في لقاء الطاولة المستديرة الرابع لعام 2023:
"ماس" يناقش سبل الحد من تضخم نفقات الموازنة العامة
عقد معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) لقاء طاولة مستديرة بعنوان "تخفيض النفقات الحكومية: ما هي السياسات المتاحة امام الحكومة" بمشاركة مجموعة من المختصين وذوي الخبرة والمهتمين، وجاهياً في مقر المعهد وعبر تقنية الزووم.
أعد الورقة الخلفية الباحث في المعهد مسيف جميل، وقدم كل من سمير حليليه الخبير الاقتصادي، والدكتور طارق عاشور من جامعة بيرزيت مداخلاتهم وتعقيباتهم على ورقة النقاش.
افتتح الجلسة مدير البحوث في المعهد مؤكدا على أهمية الموضوع وذكر أن هذه الورقة تأتي أيضا في إطار اهتمام المعهد بمتابعة القضايا الاقتصادية والاجتماعية المستجدة، حيث يعقد المعهد لقاءات الطاولة المستديرة الدورية لمناقشة هذه المواضيع باعتبارها أحد الأدوات لاقتراح توصيات سياساتية تفيد في عملية صنع القرار بما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد والمواطن الفلسطيني، كما قدم شكره لمؤسسة هينرش بل - مكتب فلسطين والأردن على دعمهم هذا اللقاء.
ورقة ماس الخلفية
في إطار عرضه للورقة، بين مسيف أن هذه الجلسة تناقش جانب النفقات بالتحديد والمشاكل المزمنة التي تواجه الموازنة العامة الفلسطينية، والتي تتمثل في ثلاث تحديات أساسية وهي معضلة تضخم فاتورة الرواتب، وفاتورة صافي الاقراض، وفاتورة وزارة الصحة الفلسطينية وبخاصة التحويلات الى المستشفيات الاسرائيلية.
وفي هذا السياق اعتبر مسيف ان التحديات المزمنة التي يشكل الاحتلال الجزء الاكبر منه سبب رئيسي في تفاقم تضخم النفقات بسبب عدم قدرة الايرادات على تغطيتها. ومن أبرز هذه التحديات ضعف الاستدامة المالية، والاقتطاع من اموال المقاصة، وبالتالي تكون النتيجة أن النفقات الفعلية تتجاوز النفقات المخطط لها الأمر الذي يزيد من وتيرة الدين العام والمتأخرات وتوسيع الفجوة المالية للموازنة. هذا بالإضافة الى تراجع الدعم الخارجي للموازنة بشكل كبير جدا، وهذا الدعم عادة ما يمول النفقات التطويرية والاجتماعية، لذلك كان هناك نقص كبير في تمويل الجوانب الاجتماعية وضعف تمويل المشاريع التطويرية.
كما تطرق مسيف الى الحلول والسياسات العملية التي تحد من تفاقم النفقات مركزا على ضرورة الالتزام بالإصلاح المالي التي تبناها خطاب الموازنة في كافة مراحله، مع ضرورة معالجة صافي الاقراض بطرق حديثة ومبتكرة من خلال تأسيس وحدة متخصصة لمتابعة هذا الملف بالاشتراك بين وزارة المالية ووزارة الحكم المحلي. وفيما يخص النفقات الصحية وتحويلاتها دعت الورقة الى ضرورة اعادة هيكلة النظام الصحي والإدارة الصحية من خلال التوجه نحو التامين الالزامي، او رفع رسوم الصحة للفئات المقتدرة حتى يتم تعزيز ايرادات وزارة الصحة لتقوية قدرتها على تقديم خدمات أفضل.
بدوره أشار سمير حليلة في بداية مداخلته الى حصة النفقات الحكومية من الناتج المحلي الإجمالي، وأشار الى ارتفاعها عند مقارنتها مع الدول المجاورة، وأشار الى تدني حصة الانفاق على القطاعات الهامة كالتعليم من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة مع الدول الأخرى، كما أشار الى حصة الفرد في فلسطين وتدنيها مقارنة مع الدول الأخرى. هذه الأرقام لا تعطي صورة واضحة عن واقع القطاع العام في فلسطين، لذلك أوصى حليلة بضرورة اجراء دراسة شاملة تشخص واقع القطاع العام المحلي وتعمل إجراءات مقارنة مع دول أخرى في أبرز مؤشرات المالية العامة. بعدها، تطرق السيد سمير حليلة الى ان المشكلة في جانب النفقات أكبر من جانب الإيرادات، خاصة البنود التي يتخطى بها الصرف الحد المسموح في الموازنة. وفي ضوء ذلك أوصى السيد حليلة الى ضرورة وجود خطة حكومية إصلاحية شاملة، وهذا بدوره يتطلب وجود قناعة حقيقة لدى الحكومة بضرورة عمل هذا الإصلاح واتخاذ خطوات فعلية تجاهه، كما ان هذا الإصلاح يتطلب من الحكمة العمل على تعزيز شراكاتها مع المجتمع المحلي والقطاع الخاص.
فيما أكد الدكتور طارق عاشور على ضرورة التزام الحكومة بالخطوات الإصلاحية المرتبطة بترشيد النفقات، واستشهد في مداخلته على أهمية الموضوع باستعراض لتحليل اجراء لأبرز بنود النفقات في الموازنة، والذي يظهر ان هناك عدة بنود في النفقات عليها علامات استفهام حول قيم الصرف المخصصة لديها على نحو يناقض بشكل كبير خطط الإصلاح الذي ترمي اليه الحكومة، من جانب اخر، شدد الدكتور عاشور على أهمية صافي الإقراض عند البلديات، واهميته في استدامتها وصمودها امام التحديات المالية التي تواجهها، خاصة في عدم التزام الحكومة بالتزاماتها المالية تجاهها. كما اقترح الدكتور عاشور مجموعة من المقترحات لتخفيض النفقات، خاصة في قطاعي الصحة والتعليم، تمحورت بشكل أساسي على ان يلعب القطاع الخاص دورا أكبر في هذه القطاعات. كما ركز على ضرورة اصلاح النظام الضريبي المعمول به، وإعادة النظر في الضرائب المفروضة على الشركات، ومعالجة مشكلة التهرب الضريبي. وأكد في نهاية مداخلته ان الاستثمار في المشاريع الاستراتيجية كمشاريع الطاقة، المياه، الكهرباء. سيعمل على تقليص فاتورة النفقات المرتبطة بهذه البنود.
وأكد الحضور على أهمية وضرورة تخفيض النفقات الحكومية، وقد اثارت النسب التي قارنت حصة النفقات في فلسطين من الناتج المحلي مع دول أخرى تساؤلات لدى الحضور، هل المشكلة الحالية مرتبطة بعوامل خارجية كالاحتلال ام بسوء إدارة النفقات وتوزيعها. أي ان أوجه صرف النفقات لا تذهب الى القطاعات المحورية والهامة لعملية التنمية.