دول آسيا والمحيط الهادئ تسجّل مستويات حرارة قياسية خلال الصيف
كشفت دول في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، اليوم الجمعة، عن تسجيل مستويات حرارة قياسية هذا الصيف، ما يتماشى مع بيانات أعلنتها بلدان في مختلف أنحاء العالم هذا العام، في مؤشر إضافي على تأثير التغير المناخي على حرارة الأرض.
وأعلنت الهند، أكبر دول العالم من حيث تعداد السكان، تسجيل أعلى درجات الحرارة ومعدلات الجفاف لشهر آب/أغسطس 2023 منذ بدء تسجيل البيانات الوطنية قبل أكثر من قرن.
وقالت وكالة الأرصاد الجوية الهندية "كانت درجات الحرارة الوسطى والقصوى في آب/أغسطس 2023 في أعلى مستوى قياسي منذ عام 1901"، عازية ذلك بشكل رئيسي إلى "التراجع الكبير في هطول الأمطار وضعف الرياح الموسمية".
ويصادف آب/أغسطس في الهند وسط موسم الأمطار الذي يسجّل سنويا بالعادة 80% من التساقطات السنوية في البلد.
وتسبب الموسم هذه السنة بفيضانات خلّفت قتلى في بعض أنحاء شمال البلاد، لكن الأمطار خلالها كانت عموما أدنى بكثير من العادة، ما ساهم في تسجيل درجات الحرارة القياسية.
وبحسب بيانات الأرصاد الجوية، فإن متوسط التساقطات في أب/أغسطس تراجع إلى 161,7 ملم، أي أقل بـ30,1 ملم من أدنى متوسط سابق سجل عام 2005.
والأمطار الصيفية أساسية للأمن الغذائي حيث يعوّل ملايين المزارعين الهنود على هذا الموسم لضمان ديمومة محاصيلهم.
بدورها، سجلت اليابان بين حزيران/يونيو وآب/أغسطس متوسط درجات حرارة هو الأعلى منذ بدء تسجيل هذه البيانات عام 1898.
وأوضحت وكالة الأرصاد الجوية أنه خلال هذه الفترة "كان متوسط درجات حرارة الصيف في اليابان أعلى بفارق كبير في شمال البلاد وشرقها وغربها".
وأضافت في بيان "بلغ متوسط درجات الحرارة غير الاعتيادية في اليابان استنادا إلى ملاحظات في 15 موقعا مختلفا، +1,76 درجة مئوية وهو ما يتجاوز بكثير متوسط عام 2010 (+1,08 درجة مئوية) التي كانت الأعلى على الإطلاق" منذ بدء تسجيل الإحصاءات في عام 1898.
في العديد من الأماكن في كافة أنحاء البلاد، لم تصل درجات الحرارة القصوى فحسب، بل أيضا درجات الحرارة الدنيا إلى أرقام قياسية، كما هي الحال في مدينة إيتويغاوا بوسط البلاد حيث وصلت درجة الحرارة الدنيا إلى 31,4 درجة مئوية في 10 آب/أغسطس، وهو أعلى مستوى في البلاد وفقا لوكالة الارصاد.
وجاء في البيان "مقارنة بالسنوات التي كان فيها متوسط درجات الحرارة في الصيف مرتفعا بشكل خاص (2010 و2013 و2018 و2022) زاد عدد الأيام شديدة الحرارة بشكل ملحوظ اعتبارا من نهاية تموز/يوليو ليصبح الأعلى منذ عام 2010".
وكانت اليابان سجّلت في تموز/يوليو متوسط درجات حرارة هو الأعلى منذ بدء تدوين هذه البيانات. وانعكس الحرّ على السكان، اذ توفي أكثر من 30 شخصا في الشهر المذكور بسبب ضربات الشمس، وأدخل أكثر من 35 ألفا المستشفى لتلقي الرعاية الطبية، وفق الوكالة اليابانية لإدارة الحوادث والكوارث.
وحذّرت السلطات السكان مرارا خلال الصيف من خطر ضربات الشمس ونصحتهم، وخصوصا كبار السن منهم، بتفادي الخروج خلال النهار والبقاء في أماكن مكيّفة.
وتجاوز 30 في المئة من سكان اليابان عتبة الخامسة والستين من العمر. وعلى مدى الأعوام الخمسة الماضية، كان المسنّون أكثر من 80% من ضحايا الوفيات الناتجة عن ضربات الشمس.
ولا يقتصر ارتفاع الحرارة على الصيف.
فقد أفاد مكتب الأرصاد الجوية الأسترالي، الجمعة، بأن فصل الشتاء الذي انتهى الخميس، كان الأكثر دفئا تعرفه البلاد على الإطلاق.
وقال سايمون غرينغر، خبير المناخ في الوكالة، لفرانس برس إن متوسط درجة الحرارة في جميع أنحاء البلاد بلغ 16,75 درجة مئوية من حزيران/يونيو إلى آب/أغسطس، وهو أعلى بقليل من الدرجة القياسية السابقة المسجلة في عام 1996، والبالغة 16,68 درجة.
وتعود سجلات الطقس الأسترالية إلى عام 1910.
وشهد فصل الشتاء لعام 2023، ثاني أعلى درجات حرارة قصوى مسجلة وبعضًا من أعلى درجات الحرارة الدنيا أيضا، بحسب مكتب الأرصاد.
حذّر خبراء استراليون مرارا من أن تغير المناخ يزيد من مخاطر الكوارث الطبيعية مثل حرائق الغابات والفيضانات والأعاصير. وبعد أعوام عدة ممطرة، يتوقع خبراء أن يشهد الصيف المقبل حرائق غابات هي الأكثر كثافة منذ 2019-2020.
وتأتي المستويات القياسية لدرجات الحرارة في آسيا والمحيط الهادئ في وقت يقترب الإعصار الكبير ساولا من جنوب الصين، مع رياح تعتبر الأقوى في المنطقة، مما أرغم سكان مدينتي هونغ كونغ وشنتشن على الاحتماء.
وشهدت مختلف دول العالم هذا العام، نسقا قياسيا في حرارة الصيف.
والأسبوع الماضي، أفاد مرصد كوبرنيكوس الأوروبي أن شهر تموز/يوليو كان الأكثر حرا على الإطلاق. كما توقعت وكالة الفضاء الأميركية ("ناسا") وكوبرنيكوس أن يصبح تموز/يوليو عام 2023 على الأرجح الأكثر سخونة في العالم منذ "مئات، إن لم يكن آلاف السنين".
ويقول علماء إن الاحترار العالمي الناجم عن أنشطة بشرية يفاقم الكوارث الطبيعية ويزيد من تواترها وفتكها.
والشهر الماضي، حذّر جون نيرن، كبير مستشاري الحرّ الشديد في المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، من أن موجات الحر "ستصبح أكثر شدة وأكثر تواتراً".
وأشار الى أنها "نتيجة احترار المناخ الذي يظهر أسرع في أنظمة الطقس".