المساعدات المالية أصبحت هامشية
غانم: الحكومة تعمل منذ أربع سنوات في ظل ظروف صعبة
عقدت الأمانة العامة لمجلس الوزراء اليوم الأحد، ورشة عمل بعنوان: "آفاق التعاون مع منظمات المجتمع المدني"، التي تهدف إلى تعزيز الشراكة وتشجيع الأنشطة المشتركة وتبادل المعرفة في مختلف المجالات، وتقوية الدور التكاملي في خدمة المواطنين.
ونُظمت الورشة بمدينة رام الله، بحضور، وزير الداخلية اللواء زياد هب الريح، ووزير العدل محمد الشلالدة، وأمين عام مجلس الوزراء أمجد غانم، وممثل منظمات المجتمع المدني عصام العاروري، وممثل الشرطة الأوروبية جيوفاني جالزيغناتو، وعدد من ممثلي مؤسسات المجتمع المدني والأهلي.
قال اللواء هب الريح: "وزارة الداخلية تسعى من خلال فلسفتها ورؤيتها وإستراتيجيتها، وخططها، وبرامجها، إلى تكريس مبادئ اعتبار المواطن العنصر الأساسي، ويجب الحفاظ عليه وعلى حقوقه في المجالات كافة".
وأضاف: "بعد حصول فلسطين على عضوية مراقب بالأمم المتحدة عام 2012، وما تلا ذلك من انضمام إلى الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان عام 2014، فإن الداخلية سعت إلى تطوير عملها بما ينسجم مع هذه الاتفاقيات من التزامات على دولة فلسطين، سواء من ناحية كتابة التقارير أو المساهمة في كتابتها، أو العمل على تعديل القائم منها بما يتفق مع مبادئ حقوق الإنسان الواردة في هذه الاتفاقيات، أو تقديم مشاريع قوانين حديثة لسد الثغرات التشريعية في القوانين النافذة، أو تطوير المؤسسات والإدارات في الوزارة وقوى الأمن، لخدمة هذا الهدف أو استحداث مؤسسات".
وأشار هب الريح إلى أن فلسطين بحاجة إلى وجود المؤسسات من أجل استكمال العمل الرقابي على المؤسسات التنفيذية، بما يضمن الجودة التنفيذية أو تقليص الانتهاكات إن وقعت.
ولفت إلى أن الداخلية طورت مجموعة من الوسائل من أجل تنظيم العلاقة مع مؤسسات المجتمع المدني، وعقدت عدة مشاورات حول الإجراءات الوطنية لمناهضة التعذيب، كما عقدت نقاشات أخرى أكثر من مرة من أجل اتخاذ بعض القرارات الخاصة، فيما تعقد الوزارة مع المجتمع المدني مناقشات في عدة موضوعات أخرى في حال استدعى الأمر ذلك، للوصول إلى الأهداف المشتركة في نزاهة الحكم والاحترام، واحترام قوى الأمن للحقوق والحريات التي كفلها القانون.
بدوره، قال الشلالدة: "هذه الورشة تمثل رسالة بأن الحكومة جادة في إيجاد آفاق التعاون مع المجتمع المدني، رغم أن التعاون موجود وما زال مستمراً، فيما أن دور الحكومة يأتي في دعم مؤسسات المجتمع الدني وتطويرها، لما فيه من مصلحة وخدمة للمواطن".
وأشار إلى أن منظمات المجتمع المدني تشكل مكوناً رئيساً في النظام السياسي الفلسطيني، وإحدى الدعامات الرئيسة لضمان الحقوق والحريات المعترف بها من خلال تكوين رأي عام نشط، ينشط في المجتمع المدني كلما توافر المناخ الديمقراطي ببعديه السياسي والاجتماعي الذي يشجع المشاركة المجتمعية من خلال حرية الرأي.
وأكد أن مؤسسات المجتمع المدني شريك أساسي في الحياة السياسية الشعبية، من خلال مشاركتها في إبداء الملاحظات في مشاريع القوانين التي تُطرح، والمشاركة في اللجان لما فيه من مصلحة للمواطن، فيما تأتي أهمية مشاركة المجتمع المدني في ممارسة الديمقراطية، وتأكيد سيادة القانون، كما أن المجتمع المدني ليس حارسا أو رقيبا على السلطة التنفيذية بل يتبادل التشارك معها جنباً إلى جنب.
وأردف الشلالدة: "نأمل من المؤسسات الرسمية والمجتمع المدني تعزيز الشراكة في مجالات حقوق الإنسان، ومؤخرا أنشأت وزارة العدل العيادة القانونية التي تساهم في ترسيخ سيادة القانون، من خلال إعداد التشريعات بما يتفق مع المعاهدات الدولية ومواءمتها معها".
ولفت إلى أن العيادة القانونية لحقوق الإنسان تجربة فريدة من نوعها، وهدفها أولا نشر ثقافة حقوق الانسان لدى المجتمع الدولي وتعزيزها، فيما ستسعى خلال السنوات الثلاث الأولى إلى تعزيز الحماية القانونية للمرأة والأطفال، وأيضا تمكين المرأة بتمثيلها لوصولها إلى العدالة والإنصاف في القضاء الفلسطيني.
