مركز "شمس": منع الاحتلال الإسرائيلي انتشال جثث الشهداء في قطاع غزة من تحت الأنقاض ينذر بكارثة صحية، وتفشي الأمراض
رام الله : قال مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" أن منع قوات الاحتلال الإسرائيلي طواقم الدفاع المدني من انتشال جثث الشهداء والبحث عن المفقودين تحت أنقاض المباني المدمرة في قطاع غزة هو انتهاك جسيم للقانون الدولي الإنساني، وانتهاك للكرامة الإنسانية للموتى، ونوع من التعذيب النفسي لأسر الضحايا والمفقودين وذويهم بعدم معرفة مصير أقاربهم وإبقائهم في حالة من الترقب والأمل المقترن بالألم والعذاب ، إذ كفلت اتفاقية جنيف الأولى في المادة رقم (15) من الاتفاقية (يتخذ أطراف النزاع دون إبطاء جميع التدابير الممكنة للبحث عن الجرحى والمرضى وجمعهم وحمايتهم من السلب وسوء المعاملة وتأمين الرعاية اللازمة لهم، وكذلك البحث عن جثث الموتى ومنع سلبها)، وكدت ذلك أيضاً اتفاقية جنيف الرابعة في المادة رقم (16) من الاتفاقية (وبقدر ما تسمح به المقتضيات العسكرية، يسهل كل طرف من أطراف النزاع الإجراءات التي تتخذ للبحث عن القتلى أو الجرحى... الخ). وبهذا يتضح أن منع انتشال جثث الضحايا والبحث عن المفقودين تحت الركام والمباني المدمرة في قطاع غزة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي هو جريمة موصوفة بأنها انتهاك لاتفاقيات جنيف والذي يعتبر انتهاكها جريمة حرب وفقاً للنظام الأساسي لاتفاقية روما لسنة 1998م. ووفقاً لوزارة الصحة في قطاع غزة فإن هناك ما يزيد عن ( 1500) شخصاً ، منهم (830) طفلاً ما زالوا تحت الأنقاض بين شهيدٍ وجريح ، والعدد مرشح للزيادة في أي لحظة ، بفعل استمرار استهداف الطيران الحربي الإسرائيلي لبيوت المدنيين الفلسطينيين .
ودعا مركز "شمس" إلى ضرورة احترام حرمة الموتى وكرامتهم استناداً إلى القانون الدولي الإنساني وإلى القيمة الطبيعة للحياة البشرية والتي تضمن كرامة الميت بدفنه وفق التعاليم الدينية الخاصة به ، وهذا ما أكدته اتفاقية جنيف الأولى في المادة رقم (17) من الاتفاقية (يتحقق أطراف النزاع من أن دفن الجثث بجري لكل حالة على حدة بقدر ما تسمح به الظروف، ويسبقه فحص الجثة بدقة، وفحص طبي إن أمكن، بقصد التأكد من حالة الوفاة، والتحقق من هوية المتوفى، والتمكن من وضع تقرير، ولا يجوز حرق الجثث إلا لأسباب صحية قهرية أو لأسباب تتعلق بديانة المتوفى، وفي حالة الحرق، تبين أسبابه وظروفه بالتفصيل في شهادة الوفاة أو في قائمة أسماء الموتى المصدق عليها، وعلى أطراف النزاع التحقق من أن الموتى قد دفنوا باحترام وطبقاً لشعائر دينهم إذا أمكن، وأن مقابرهم تحترم، وتجمع تبعاً لجنسياتهم إذا أمكن، وتصان بشكل ملائم، وتميز بكيفية تمكن من الاستدلال عليها دائماً)، وأكد ذلك البرتوكول الاختياري الثاني الملحق باتفاقيات جنيف في المادة رقم (8) من البرتوكول (تتخذ كافة الإجراءات الممكنة دون إبطاء خاصة بعد أي اشتباك، للبحث عن الجرحى والمرضى والمنكوبين في البحار وتجميعهم، كلما سمحت الظروف بذلك ، مع حمايتهم من السلب والنهب وسوء المعاملة وتأمين الرعاية الكافية لهم، والبحث عن الموتى والحيلولة دون انتهاك حرماتهم وأداء المراسم الأخيرة لهم بطريقة كريمة).
وشدد مركز "شمس" على أن استمرار الأعمال العدائية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة دون انقطاع منذ السابع من هذا الشهر(تشرين أول 2023) ، والتي أودت بحياة الآلاف من الشهداء وتدمير آلاف المنازل، وفي ظل انقطاع الماء والكهرباء والوقود ومهاجمة طواقم الإسعاف والدفاع المدني وفرق الإنقاذ، واستخدام الأسلحة الفتاكة والمحرمة دولياً والصواريخ الحرارية الأشد فتكاً وتدميراً باستهداف المباني والأبراج المأهولة بالسكان دون سابق إنذار من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، هو إمعانٌ في الإجرام والانتهاك الجسيم للقانون الدولي الإنساني، إذ أدت تلك الأعمال العدوانية إلى تحويل أحياء واسعة في قطاع غزة إلى مناطق مدمرة وتراكم لحطام المباني السكنية فوق رؤوس ساكنيها، مما أدى إلى تكدس مئات الجثث تحت الأنقاض المدمرة، وعدم قدرة طواقم الدفاع المدني وفرق الإنقاذ من الوصول إليها وانتشالها، وربما هناك أحياء أيضاً مازالوا تحت الركام ولا تستطيع فرق الإنقاذ الوصول إليهم بسبب منعها من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي وتعرضها للقصف، ومئات المفقودين الذي لا أحد يعلم مصيرهم، هل هم أحياء أو أموات، ومن أجل وصول طواقم الدفاع المدني إلى تلك الأماكن المدمرة.لإنقاذ الضحايا والبحث عن الجثث وإخراجها من تحت الركام ، الأمر الذي يؤدي إلى موت الكثير من الأحياء المحاصرين تحت الأنقاض، كما ويؤدي إلى تحلل الجثث، مما ينذر بكارثة إنسانية وصحية كبيرة. إن تمكين فرق الإنقاذ والدفاع المدني والهلال الأحمر الفلسطيني من الوصول للضحايا وإخراج الجثث من تحت الأنقاض ، يتطلب ضمان عدم قصف تلك الفرق من قبل الطائرات الحربية الإسرائيلية .
وطالب مركز "شمس" هيئة الأمم المتحدة ومؤسساتها ، واللجنة الدولية لشؤون المفقودين ومنظمة الصليب الأحمر الدولي ، ومنظمات حقوق الإنسان الحكومية وغير الحكومية، للتدخل العاجل والضغط على حكومة الاحتلال لتمكين طواقم الدفاع المدني في قطاع غزة لانتشال الضحايا من تحت الركام والسماح لهم بحرية الحركة والعمل للبحث عن المفقودين والعالقين تحت أنقاض المباني المدمرة، وضمان وصول كافة المعدات اللوجستية لهم للقيام بعملهم الإنساني ، سيما وأن أي تأخير إضافي من شأنه أن يسرع في تحلل الجثث ، الأمر الذي ينذر بكارثة صحية وبيئية ، يمكن أن تكون مقدمة لانتشار الأمراض والأوبئة .