هل يسبب الجنون؟
أضرار التفكير الزائد وكيفية التغلب عليه؟
التفكير الزائد المزمن، عادة ما يستغرق الكثيرين بعض الوقت للتفكير في أمر ما أو مواقف معينة تواجههم في حياتهم لمدّة من الزمن، ولكن على عكس ذلك يعاني عددًا من الأشخاص من التفكير الزائد وتدفق دائم ومستمر للأفكار في عقولهم، وغالبًا ما يقوموا باسترجاع الحوارات والأحاديث التي قاموا بإجرائها بالأمس في رؤوسهم، أو يشكّكون بكلّ قرار يتخذونه، أو يتخيّلون نهايات أو طرق كارثية لكلّ شيء، طوال اليوم، وكلّ يوم.
ما هو التفكير الزائد؟
هي حالة تصيب بعض الأشخاص تجعلهم يفرطون في التحليل أو التساؤل عن فكرة أو موقف أو مشكلة معينة بالتحديد، مما يجعلهم يكررون نفس الأفكار والسيناريوهات في ذهنهم، وقد ينتج عنه في بعض الحالات الإصابة بنوبة من السلبية والهلع.
ويميل المصابون بالتفكير الزائد عادةً إلى التركيز على المشاكل، أو النتائج، أو الأخطاء المتوقع حدوثها، مما قد يؤدي إلى شعورهم بالقلق والتوتّر وعجزهم عن اتخاذ القرارات.
ولا يتوقف "التفكير الزائد" على تكرار الكلمات في الذهب فقط، بل يستحضر المصابون في عقولهم صورًا كارثية أيضًا من مخيّلتهم، حيث تشبه عقولهم فيلم سينمائي تهوي فيه سيّارتهم على سبيل المثال من على منحدر أو يستمرّون فيه بالتفكير في أحداث سيئة مرّوا بها مرارًا وتكرارً.
قد لا تشعر بأنّ "التفكير الزائد" خطير إلى هذا الحدّ، إلا إن كنت تعاني منه حقًا فأنت تعلم تمام العلم كم هو متعب للنفس ومرهق للأعصاب ومستنزفٌ للطاقة.
أسباب التفكير الزائد
هناك علاقة وثيقة تربط بين "التفكير الزائد" والقلق، حيث يعتبر الأخير من أبرز الأسباب وأهمها للتفكير الزائد بكل شيء، إذ يجبر المصابون على تخيل أسوأ السيناريوهات والأحداث عند التفكير بشيء أو موقف معين، وفيما يأتي بعض الأسباب التي تؤدي إلى القلق والتفكير الزائد، وهي:
القلق الاجتماعي لما يجب أن يقال وما يجب أن لم يتم قوله.
القلق والخوف من نظرة المجتمع للفرد.
الخوف من الفشل.
التجارب الصعبة السابقة ونتائجها السيئة على الفرد.
اضطرابات الوسواس القهري.
أعراض التفكير الزائد
يمكن أن تتباين وأعراض وعلامات الإصابة بـ "التفكير الزائد" من شخص إلى آخر، ولكن فيما يلي بعض الأعراض الشائعة التي تنذر معاناة الشخص من التفكير الزائد، منها:
الأفكار المستمرّة أو المتطفّلة، المعاناة من التفكير تيّار مستمر من الأفكار التي تدور في أذهان من يعانون من التفكير الزائد، ويمكن أن تكون هذه الأفكار عنيدة ولا يمكن السيطرة عليها، وربما تتركز على مشكلة محددة أو مصدر قلق أو حتى بشأن المهام اليومية البسيطة.
الإفراط في التحليل والاجترار، يميل المصابون إلى التحليل المتكرر والمستمر لكافة المواقف أو القرارات أو المحادثات التي يقومون بها، وعادةً ما يقومون باستعادتها بشكل متكرر في أذهانهم فيما يشبه عملية الاجترار، كذلك قد يتوقعون السيناريوهات المستقبلية، في محاولة لإيجاد حلول أو معنى لكافة التفاصيل المملة.
العجز عن اتخاذ القرارات، يمكن أن يتسبب "التفكير الزائد" في الإصابة الشلل التحليلي، أي التردد وعدم القدرة على اتخاذ القرارات، مما يجعل المصابون يقارنون دائمًا بين الإيجابيات والسلبيات، ويفرطون في تحليل النتائج المتوقعة، ويقلقون حول اتخاذ القرار الخاطئ.
التسويف والتأجيل: يمكن أن يؤدي التفكير الزائد إلى التسويف وتجنب و/ أو تأجيل المهام أو القرارات نتيجة الخوف من ارتكاب الأخطاء أو مواجهة العواقب السلبية المحتملة.
