدوانية الاسرائيلية، واستمرار حرب الإبادة التي تشنها دولة الاحتلال على الشعب الفلسطيني، بل حرب الاجتثاث التي تحاول من خلالها ان تفرغ الارض الفلسطينية من اهلها، وتهود مدينة القدس بمقدساتها الاسلامية والمسيحية، إنما يفسح المجال لاشتعال الحرب الدينية حتما ، ونحن نرى بوادر لها وان اشتعلت فان العالم باسره سيكتوي بنارها .
وقال قبل أحداث 7 أكتوبر شهدت الساحة الداخلية الاسرائيلية تفككا واسعا وصراعات مستشرية ،ولم يوحد القوى الداخلية السياسية والاجتماعية سوى الغارات الصهيونية ، لان فكرة الخطر الخارجي هي المسيطرة ، وهي الفكرة الوحيدة القادرة على توحيدها، وحتى المعارضة نجدها تضامنت مع الحكومة وسكتت ايضا المظاهرات المطالبة بتنحي نيتنياهو ، بما يعني ان المجتمع الاسرائيلي هاجسه الخوف.
وأضاف ان الحماية الامريكية لدولة الاحتلال هي التي تشجعها على الاستمرار في عدوانها على الشعب الفلسطيني، فعندما ارتكبت مجزرة مستشفى المعمداني وراح ضحيتها قرابة 500 مائة فلسطيني بين شهيد وجريح سكت العالم ، ولم يحاسب اسرائيل، وهو ما شجعها على مواصلة العدوان وارتكاب مجزرة اخرى في مخيم جباليا، وسكت العالم ايضا، لتواصل عدوانها على مستشفى الشفاء وبقية المنشات الصحية، والصمت المعيب على جرائم الاحتلال يشجعه على ارتكاب المزيد من المجازر، كذلك الغطاء الامريكي والضوء الاخضر الذي تعطيه الولايات المتحدة لاسرائيل يشجعها على التمادي في عدوانها، وقد أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس في لقائه بوزير الخارجية الامريكي ،ان الولايات المتحدة هي الجهة الوحيدة القادرة على وقف المجازر وهي الوحيدة التي يمكنها ان تأمر اسرائيل بوقف عدوانها، ولكن للاسف تواصل دعمها لاسرائيل وتغطي على جرائم الاحتلال وتبرره تحت شعارات الدفاع عن النفس ، اي دفاع عن النفس هذا الذي يتحدثون عنه، هل قتل الاطفال والنساء والشيوخ، وهدم المباني والمنازل والمستشفيات والمساجد والكنائس يعد دفاعا عن النفس؟.
لقد دمرت اسرائيل 55 مسجدا في غزة تدميرا كاملا كما دمرت كنيستين والعديد من المدارس والمستشفيات والطرقات والبيوت الآمنة بحجة الدفاع عن النفس ، اي دفاع هذا الذي يقتل الابرياء ويشرد الآلاف ؟
وتابع الهباش في حديثه اننا نقدر كل المواقف العربية المساندة للشعب الفلسطيني ولحقوقه المشروعة والرافضة للعدوان الصهيوني ايا كان شكل هذه المساندة ، سواء بالمواقف السياسية او المساعدة الاقتصادية والانسانية وغيرها ، لا نريد ان ندخل في سجالات حول تحليل وشرح المواقف العربية يكفي ان الموقف العربي الان موحد من رفض العدوان ، ومن ضرورة اسناد الشعب الفلسطيني، ولكن إذا اردنا الصدق فان العرب جميعهم قادرون على تحقيق اكثر من هذا ، المطلوب فقط تنظيم العمل، وتكثيف الجهود وتظافر المواقف، وخاصة اسناد الموقف الفلسطيني سياسيا واعلاميا وماديا ايضا، وممارسة الفعل السياسي المؤثر باللغة السياسية المناسبة مع الولايات المتحدة الامريكية على وجه التحديد، باعتماد لغة المصالح التي لا تفهم امريكا غيرها ، وبالتاكيد فان الدول العربية وكذلك الاسلامية لديها اوراق تاثير كثيرة على المصالح الامريكية يمكن ان تستخدمها بشكل سياسي ودبلوماسي باكثر فاعلية، للتاثير على الموقف الامريكي ومن ثم العمل على وقف العدوان الصهيوني.
وبالنسبة للقضية الفلسطينية ومرور اكثر من 70 سنة على تفجرها، لدينا قاعدة ننطلق منها وهي انه بدون حل عادل وشامل لها لا يمكن تحقيق سلام او امن ولا استقرار ، لقد حاولت اسرائيل ان تتحرك بعيدا عن القضية الفلسطينية وتقيم علاقات مع بعض الدول العربية، وهنا نتساءل اين ذهبت هذه العلاقات ؟ هل حققت السلام؟ ، النتيجة ما نراه الآن، لانه لا سلام مع الاحتلال، ولا سلام مع بقايا الاستيطان، ولاسلام دون حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة كاملة غير منقوصة ، حقه في تقرير المصير وارساء دولته، والاستقلال والانعتاق من الاحتلال، وهي جميعها اساس تحقيق السلام، وكما اشرت سابقا هي الاولوية الرابعة التي تشكل اطار الحراك الفلسطيني في المعركة السياسية التي نقودها مع اسرائيل.
وقال ان موقفنا من التهجير القسري للفلسطينيين محسوم، حيث قال الرئيس الفلسطيني أبو مازن في قمة القاهرة بشكل واضح، سنبقى في ارضنا وهي لنا وليس من حق اسرائيل او غيرها اخراجنا منها ، فهي ارض ابائنا واجدادنا منذ اكثر من ستة الاف سنة، هي ارض الفلسطينيين الكنعانيين العرب، وستضل كذلك الى الابد ، ولا يمكن ان يجبرنا احد على تركها والخروج منها ، لقد فشلت مشاريع التهجير والترحيل القسري في الماضي وستفشل الان وفي المستقبل ، اننا الان رقم صعب في داخل فلسطين بنحو اكثر من سبعة ملايين فلسطيني على ارض فلسطين التاريخية ، وبالميزان الديمغرافي نحن اكثر عددا وسنستمر في البقاء والحياة على ارضنا .
والعدوان في الضفة وجه آخر من وجوه الارهاب الصهيوني الهمجي الذي يهدف الى كسر ارادة الشعب الفلسطيني واجتثاثه ، وفرض الاملاءات عليه، العدوان متواصل في الضفة الغربية ومنذ 7 أكتوبر سقط نحو 140 شهيدا، وهناك تصاعد لارهاب المستوطنين ، وفي الانتهاكات والاعتداءات على المسجد الاقصى المبارك، وهذا يعني اننا امام حرب شاملة وعلى كل الجبهات وبمختلف الاشكال، هي حرب ابادة عنصرية لكنها لم تنجح في الماضي في كسر الشعب الفلسطيني الصامد ، ولن تنجح في المستقبل وسننتصر باذن الله.