حكم صلاة الجمعة يوم العيد 1444 عيد الفطر 2023
نشر مفتي محافظة خان يونس الشيخ إحسان إبراهيم عاشور، حول موضوع حكم صلاة الجمعة إذا وافقت أول أيام العيد، حيث من المتوقع أن يحدث هذا الأمر خلال العام الجاري 1444 هجري 2023 ميلادي.
حكم صلاة الجمعة يوم العيد، موضح لكم بالتفصيل في سياق السطور التالية، حيث يحرص العلماء والأئمة على تزويد المواطنين بالمعلومات الصحيحة بشأن القضايا التي تهمهم خصوصا المسائل الدينية السنوية.
حكم صلاة العيد يوم الجمعة
القَولُ الْمُفيد في حُكمِ صَلاةِ الجُمُعةِ إذا وَافَقَتْ يَومَ العِيد
السؤال : إذا اجتمع عِيدٌ وجُمُـعَـةٌ في يومٍ واحـدٍ، فـهل يجـوزُ التـَّرَخُّصُ بِتـَركِ الجُـمُـعـةِ لِمَنْ صَـلَّى العـيد ؟
الجـواب : الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :
أولاً : اختلف العلماء في هذه الْمسألة إلى ثلاثة أقوال:
1 ـ قال الـحنابلة: إذا اجتمعت الْجمُعةُ والعيدُ في يومٍ واحدٍ سَقَطَتِ الْجُمُعةُ عَمَّنْ صلَّىٰ العيد، إلا الإمام فلا تسقطُ عنه الْجمعة، إلا أنْ لا يَجتمعَ لَهُ العَددُ الْمطلوبُ لانعقادها، وهو عندهم 12 رجلاً.
2 ـ وقال الشافعية: إنَّ سقوطَ صلاةِ الْجُمعةِ عَمَّن صلَّىٰ العيدَ رُخصة ٌ لأهل البوادي والقرىٰ النائية، الذين يأتون إلى الْمُدُنِ والأمصار لِصلاةِ العـيدِ والْجمعة مع الإمام؛ لأنَّ إلزامَهم بالرجوع إلى البلد لأداء صلاة الْجمعة، بعد عودَتِهم من صلاة العيد، يَجـلب لهم مشقةً كبيرة .
3 ـ وقال الْحنفية والْمالكية: لا تسقطُ الْجُمُعةُ عَمَّنْ صلَّىٰ العيد؛ لأن الْمكَلَّفَ مُخاطَبٌ بهما جميعاً.
والقولُ بالترخُّص بترك صلاة الْجُمُعَة لِمَن صلَّىٰ العيد مَروِيٌ عن جَمعٍ من الصحابة؛ منهم أبو هريـرة، وابنُ عـباس، وابنُ الزبيـر، وزيدُ بن أرقـم رضي الله عنهم، وهو ما ذهـب إليه الشعبي والنخعي والأوزاعي وعطاء وغـيرهم من علماء الأمصار رحمهم الله، وهذا ما أميلُ إلى ترجيحه، والقولِ بهِ؛ لصِحَّةِ أدلته، وتـَخصيصِها لعموم أدلة وجوبِ صلاةِ الْجُمُعَة، ومن ذلك :
( أ ) سألَ مُعاويةُ بن أبي سفيان زيدَ بنَ أرقم رضي الله عنهما فقال: " هل شَهِدتَ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عِيدَينِ اجتمعا في يومٍ؟ قال: نعم، قال: فكيف صَنَعَ؟ قال: صلَّىٰ العيد، ثم رخَّصَ في الجمعة، فقال: مَنْ شَاءَ أن يُصَلِّيَ فَلْيُصَلِّ "، أخرجه أبو داود وابن ماجة، وصححه ابن خزيمة وابن المديني والألباني .
( ب ) وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: اجتمع عيدان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصَلَّىٰ بالناس، ثـم قال: ( مَنْ شاءَ أن يأتِيَ الجمعةَ فَلْيَأتِها، ومَن شاء أن يتخَلَّفَ فَلْيتَخَلَّفْ ) أخرجه أبو داود وابن ماجة ، وصححه الألباني .
