حوار: الرئيس التنفيذي لمجلس تنظيم الكهرباء يتحدث حول واقع الكهرباء في فلسطين
في ضوء التباينات والاجتهادات المختلفة فيما يتعلق بالقوانين الخاصة بالطاقة في فلسطين، وآليات تطبيقها والالتزام فيها، والتي حدّت في بعض الأحيان من تطور بعض المشاريع، تولي صحيفة الحدث الفلسطيني أهمية لقطاع الطاقة في فلسطين، وذلك من خلال المتابعة والتحقق والملاحظة وغيرها، وهذه المرة من خلال المقابلة.
أجرت صحيفة الحدث، مقابلة خاصة مع المهندس حمدي طهبوب، الرئيس التنفيذي لمجلس تنظيم قطاع الكهرباء، والذي بحسب تعريف الحكومة له، هو عبارة عن مؤسسة غير وزارية تابعة لمجلس الوزراء، مهمتها: مراقبة كل ما يتعلق بنشاط قطاع الكهرباء إنتاجا ونقلا وتوزيعا واستهلاكا، بما يضمن توافرها واستمرارها في الوفاء بمتطلبات أوجه الاستخدام المختلفة بأنسب الأسعار مع الحفاظ على البيئة، ومراعاة مصالح مستهلكي الطاقة الكهربائية ومصالح منتجي وناقلي وموزعي الطاقة الكهربائية.
من أهداف المجلس أيضا، العمل على تشجيع المنافسة ومنع الاحتكار في كافة أنشطة التوليد والتوزيع في قطاع الطاقة الكهربائية، وحل النزاعات بين المشتركين وشركات التوزيع، وتزويد جميع الأطراف المستفيدة من قطاع الطاقة الكهربائية بالمعلومات اللازمة لتقديم الخدمات بأفضل الأساليب، وزيادة وعي الجمهور بعناصر قطاع الكهرباء.
في إطار هذه المسؤوليات وانطلاقاً منها كانت المقابلة التي أجرتها "الحدث" مع المهندس طهبوب، على النحو التالي:
س: ما هو دور المجلس في إلزام الموزعين بالقوانين والتشريعات؟!
الموضوع له علاقة بعدة اعتبارات، فنحن بحسب القانون مسؤولون عن جانبين رئيسيين، الأول؛ الاطلاع على الخطط التطويرية لدى شركات التوزيع، والتي لها علاقة بتطور الاحتياجات الخاصة بالشبكة. الثاني؛ ترجمة الأهداف الاستراتيجية للحكومة في قطاع الكهرباء، أي تطوير القطاع وتسييره بما يتناسب وخطة الحكومة الاستراتيجية.
س: ما هي إجراءات اعتماد الخطوات التطويرية لشبكات الموزعين، وهل يتم أخذ أهداف سلطة الطاقة بعين الاعتبار عند اعتماد الخطط؟
بداية، أود الإشارة إلى أنه من ناحية وصول الشبكة للمواطن، فهي تصل وموجودة بنسبة أكثر من 99%، بمعنى أن هناك فقط بعض التجمعات النائية التي لا تصلها شبكات الكهرباء. بالنسبة لتطوير الشبكة، فهذا يعني تطويرها بما ينسجم مع الأهداف الاستراتيجية لاستيعاب التوليد المحلي للطاقة وهو المهم في الوقت الحالي. من المهم الإشارة إلى أن شبكة النقل؛ جديدة. واليوم توجد أربع محطات على الضغط العالي تحول من 161 كيلو فولت إلى 33 كيلو فولت. بالتالي نحن اليوم نضع استثمارات عالية في منظومة النقل، ومنظومة النقل هي من توجد سوق كهرباء فلسطين، وهي الحجر الأساس في خلق سوق للكهرباء، لأنه بهذه الطريقة يتم التزود بالطاقة من مصادر مختلفة والتوريد للموزعين.
