مقترح قيد الدراسة
"تأمين موحد".. هل يشهد قطاع التأمين تغييرات جذرية؟
منذ عدة سنوات تناقش في أروقة اللاعبين بقطاع التأمين الاستئناس بفكرة "التأمين الموحد" المطبقة في عدة دول أخرى بينها الأردن الشقيق. وتقوم الفكرة التي أثارت حفيظة وكلاء التأمين وتؤكد هيئة سوق رأس المال أنها ما زالت في طور النقاشات وتبادل الأفكار على أن يقوم المؤمن بدفع رسوم التأمين تزامنا مع ترخيص المركبة على أن يتم الفصل بين التأمين الإلزامي وتأمين الطرف الثالث من جهة، وبين التأمين الشامل من جهة ثانية، بحيث يدفع المؤمن له رسوما موحدة يتم تحديدها بخصوص "الإلزامي" والطرف الثالث في مكتب حكومي على أن يحدد المكتب للمركبة المؤمنة شركة التأمين بطريقة تضمن حصص الشركات ضمن اتفاق مسبق على تقاسم الأقساط التأمينية بينها، على أن يختار المؤمن الشركة التي يريدها فيما يتعلق بالتأمين الشامل.
وكلاء تأمين يبدون مخاوف
وأبدى وكلاء تأمين خشيتهم من أن تتحول هذه الأفكار إلى قرارات وواقع على الأرض، مشيرين إلى أنه في حال تطبيقها ستوجه ضربة قاصمة للوكلاء الذين يحصلون على حصص من القسط التأميني باتفاق مع الشركات نفسها، مدعين أن القرار سيلحق أضرارا كذلك بالمواطنين كونه سيحرمهم من اختيار الشركة التي يتعاملون معها، بالإضافة إلى حرمانهم من إمكانية تقسيط الرسوم كما يحصل حاليا لأن الدفع سيكون نقدا تماما كرسوم الترخيص، مع عدم استبعاد أن تكون قيمة القسط التأميني أعلى مما هي عليه اليوم.
يقول المهندس غسان الياموني رئيس نقابة وكلاء التأمين لصحيفة الحياة الاقتصادية، إن فكرة التأمين الموحد غير واردة في الوقت الراهن نظرا لظروف موضوعية لكنها قد تنضج في حالة الاتفاق بين مدراء شركات التأمين.
ويضيف أن أية أفكار جديدة بخصوص تنظيم وضبط سوق التأمين يجب أن تأخذ بعين الاعتبار مصالح كافة اللاعبين في قطاع التأمين ومن بينهم وكلاء التأمين الذين يصل عددهم والموظفين الذين يعملون معهم إلى قرابة 1500 موظف، وبالتالي لا يمكن التنكر لهذا القطاع الواسع في اي اتفاق لتنظيم السوق.
وأشار إلى أن الاتفاق على الحصص بين الشركات يظل عائقا أمام تطبيق أفكار جديدة، كون حصص الشركات متفاوتة، مشيرا إلى أنه جرى تطبيق أفكار سابقة بهذا الخصوص ثبت فشلها، مبينا أن الأفكار التي يجري تداولها في حال نضوجها تلقى تخوفات بشأن إلغاء المنافسة بين الشركات من ناحية، وكذلك بخصوص مخاطر استمرار قطاع الوكلاء من العمل من جهة ثانية، بالإضافة إلى أنه في حالة تطبيق المحاصصة فإن الضرر لن يلحق بالوكلاء فقط بل سيلحق بموظفي شركات التأمين الذين قد يواجهون خطر التسريح نتيجة الحصول على حصة محددة.
وبالمحصلة، يعتقد الياموني أن استنساخ أفكار من دول شقيقة وتطبيقها على الحالة الفلسطينية ليس واقعيا، كون الدول الشقيقة لديها ظروفها وهي دول مستقلة ولديها حدود مفتوحة، وفكرة التأمين الموحد وفرت لغرض توفير التأمين لمن ينتقلون بين الدول ولا يهمهم مع اي مكتب يؤمنون خلافا للوضع الفلسطيني الذي يفضل فيه المواطن اختيار شركة التأمين التي يريدها، منوها إلى أنه يمكن تنظيم وضبط السوق من خلال إجراءات يتم الاتفاق عليها لا ايجاد حلول على حساب قطاع واسع ممثلا بالوكلاء وموظفيه خاصة إذا كان الحديث يدور حول ايقاف العمل بالعمولات أو تخفيضها بشكل كبير.
هيئة سوق رأس المال: حريصون على حماية حقوق المؤمن لهم
وردت هيئة سوق رأس المال على هذه المخاوف، إذ أكد أيمن صباح مدير عام الإدارة العامة للتأمين في الهيئة أن الهيئة تولي اهتماما بالغا لضبط سوق التأمين، وحماية حقوق المتعاملين فيها وخاصة حملة وثائق التأمين.
وأشار إلى أن هناك جهودا حثيثة تبذلها الهيئة في هذا السياق وأهمها إنجاز وتقديم مسودة قانون التأمين الجديد لمجلس الوزراء، والبحث في أفكار ما زالت طور النقاش والدراسة مثل نظام التأمين الموحد او المجمعة التأمينية وهي أفكار ليست بجديدة يجري تداولها مع اتحاد شركات التأمين منذ فترة طويلة.