( ج ) وعن عطاء رضي الله عنه قال: ( صَلَّىٰ بِنَا ابنُ الزُّبَير في يومِ عـيدٍ، في يومِ جمعة أوَّلَ النهار، ثمّ رُحنا إلى الجمعة، فَـلَمْ يخرج إلينا، فَصَلَّينا وُحْدَاناً، وكان ابن عباس بالطائف، فلمَّا قَدِمَ، ذكرنا ذلك له، فقال: أصَابَ السُّنَّةَ ) أخرجه أبو داود، وصححه الألباني .
( د ) إنَّ إيـجاب صلاة الْجمعة مع انشغال الناس بالعيد وصلة الأرحام، ونَحو ذلك يوقِعُ في الْحرج، ويَجلِبُ الْمشقة، وهُما مرفوعان عن الأمة بقوله تعالى: (.. ومَا جَعَلَ عَلَيكُمْ في الدِّيْنِ مِنْ حَرَجٍ ..) الْحج 78.
ثانياً : يَجب على الإمام أن يُقيمَ الْجُمُعة؛ ليشهَدَها مَن لَمْ يَشهَدِ العـيدَ؛ لِمَا روى أبو هريرة رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( قد اجتمع في يومِكُم هذا عِيدَان، فمَنْ شَاءَ أجزَأَهُ من الجُمُعة، وإنَّا مُجَمِّعون ) أخرجه أبو داود وابن ماجة وصححه الألباني؛ فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه ينوي أداءَها، وعدمَ تركِها؛ لأنه لو تركها الإمامُ لامتنع فِعلُ الْجُمُعة في حقِّ من لَمْ يُصَلِّ العيد، مِمَّنْ وجبت عليهم الْجُمُعة، وفي حقِّ مَن رَغِبَ في الفوز بأجرِها مِمَّنْ صلَّىٰ العيدَ.
وعليه؛ فإنه يَجِبُ على كُلِّ خَطيبٍ أنْ يذهَبَ إلى مَسجِدِهِ، وأنْ يُقيمَ صلاةَ الْجُمُعَةِ بالْحاضرين فيه، ولا يُصَلِّي بهم ظـُهراً؛ لأنَّ اجتماعَهم في الْمسجد قد تـَحقـَّقَ، فوَجَبَتْ إقامَةُ الْجُمُعَةِ .
ثالثاً : تَجب صلاةُ الظـُّهر على مَنْ تـَخَلَّفَ عن صلاة الْجُمُعة؛ لِحُضورِه صلاةَ العيد، ولا وَجهَ للقول بسقوط صلاةِ الظـُّهر عَمَّنْ صلَّىٰ العيد، اتـِّكاءا ً على ما روى أبو داود عن عـطاء رضي الله عنه قال: " اجتمع يومُ جُمُعَةٍ ويومُ فِطرٍ، على عهد ابن الزبير، فقال: عـيدان اجتمعا في يوم واحد، فجَمَّعَهُما جميعاً، فصَلاهُما ركعتين بُكرةً، لم يَزِد عليهما حتى صَلَّىٰ العصرَ" ؛ فليس فيه ما يَدُلُّ على أنَّ ابنَ الزبير رضي الله عنه لم يُصَلِّ الظهر في منزله ، بدليل أنهم صَلـَّوا الظهر وُحدانا ً لعدم خروج الإمام ــ كما جاء في الرواية السابقة عن عطاء ــ ، ولا يُعقلُ أنهم صَلـَّوها جُمُعة ؛ لأنَّ الـجُمُعة لا تصِحُّ إلا جماعةً، ولو سقط وجوبُ الظُّهرِ عنهم لَمَا صَلـَّوهُ وُحداناً، كما أنَّ فِعلَ الصحابي من غير الـخلفاء الأربعة ليس مصدراً للتشريع في الراجح؛ لعدم العصمة.
تقبل الله مني ومنكم صالح الأعمال، ورفع لنا بها الدرجات. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .