تقنيات مبتكرة
كيف تقاوم المباني الحديثة تأثير الزلازل المدمرة؟
تتطلب المباني امتثالًا لمجموعة من القواعد والمواصفات التي تهدف إلى ضمان السلامة ومقاومة الظروف المحيطة بها، وفي المناطق الواقعة فوق مناطق زلزالية حول العالم، تصبح هذه المعايير أكثر صرامة وإبداعًا.
ويهدف تطبيق هذه المعايير إلى تجهيز المباني بتقنيات مبتكرة تساهم في تقليل تأثير قوة الزلازل وتقليل الأضرار الناتجة عنها.
كيف يعمل المهندسون على تعزيز المباني المقاومة للزلازل بحيث تكون غير معرضة للارتدادات والهزات؟ وما هي مواصفات هذه المباني؟ وما هي بعض الأمثلة البارزة على المباني العالمية التي تمتثل لمعايير مقاومة الزلازل؟ وما هي الدول الرائدة التي تعتمد على هذا النوع من البنية؟
تتمتع المباني بشكل عام، وتلك التي تكون مصممة لمقاومة الزلازل بشكل خاص، بمجموعة من الخصائص التي تجعلها مناسبة للإقامة والاستخدام.
ويمكن تصنيف هذه الخصائص ضمن ثلاثة محاور رئيسية التي يسعى المهندسون بجدية للتوازن بينها، وذلك بهدف ضمان سلامة البناء وأقصى استفادة منه.
وهذه المحاور هي: الصلابة تتضمن عملية التقوية تعديل وتعزيز مقاومة العناصر الإنشائية بشكل فردي أو مجتمعة، بهدف تحسين أداء المبنى في حالة وقوع زلازل محتملة.
وتشمل عمليات التقوية غالبًا زيادة مقاومة العناصر الفردية، أو تعزيزها، أو إضافة عناصر إنشائية جديدة لتعزيز قدرة المبنى على مقاومة القوى الجانبية بشكل فعّال.
ويعد حديد التسليح من أقوى المواد المستخدمة في مجال البناء، ويُستخدم في تقوية هياكل المباني الخرسانية من خلال استخدام قضبان فولاذية عالية المتانة، والتي تتوفر بأقطار تتراوح بين 6 مليمتر و40 مليمتر وأكثر.
ويستخدم الحديد بسبب مقاومته العالية لقوى الضغط والشد بكفاءة متساوية، وهو واحد من أبرز المواد المستخدمة في البنية التحتية.
وهذه الخصائص تجعله مفيدًا لتحقيق متانة أعلى في الهياكل الخرسانية، حيث يمكن للحديد تحمل أحمال أكبر دون حدوث انهيار غير متوقع.
المرونة
هناك مستويان رئيسيان من المرونة يحاول المهندسين إلى تحقيقهما؛ الأول هو الضروري لتحمل الهزات الزلزالية ذات القوة المنخفضة، وهي الهزات التي يمكن أن تتعرض لها أي مبنى مرات عديدة خلال فترة عمره الافتراضي.
ويسعى مهندسو الإنشاء إلى تجنب أي تلفيات قد تستدعي إصلاحات في المبنى نتيجة لحدوث زلازل ذات قوة منخفضة، وهذا يعني ضرورة تصميم المبنى بدقة بحيث يكون قادرًا على تحمل هذه الزلازل الخفيفة دون تكبد أي أضرار.
وبالنسبة للمستوى الثاني فيتعلق بالقدرة على التحمل، فإنه يكون ضروريًا لمواجهة الزلازل ذات القوة الكبيرة، والتي تحدث بأقل تكرار وفرص مقارنة بالمستوى السابق.
ففي إيران تعرضت مناطق شرق الدولة لهزة أرضية هائلة بقوة 7.5 درجات على مقياس ريختر في السادس عشر من سبتمبر عام 1978، وأسفرت هذه الزلزال عن فقدان حياة 25 ألف شخص، بما في ذلك 15 ألف شخص في مدينة طبس وحدها، حيث تم تدمير المدينة بالكامل.
اللمسات الإبداعية والجمالية
ولا يقتصر جعل المبنى قادرًا على تحمل الزلازل على استخدام وسائل معقدة لامتصاص الطاقة الزلزالية وتقليل قوة الاهتزازات فحسب، بل تتضمن أيضًا أساليب أخرى تتعلق بتصميم المبنى من الداخل والخارج، بالإضافة إلى هيكله وترتيبه العام.
وفي الوضع الأمثل، ينبغي أن يتسم المبنى بالتنظيم والتناسق قدر الإمكان. وعندما يكون ارتفاع الطوابق متساوياً وتتوزع الأعمدة بانتظام كشبكة بمسافات متساوية، يتزايد بذلك قدرة المبنى على تحمل الزلازل بفعالية.
وغالبًا ما يتجنب مصممو ناطحات السحاب ذات الشكل المميز تقديم مثل هذا النوع من التنازلات، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى حدوث اختلافات بين المعايير المطلوبة من قبل المهندسين لضمان قدرة المبنى على مقاومة الزلازل.
برج "سكاي تري" الياباني
ويعتبر برج "سكاي تري" الواقع في طوكيو، ثاني أعلى مبنى في العالم، تم بناؤه وفقًا للطراز المعماري المشهور بالاسم "المستقبلية الجديدة".
ويتجلى في هذا الطراز العناصر المعمارية المستوحاة من تصاميم المعابد اليابانية التقليدية المعروفة باسم "باغودا".
ويتضمن النظام عمودًا مركزيًا متصلًا بصمامات زلزالية، حيث يمكن للعمود والصمامات تجميع الطاقة التي تنشأ نتيجة الزلزال.