"أمان" يوصي بتفعيل مساءلة مجلس الوزراء للمؤسسات والهيئات التابعة له
بمشاركة عدد من ممثلي المؤسسات والهيئات العامة غير الوزارية، والمؤسسات الرقابية والحقوقية؛ عقد الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة- أمان جلسة نقاش مسودة تقرير بعنوان: "واقع مساءلة المؤسسات العامة غير الوزارية التابعة لمجلس الوزراء"، والذي يهدف إلى تشخيص واقع مساءلة مسؤولي المؤسسات العامة غير الوزارية من قبل مجلس الوزراء عن أعمال المؤسسات العامة التابعة لمجلس الوزراء، وكفاءة هذه المساءلة في الوقاية من الفساد وكشفه، من أجل الخروج بتوصيات عملية تساهم في تبني تدابير لضمان تعزيز منظومة المساءلة والرقابة الرسمية على قرارات المسؤولين الرئيسيين المتعلقة بالشأن العام، وتبني تدابير داعمة لجهود منع الإفلات من العقاب.
افتتح الجلسة الباحث الرئيسي في ائتلاف أمان جهاد حرب، والذي نوّه الى أن أهمية التقرير تكمن في مساهمته في تقديم توصيات لتعزيز النزاهة السياسية وتفعيل الرقابة الرسمية في نظام الحكم للمسؤولين الرئيسين عن قرارات متعلقة بالشأن العام، مشيرا أن التقرير كشف أن آلية المساءلة لمسؤولي المؤسسات العامة غير الوزارية التابعة لمجلس الوزراء ومراجعة
أعمالها وتقاريرها ما زالت ضعيفة، إضافة الى تبني الحكومة سياسة غير منفتحة، الأمر الذي أضعف المساءلة المجتمعية أيضا.
9 مؤسسات من أصل 36 مؤسسة تلتزم بنشر تقاريرها الرسمية على مواقعها الالكترونية
استعرض الباحث أحمد عليان التقرير، مشيرا الى وجود ستة وثلاثين مؤسسة وهيئة غير وزارية تابعة لمجلس الوزراء، وتتنوع هذه المؤسسات بطبيعة السند القانوني، فمنها ما جاء بقانون، ومنها ما جاء بقرار بقانون أو بمرسوم رئاسي أو بقرار، فيما بعضها برئاسة أحد الوزراء وفقا للاختصاص، وأخرى تابعة لمجلس الوزراء، وواحدة تابعة لرئيس مجلس الوزراء مباشرة. وأشار عليان بدوره إلى تسليم 4 مؤسسات فقط تقريراً عن أعمالها لمجلس الوزراء، فيما لم تسلم 32 مؤسسة تقريراً عن أعمالها لمجلس الوزراء. كما قامت 9 مؤسسات فقط بنشر التقارير الخاصة بها على موقعها الالكتروني، في حين لم تنشر 27 مؤسسة تقاريرها السنوية، ما يدل على ضعف فعالية آليات مجلس الوزراء لمتابعة المؤسسات التي يشرف عليها أو محاسبة المسؤولين المخالفين أو إحالتهم إلى جهات الاختصاص لمحاسبتهم في حال وجود شبهات فساد أو مخالفات إدارية، حيث ما زالت مساءلة مجلس الوزراء للمؤسسات التابعة له محدودة؛ كما أشارت تقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية إلى أن العديد من المؤسسات التي أجرى رقابته عليها لم تنفذ كامل التوصيات المتعلقة بها.
أبرز الاستخلاصات
خلص التقرير إلى عدد من الاستنتاجات من أهمها عدم خضوع تعيين أغلب رؤساء الهيئات العامة لمنافسة شفافة تضمن اعتماد قاعدة تكافؤ الفرص والجدارة والإنصاف، حيث لا يوجد معيار واضح لآلية تعيين المدير التنفيذي/ المدير العام للمؤسسات والهيئات غير الوزارية، فمنها ما يتم التعيين من خلال مجلس الوزراء، ومنها من خلال مجلس الادارة، ومنها ما هو بموجب قرار رئاسي. كما خلت بعض التشريعات من إيراد نصوص قانونية تحدد تبعية هذه المؤسسات لمجلس الوزراء، أو أخرى متعلقة بضرورة العمل بنظام التقارير، حيث لا يوجد معيار قانوني واضح في صياغة التشريعات المنظمة لعمل المؤسسات والهيئات غير الوزارية. كما أن بعض التشريعات نصت صراحة على وجوب تقديم تقارير دورية كل ثلاثة أشهر، وبعض التشريعات اخذت بنظام التقارير السنوية ونصف السنوية.
ضرورة التزام المؤسسات والهيئات التابعة لمجلس الوزراء بتقديم تقاريرها ونشرها
أوصى التقرير عدة توصيات، من أهمها ضرورة التزام المؤسسات والهيئات التابعة للمجلس الوزراء بتقديم تقاريرها الدورية عن سير أعمالها لمجلس الوزراء وفقا للآجال الزمنية الواجبة ونشرها، وإصدار قانون حق الحصول على المعلومات حتى يتمكن الجمهور الفلسطيني ومؤسساته من الاطلاع على أداء هذه المؤسسات وتقاريرها، الأمر الذي يساعد على مشاركة المواطنين في رسم السياسات العامة وتحديد الأولويات الوطنية، كما يساهم في انخراطهم في المساءلة المجتمعية للحكومة والمؤسسات العامة.
