مختصون لراية: خطورة قرار "الهيئات الإدارية" يكمن في إعطاء السلطة التنفيذية نفسها سلطة تشريعية
لا تزال حالة الإرباك التي عكسها قرار مجلس الوزراء الفلسطيني بمنع الموظفين العموميين من الانضمام إلى الهيئات الإدارية للجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية والشركات غير الربحية تسود المشهد وتلاقي حالة رفض واسعة من مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات والهيئات الإدارية.
حلقة جديدة من برنامج "قضايا في المواطنة" ناقشت فضاءات العمل الأهلي في ظل قرار مجلس الوزراء بشأن الموظفين العموميين في الهيئات الإدارية للجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية والشركات غير الربحية.
المفوض العام للهيئة المستقلة لحقوق الانسان عصام العاروري أكد في حديثه لبرنامج "قضايا في المواطنة" عبر أثير إذاعة راية، أن هذا القرار يمس بدرجة رئيسية بحقل الموظفين العموميين كمواطنين يملكون الحق في المشاركة في العمل الاجتماعي.
وأوضح العاروري أن هذا القرار يعطي مجلس الوزراء دور تشريعي ليس له أن يملكه، حتى وإن ظهر على أنه قرار إداري، لأنه يخالف قانون الجمعيات الصادر من المجلس التشريعي والقانون الأساسي كذلك والذي نص على حق المشاركة السياسية والاجتماعية.
وشدد العاروري على أن هذا القرار يشكل خطوة استباقية على حرمان الموظفين العموميين من أن ينتظموا في إطار نقابي يخدم مصالحهم، فضلاً من أنه يحرم المؤسسات الأهلية والجمعيات من الطاقات التطوعية الموجودة عند الموظفين العموميين العاملين في حقول مختلفة.
ولفت إلى أن الخطورة الأهم تكمن في أن السلطة التنفيذية تعطي نفسها سلطة تشريعية لم يمنحها لها القانون الأساسي، ويمثل اعتداء على هذا القانون الذي حصر التشريع للمجلس التشريعي الفلسطيني المنتخب وأعطى للرئيس صلاحيات محدودة في أوقات الضرورة القصوى.
واستنكر العاروري إقرار مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة لهذا القرار والتعميم وبدء العمل به، دون الالتفات لأصوات الاحتجاج التي رفعت بشأنه، وهذا إن دل يدل على العلاقة السلبية بين الحكومة والمجتمع المدني وقطاعات المجتمع.
ومن جانبها أشارت رئيس مجلس إدارة طاقم شؤون المرأة د. أريج عودة إلى أن معظم الكوادر المتمرسة في المؤسسات الأهلية والجمعيات هم موظفين عموميين، يملكون من الخبرة والمهارة والتمرس ما يجعلهم قادرين على دعم هذه القطاعات الأهلية بأفضل الإمكانات.
وأكدت عودة على أن مركز شؤون المرأة ليس ضد تنظيم الموضوع وإنما ضد التعميم لحالات فردية إنهاءه بشكل قطعي عبر صدور قرار على بهذه الصورة الغير قانونية والتي تسلب الحقوق العامة.
وأضافت عودة: "ما يحاول فعله مجلس الوزراء الآن هو تأجيل تنفيذ القرار وليس تجميده، لإعطاء الفرصة للهيئات المحلية والجمعيات لترتيب أمورها الداخلية وانتخابات مجالس إدارتها وما شابه".
وفي ذات السياق ذاته، أوضح نائب رئيس المجلس الوطني للمؤسسات الأهلية محمد زيدان، أن منظومة العمل في المؤسسات الأهلية عمل تطوعي وخاصة مجالس الإدارة المستهدفة بهذا القرار والتي تنبع أهميتها في تعزيز العملية التطوعية في المجتمعات، ويتنافى مع قيم تعزيز العمل التطوعي بين مكونات المجتمع وخاصة المجتمع الفلسطيني الذي ارتكز على العمل الأهلي على مر مسيرة نضاله منذ ما قبل قدوم السلطة الفلسطينية.
وأضاف: "منذ صدور هذا القرار عقدنا اجتماع طارئ وناقشنا تبعاته مع مرجعيتنا وشركائنا وأصدرنا موقفنا الثابت أن مثل هذا القرار لن يكون ملزماً لنا، رغم أننا كنا نحبذ أن يكون هناك حوار مع مكونات المجتمع المدني في وضع السياسات العامة التي تخدم المشروع الوطني".
وأكد زيدان على أن مبرر "تضارب المصالح" لا يعطي الحق لأن يكون هناك موافقة على قرار مجلس الوزراء، لأن في قضية "تضارب المصالح" في مدونة السلوك هناك بند يطالب بأخذ الموافقة أو عدم الممانعة وليس الحرمان من الحق جملةً وتفصيلا.
وتوقع زيدان بأن يصدر قرار إيجابي في القريب العاجل بتوجه من الحكومة لتجميد هذا القرار على الأقل إلى حين أن يكون هناك حوار بيننا وبين الحكومة في اتخاذ الإجراء النهائي في هذه القضية، وإلى فلن يكون هناك تعاطي من مؤسسات المجتمع الأهلي مع هذا القرار.
وأشار زيدان إلى عدم وجود شراكة حقيقية بين الحكومة ومؤسسات المجتمع على أرض الواقع، داعياً رئيس الوزراء وكافة الجهات المختصة في الوزارات إلى فتح حوار حقيقي مع ممثلي المجتمع المدني، في ظل الظروف الهامة التي نمر بها كشعب فلسطيني والتي تنعكس على الاشتباك السياسي للقيادة الفلسطينية في المنظمات الدولية، ويجب أن نتوحد جميعاً خلفه لإنجاز مشروعنا الوطني.
يذكر أن برنامج "قضايا في المواطنة" الذي يبث عبر أثير إذاعة راية هو برنامج اجتماعي تنتجه المؤسسة الفلسطينية للتمكين والتنمية المحلية REFORM للإسهام في الوصول إلى نظام حكم إدماجي تعددي مستجيب لاحتياجات المواطنين ومستند إلى قيم المواطنة، وتأتي هذه الحلقة ضمن مشروع "تواؤم" بالشراكة مع مؤسسة المساعدات الشعبية النرويجية، والذي يهدف إلى تحسين واقع مشاركة الشباب والفتيات في عمليات صناعة القرار، عبر مراقبة خطط وسياسات المؤسسات الرسمية، ومسائلة المؤسسات المحلية على مستوى السياسات العامة التي تؤدي إلى رفع مستوى مشاركة الشباب في الحياة العامة، كما ويهدف المشروع إلى تعزيز سياسات الحكم الرشيد والشفافية في عمل المؤسسات المحلية.