من جانبه، قال غانم: "الشراكة مع المجتمع والقطاع الخاص هي أحد مكونات مناعة المجتمع، وهذه الشراكة هي أحد مكونات برامج الإصلاح الحكومي، الذي يركز في مضمونه على قضايا جوهرية ذات أولية لخدمة المواطن، ولترقى بالخدمة الحكومية، كما أن هذه الشراكة تقوم على خلق بيئة عمل متوازنة تسعى إلى تحقيق أهداف تنموية واقتصادية".
وأضاف: "تحقيق التنمية المستدامة لا يتحقق إلا عبر توفير فرص حقيقية في القطاع العام، والخاص، والمجتمع المدني على حد سواء، ونعتقد أن هذا هو الأساس للحكم الرشيد الذي نسعى إلى تعزيز استدامته، والمفاصل الثلاثة للمجتمع: الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، وعندما تتكامل مع بعضها البعض تشكل مناعة حقيقية لمواجهة الاحتلال وللبقاء والصمود في وطننا".
وتابع غانم: "الحكومة تعمل منذ أربع سنوات في ظل ظروف صعبة ما زال يفرضها الاحتلال، ربما هي الأصعب سياسيا وأمنيا وماليا، وما نتج عنه على الحكومة والمجتمع الفلسطيني، فنحن نواجه تحديات جسيمة منها العجز المالي الذي نتج عن قرصنة الاحتلال لأموالنا التي تزيد شهرياً عن 250 مليون شيقل، فيما أن المساعدات المالية أصبحت هامشية في دعم الخزينة العامة، هذا لا يشمل المساعدات الدولية للمشاريع التنموية والتطوير بما فيها المقدمة لمؤسسات المجتمع المدني المقدرة بنحو 350 مليون دولار سنوياً، ورغم ذلك فإن إجراء الاحتلال جاءت ردا على تمسكنا بوابتنا الوطنية وعلى رأسها قضية الأسرى، وأسر الشهداء".
وأكد، أن الحكومة ستواصل العمل بما يتوفر لها من إمكانيات وأدوات للمحافظة على أفضل مستوى ممكن من الأداء لتشغيل المؤسسات والدوائر الحكومية، وتقديم أفضل الخدمات للمواطنين.
وأردف غانم: "بذلنا جهودا كبيرة في التشريعات واصدرنا قانون الشركات، والاتصالات، وقانون إدارة أملاك الدولة، وقانون الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، وقانون الخدمات الإلكترونية الحكومية، وقانون الهيئة العامة للبترول، وقانون المحافظة على أراضي الدولة وأملاكها واستثمارها، وهذه القوانين يجري تطبيقها من أجل تحسين بيئة العمل وزيادة مستوى الكفاءة والفعالية وتعزيز الشراكة بين كافة حلقات المجتمع الفلسطيني كافة".
وقال غانم: "هناك العديد من الإصلاحات في جميع الجوانب الاجتماعية مثل قرار بقانون تحديد سن الزواج، وحق الأم في إدارة شؤون أبنائها، ورفع وتطبيق الحد الأدنى للأجور من 1450 إلى 1880 في القطاع العام والخاص، وللعناية بالشباب، ولتعزيز فرص العمل بعد التخرج تم إنشاء جامعة نابلس للتدريب المهني والتقني لتعزيز الفرص وإيجاد فرص عمل".
وأكد، أن مجلس الوزراء ركز على تعزيز مشاركة المجتمع المدني في مناقشة القضايا الوطنية منها اللجنة الدائمة لمواءمة التشريعات في فلسطين مع المعاهدات والمواثيق الدولية، وكذلك الفعاليات الدولية كمؤتمر الأطراف السابع والعشرين لاتفاقية تغير المناخ، وتفعيل مشاركتها في منظومة الحماية الاجتماعية والتمكين الاقتصادي للأسر الفقيرة، ومشاركة القطاع الخاص في الزيارات الحكومية إلى العديد من الدول العربية والأجنبية.
بدوره، قال العاروري: إن التعاون ما بين مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الحكومي ليس مجرد خيار ولا نوعا من الترف، بل ضرورة حياتية وكفاحية، وجميع البرامج يجب أن تصب في النضال من نير الاحتلال، ويعتبر ذلك معيارا أساسيا لمدى نجاعة هذه البرامج.
وأشار إلى أن، التعاون والتنسيق لا يعنيان ولا يجب أن يُفهم أن معناهما التطابق أو المجاملة، أو عدم الانتقاد، ففي الخلافات ليست كل الأساليب مبررة أو مشروعة.
من ناحيته، قال جالزيغناتو، "هناك أهمية لضمان منظمات المجتمع المدني تعزيز الخدمات التي تقدمها الحكومة للمواطنين بشكل شفاف، كما أنه في السنوات الأخيرة شهدنا جهوداً هائلة من الحكومة لشمول مؤسسات المجتمع المدني في ضمان التعاون الشفاف، والذي ستستمر بعثة الاتحاد الأوروبي في دعمه".
وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي يؤمن بأن زيادة الشفافية ستؤدي إلى حماية جميع أفراد المجتمع بمن فيهم، الأطفال والنساء والمجموعات الضعيفة، مشددا على ضرورة استمرار التحسين في المجتمع الذي يشهد شراكة حقيقية بين الحكومة والمجتمع المدني لصالح الحكومة.
وأكد، أن الاتحاد الأوروبي يسعى دائماً إلى مساندة نظام الشكاوى ودعمه، لتوفير نظام الحماية لحقوق الإنسان الذي يجب أن يتمتع به المواطنون بشكل كامل.