إضافة لذلك، أوصى التقرير بتعديل الإطار القانوني الناظم للعديد من المؤسسات والهيئات العامة، بما يلزمها بتسليم التقارير الدورية والسنوية عن أعمالها لمجلس الوزراء ونشرها، كما أوصى بتفعيل مجلس الوزراء لنظم المساءلة من خلال إحالة التقارير المقدمة من
رؤساء الهيئات العامة لذوي الاختصاص بغية مراجعتها، وتقديم الملاحظات والاستفسارات لمسؤولي المؤسسات العامة، وكذلك متابعة تنفيذ المؤسسات التابعة لمجلس الوزراء لتوصيات ديوان الرقابة المالية والإدارية، ناهيك عن تطوير منهجية لإعداد التقارير وتقديمها بشكل دوري كتوفير دليل موّحد يساعد المسؤولين في إعدادها، وعقد جلسات تقييم مشتركة للمؤسسات التي تشارك في خطط وطنية قطاعية لمعالجة ضعف فعالية تنفيذ هذه الخطط.
تعقيبات متعددة
وعقب المهندس حيدر حجة، مدير عام مؤسسة المواصفات والمقاييس، أن هناك نوعان من المؤسسات، واحدة مستقلة أي لها مجلس إدارة مستقل يضمن الحوكمة فيها، وأخرى تتبع بشكل مباشر لمجلس الوزراء، كما أكد حجة أن شروط شغل الوظيفة موجود بالتفصيل في الهيكل التنظيمي وأن العملية مضبوطة بالكامل من خلال بطاقات الوصف الوظيفي لجميع الوظائف، منوها أنها معتمدة من مجلس الوزراء.
أما بخصوص تقديم التقارير، فقد أشار الحجة أن مؤسسة المواصفات والمقاييس تقدم تقريرا ربعيا عن أعمالها لمجلس الادارة، يكون مبنيا على مؤشرات الأداء، إضافة الى تقديم تقرير سنوي حسب القانون يتم اعتماده من مجلس الوزراء ومن ثم يرفع للرئيس.
وأشار رياض الديسي من مجلس تنظيم قطاع المياه، أن دور مجلس الوزراء لا يتلخص فقط في المساءلة والمحاسبة، وإنما متابعة أعمال المؤسسات، ودعم مشاريعها وما تقوم به، والذي يصب في نهاية المطاف بالمصلحة العامة.
فيما أكد أيمن شاهين من ديوان الرقابة المالية والادارية أشار الى أن دور الديوان يكمن في ممارسة اختصاصه الأصيل في التدقيق والرقابة على المؤسسات، بما فيها المؤسسات التابعة لمجلس الوزراء، مشددا أن الديوان يتبنى معاييرا دولية في هذا الخصوص، ويقوم بنشر تقاريره التي يسلمها الى مجلس الوزراء وسيادة الرئيس. إضافة لذلك، يقوم الديوان من خلال وحدات مختصة بمتابعة المؤسسات التي قامت بالأخذ بتوصياته، خاصة في ظل غياب المجلس التشريعي، مشيرا أن هناك تطورا ملحوظا من قبل المؤسسات العامة، راجيا أن يشمل نظام تفعيل المساءلة أوسع نطاق من المؤسسات العامة.
وفي تعقيب لكامل الريماوي، مدير عام الشكاوى في مجلس الوزراء، أشار بدوره أن الشكاوى تقسم الى إحصائية، وأخرى تحليلية، وأخيرة تصويبية، ويجدر تصنيفها لكي يكون توثيقها ومعالجتها ذات قيمة. ووضح الريماوي أنه لا يجوز رفض شكوى أو قبولها الا بموجب النظام، ووفق سياسة منصوص عليها، وذلك يشمل بشكل واضح شكاوى المواطنين على الدوائر الحكومية بشأن الخدمات المقدمة.
وبدوره، أشار السيد بهاء عوض الله من وزارة التعليم العالي أن كل مؤسسة تختلف في هيكليتها عن الأخرى، ولا يجوز التعميم فيما بينها، مثنيا على أهمية الشراكة الحقيقية ابتداء من دورة التخطيط.
ووضح الدكتور عزمي الشعيبي، مستشار مجلس إدارة ائتلاف أمان لشؤون مكافحة الفساد أن الهدف من التقرير هو تفعيل منظومة المساءلة من قبل مجلس الوزراء على المؤسسات باعتبارها جهة الاختصاص والإشراف، وأنه حدير بالاهتمام تسليط الضوء على قضايا مفاهيمية لتعزيز وجودها وتطبيقها كالشفافية والنزاهة، وأن ينص على ذلك بالقانون من أجل تيسير عملية النشر للتقارير المقدمة الى الجهة المشرفة، على أن تكون موضوعية ومهنية ومنتظمة.
وشدد الشعيبي على توصية التقرير الأساسية والتي تعيد الأمور لنصابها بأهمية إجراء الانتخابات العامة "التشريعية والرئاسية"، لتمكين المواطنين من حق اختيار ممثليهم في المؤسسات السياسية، وإعادة التوازن للنظام السياسي بوجود مجلس تشريعي يحظى بالشرعية الشعبية، ليتمكن من القيام بأعماله الرقابية والمساءلة والمحاسبة للمؤسسات العامة.