ونوه إلى أن الهيئة حريصة على تحقيق أمرين في أية توجهات جديدة بهذا الخصوص، الأول ضمان ضبط السوق بما يسهم في توزيع الخدمات التأمينية وجودتها، والثاني ضمان حق المستهلك أي المؤمن له سواء من حيث حرية اختيار الشركة التي يريد أن يؤمن فيها أو من حيث الحصول على أسعار عادلة.
ونوه الصباح إلى أن هذه الأفكار في حالة تطبيقها ستوجه المنافسة بين الشركات نحو خدمات تأمينية متنوعة وعدم حصرها على تأمين المركبات الذي يشكل أكثر من 60% من الأقساط التأمينية.
وحول أقساط التأمين، أكد الصباح ضرورة أن يوفر أي نظام او آلية جديدة ميزة نفاذ المواطن إلى استخدام الخدمات المالية التي تمكنه من تقسيط ثمن وثيقة التأمين بالشكل الذي يراه مناسبا من خلال جهات التمويل المختلفة بما يمكن شركات التأمين من الحصول على ثمن وثيقة التامين وبما يوفر السيولة لدى شركات التأمين وقدرتها على تسديد التعويضات التي تستحق عليها دون تأخير.
وأشار الصباح إلى أن الأفكار المقترحة تتضمن كذلك إعادة تحديد القسط التأميني بناء على المخاطر كمعايير عادلة ومهنية لا تشمل فقط قوة المحرك واستخدام المركبة فحسب، وإنما تشمل كذلك مجموعة كبيرة من عوامل الخطر المتعلقة بالمستخدم وخط سيره المعتاد وسجله المروري، فالمؤمن له الذي يتسبب بأضرار وحوادث للغير ستزيد قيمة قسطه، بينما تقل على المؤمن له الذي لا يرتكب حوادث، قائلا إنه من العدالة أن يكون هناك تمايز في قيمة قسط التأمين على أساس المخاطر وليس توحيد القسط كقيمة موحدة للجميع.
وفيما إذا كانت هيئة سوق رأس المال ستشرك قطاعات مجتمعية أخرى في تلك النقاشات والأفكار قبل اقرارها خاصة تلك التي تمثل حقوق المواطن قال الصباح "نحن من نمثل المواطن، وسنكون حريصين على اشراك كافة الهيئات التي تعنى بحقوق المستهلك بما يضمن عدم اتخاذ اية اجراءات جديدة دون ضمان حقوق المواطنين، وما سيتم اقراره لن يكون بالضرورة استنساخا عن تجارب الدول الأخرى بل سيتم الاستئناس بها وتطبيق ما يلائم الحالة الفلسطينية".
اتحاد شركات التأمين: ليس هناك اتفاق بهذا الخصوص
من جهته، أكد محمد الريماوي رئيس مجلس إدارة الاتحاد الفلسطيني لشركات التأمين في حديث مع صحيفة "الحياة الاقتصادية"، أن ما يجري هو مجرد "تسريبات" حول أفكار ونقاشات لم تنضج بعد، مشيرا إلى أنه من المبكر الحديث عن تلك التوجهات. وحول ما إذا كانت الأفكار تدور حول فكرة التأمين الموحد على غرار ما هو مطبق في الأردن الشقيق قال الريماوي" ليس بالضرورة، وهناك خيارات أخرى".
أرقام حول قطاع التأمين
يذكر أنه يعمل في فلسطين (10) شركات تأمين لديها (174) فرعا في مختلف المحافظات، توظف (1527) موظفا، بينما يبلغ عدد وكلاء التأمين ومنتجي الخدمات التأمينية حسب إحصائيات صادرة عن هيئة سوق رأس المال (263) وكيلا ومنتجا، وعدد وسطاء التأمين (20) وسيطا، بالإضافة إلى وسيط واحد فقط لإعادة التأمين.
وحسب مطلعين على قطاع التأمين فإن عدد منتجي ومقدمي الخدمات التأمينية يفوق الأعداد الرسمية بكثير كون الأرقام الرسمية تتضمن فقط عدد الحاصلين على تراخيص من هيئة سوق رأس المال الجهة الرسمية المشرفة على القطاع، بينما تعمل في السوق أعداد مضاعفة خارج الإطار الرسمي.
وحسب بيانات الشركات المجمعة عن العام 2022، فقد حققت شركات التأمين أرباحا صافية قدرها 21.7 مليون دولار منها 18.4 مليون دولار أي أن نسبة 81% من أرباحها متأتية من تأمين المركبات.
في حين بلغت قيمة التعويضات المتكبدة خلال العام الماضي 227.8 مليون دولار، بينما بلغ
صافي التعويضات المتكبدة في تأمين المركبات 167 مليون دولار أي أن بنسبة 73% من حجم إجمالي حجم التعويضات.
وبلغت الأقساط التأمينية الخاصة بتأمين المركبات في العام نفسه (274) مليون دولار من أصل (396) مليون دولار إجمالي الأقساط التأمينية من كافة أعمال التأمين أي أن أقساط تأمين المركبات شكلت ما نسبته 69% من إجمالي أقساط التأمين.