قرار داخلية غزة: تصنيف "الجهات المعادية" يطال الجميع والحريات في خطر
بعد أكثر من عام ونصف على إصدار وزارة الداخلية في قطاع غزة التابعة لحركة حماس قرارا بشأن الاجتماعات العامة، والذي بقي مجمدا على الرفوف، بات القرار ساري المفعول منذ نحو أسبوعين، بما يحمله من مخاطر عدة تمس الحريات العامة، ومنها حق التجمع والتظاهر، كما يعارض نصوص القانون الأساسي.
ويتعارض القرار الصادر عن وزارة الداخلية في غزة، مع بنود عدة وردت في القانون الأساسي التي نصت على حق الفلسطينيين في "المشاركة في الحياة السياسية افرادا وجماعات ولهم على وجه الخصوص الحقوق الآتية: عقد الاجتماعات الخاصة دون حضور افراد الشرطة وعقد الاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات في حدود القانون".
وحسب القرار الجديد، فإنه يُمنع عقد اي اجتماع سواء خاص او عام سواء داخل الفنادق او الجمعيات او الشركات او البيوت او مقرات المؤسسات، دون الإبلاغ عنها، بشرط ان تكون غير مقيدة بالقيود القانونية الواردة في القانون الأساسي، ما يجعل اللقاءات الخاصة والعامة خاضعة للقانون دون استثناء، وبالتالي فأن أي نشاط اجتماعي، ثقافي صحي تعليمي سياسي، يستوجب على أصحاب المناسبات الخاصة ابلاغ الداخلية بذلك.
وأخطر ما جاء في القرار هو تصنيف بعض الجهات في قطاع غزة بـ"الجهات المعادية والموجهة"، دون ان يسميها، فقد اشترط القانون على تلك الجهات "التقدم بطلب الحصول على تصريح لدى وزير الداخلية على ان يتم البت فيه بعد الاطلاع على رأي اللجنة الامنية المشتركة من قبل وزير الداخلية وتكون الجهة المختصة بمتابعة الفعالية العمليات المركزية بإعداد امر تكليف للجهات المختصة او امر عمليات خاص من خلال للجنة العمليات المشتركة".
وزارة الداخلية في غزة لم تحدد او تذكر في قرارها من هي الجهات المعادية الموجودة في قطاع غزة، التي قد تعمل على تنظيم فعاليات او اجتماعات، والتي بحاجة الى قرار من الداخلية، وبالتالي إذا كانت هناك جهات معادية فلماذا لا تعلن عنها الداخلية في غزة وتحددها اسمائها للرأي العام، او لماذا لا تحاربها، وتنتهي منها، وكيف تسمح لها بالبقاء اذا كانت معادية، ام ان القرار بكلماته الفضفاضة يعطي الصلاحية لقوى الأمن الداخلي في القطاع بقمع كل تظاهرة او فعالية او نشاط لا تروق له، سواء لأحزاب سياسية او مؤسسات أهلية او حركات اجتماعية، وبالتالي فأن القطاع برمته وبكافة مكوناته قد يُصنف كـ "جهات معادية" في حالات مختلفة.
ويمس القرار الجديد منظومة الحقوق والحريات التي تتوافق مع المعايير الدولية، وما يكفله القانون الأساسي الفلسطيني (المادة 26/5)، من حق الأفراد والجماعات في تنظيم الاجتماعات الخاصة والعامة والتجمعات في حدود القانون، وأن أي انتهاك أو اعتداء عليها يعرض المنتهك للمساءلة القانونية، وهو ما ينسجم مع ما جاء به قانون رقم 12 لسنة 1998 بشأن الاجتماعات العامة في تعزيز مبادئ الديمقراطية والمشاركة والتعددية السياسية، حيث لم يشترط الحصول على أي أذونات أو تراخيص في حال تنظيم الاجتماع في مكان مغلق.