الحديث السلبي عن الذات، غالبًا ما ينخرط في التفكير بشكل سلبي وانتقاد ذاتهم باستمرار، وربما يحكمون على أنفسهم بشكل قاسي للغاية، ويركزون على العيوب أو الأخطاء التي يتصورونها، والتي يمكن أن تسهم في فقدانهم الثقة بأنفسهم والشعور الدائم بالتدني.
زيادة القلق والتوتر، قد يتوقع المصابون احتمال حدوث سلبية بشكل مستمر، أو يشعرون دائمًا بالهلاك القريب.
الأرق واضطرابات النوم، يؤثر "التفكير الزائد" على جودة النوم، حيث قد تسبب الأفكار المتسارعة والنشاط المفرط للذهن في عدم الاسترخاء والإصابة بالأرق واضطراب في النوم، وقد يعانون من صعوبة في البقاء نائمين بسبب ازدحام الأفكار في عقولهم.
الأعراض الجسدية للتوتر، قد يظهر أعراض جسدية مرتبطة بالتوتر والقلق؛ بما في ذلك الشعور بالصداع أو توتر العضلات أو الإصابة بمشاكل في الجهاز الهضمي أو ارتفاع معدل ضربات القلب أو تقلّبات الشهية.
مخاطر التفكير الزائد
يتفق معظم "الخبراء"، على أن التفكير الزائد يمكن أن يكون له تأثير سلبي على صحة الإنسان، حيث يصاب المفرطون بالتفكير وبشكل مباشر بمشاكل عقلية، وليس ذلك فقط بل يرتبط بالمشاكل العاطفية والتي يلجأ العديد من الأشخاص إلى حلها من خلال أساليب غير صحيحة مثل الإفراط في تناول الكحول أو تناول الطعام، كما أشارت الدراسات إلى أن الإفراط بالتفكير ينتج عنه تقليل ساعات النوم، والذي يؤثر مباشرةً على صحة الجسم.
هل يمكن أن يؤدي التفكير الزائد إلى الجنون؟
لا يُسبّب التفكير الزائد تحديدًا، ولكن قد يعمل على الشعور بالتوتّر والقلق والارتباك، إلا أنه لا يدفع صاحبه إلى الجنون أو المرض النفسي بالمعنى المعروف، حيث أنّ الإصابة بالأمراض النفسية، فعلى سبيل المثال الإصابة بالفصام أو الاضطراب ثنائي القطب مثلًا، له عدة أسباب مُعقّدة تضم العديد من العوامل الوراثية والبيولوجية والبيئية والنفسية، ولا يمكن أن يكون التفكير الزائد وحده سبب في الإصابة بهذه الحالات.
وبالرغم من ذلك، يجب الإشارة إلى أن إمكانية التأثير السلبي لـ "التفكير الزائد" لفترة طويلة على الصحة النفسية، حيث يمكن أن يتسبب في تطوّر أو زيادة اضطرابات القلق، على سبيل المثال اضطراب القلق العام أو اضطراب الوسواس القهري، كما قد ينتج عنه الإصابة بعدد من المشاكل البدنية مثل اضطرابات النوم وصعوبة التركيز.
طرق التخلص من التفكير الزائد
التفكير من الأمور الجيدة والضرورية، إلا أنه إذا تفاقم الأمر ووصل إلى الإفراط في التفكير فقد يصبح من الصعب السيطرة عليه للاستمرار في حياتنا الطبيعية وتحقيق الكثير من النجاحات، لذا يجب اتباع عدد من الطرق التي تساعد في علاج التفكير الزائد، وهي الاقتناع بما يأتي:
يجب عليك الاقتناع التام بأنه ليس هناك كمال بشري، وبالتالي لا يمكن الحصول عليه تحت أي ظرف من الظروف.
الابتعاد عن التخمين والاعتماد بشكل مباشر على الحقائق الموجودة.
التوقف عن الخمول، والعمل على التطبيق بدلاً من مجرد التفكير.
الحرص على الشعور بالتفاؤل والبحث عن أسباب لحل المشاكل إن وجدت وذلك للتخلص من أساسها.
أخذ المشورة من أهلها (الطبيب النفسي).
تجنب التبرير لجميع الأفعال، علاوة على أنه يجب التعامل بصدق مهما كانت النتائج.
كتابة كافة النجاحات والأفكار الإيجابية؛ لتساعد على الاختيار الصحيح.
الحرص على الاسترخاء ومحاولة تفريغ العقل من الأفكار في نفس الوقت.