شركة النقل مسؤولة عن إدارة وتطوير نظام النقل، وشركة النقل هي شركة حديثة مقارنة مع عمر قطاع الكهرباء. محطاتها عملت بـ 2017 بصورة جزئية وفي 2020 بصورة كاملة، واليوم شركة النقل لديها خطط نحن على اطلاع عليها لإضافة محطات تحويل وبناء خطوط نقل، ولكن هذه الخطة تحتاج إلى استثمارات عالية جدا.
س: ما هو سبب استخدام تكلفة الاستيراد من المصادر التقليدية كمرجعية لاعتماد أسعار الشراء من مصادر الطاقة المتجددة؟
هناك سعر بيع للمواطن وسعر بيع للموزع الذي تم تزويده بالكهرباء من خلال شركة النقل. بالنسبة لشركات التوزيع، فإن جزءا من قيمة السعر الذي تبيعه المواطن هو سعر المشتريات، والمشتريات عبارة عن سلة (الطاقة المتجددة، الجانب الإسرائيلي، شركة النقل). وبالتالي، فإن تكلفة الشراء تضاف إليها التكاليف الأخرى ومجموع التكاليف بالنهاية يساوي السعر، وهذا غير مرتبط بموضوع الطاقة التقليدية، وإنما بسلة المشتريات ككل. وبما أن نسبة الطاقة المستوردة من إسرائيل تصل إلى حوالي 90%، فإن هذا ينعكس على السعر وعلى سوق الكهرباء في فلسطين.
من الجدير بالذكر، أن هناك تغيرا في أسعار الكهرباء يحصل لدى الجانب الإسرائيلي، في العامين الأخيرين. كان هناك تطور دراماتيكي كبير على الأسعار، فمثلا: في شهر فبراير من عام 2022 ارتفع السعر من الجانب الإسرائيلي بـ 10%، وفي شهر إبريل، كان هناك ارتفاع وصل إلى 7.5%، ولاحقا رفع الجانب الإسرائيلي الأسعار بنسبة 18%. وهذا سببه الأزمة العالمية بكل تأكيد. استيراد الفحم وارتفاع تكلفته هو ما تسبب في ارتفاع الأسعار، بالإضافة إلى التضخم والمشاكل الاقتصادية العالمية. يمكنني القول إن الارتفاع بنسبة 18% كبير جدا ونحن لم نشهده من قبل، وفي بداية 2023 عاد السعر للارتفاع بنسبة 7% عن العام 2022، وفي شهر فبراير الماضي أصبح الارتفاع بنسبة 5% عن 2022، وهذا السبب الأساسي في كل التكلفات العالية التي تقع على كاهل الحكومة أو المواطن.
في العام الماضي تحملت الحكومة، الارتفاع، من شهر فبراير وحتى أغسطس بشكل كامل ولم يشعر المواطن بأي تغيير، والمبلغ كان كبيرا جدا، كما أن عدم التسديد الكامل لثمن الكهرباء يؤدي إلى خصمها من المقاصة. بالإضافة 'إلى أن الحكومة تعطي مواد للموزعين، وهناك قرارات حكومية لها علاقة بتسديد الحكومة جزءا من الدين القديم بنسبة النصف، علاوة على قرارات ذات علاقة بمشاريع تطويرية.
س: هل توجد رؤية لدى المجلس لتوحيد اتفاقيات شراء الطاقة من المولدين؟
هناك نوعان من الاتفاقيات؛ الأول؛ اتفاقيات البيع من شركات النقل إلى شركات التوزيع، وهذه تمت تحت إشرافنا كمجلس تنظيم، وتمت صياغتها ومراجعتها من قبلنا ووافقنا عليها والهدف الأساسي منها ضمان الملاءة المالية لقطاع الكهرباء، بدون حدوث أي عجز أو خلل، وهذا بالنسبة لاتفاقيات البيع. لهذا السبب لا ديون على شركات النقل للموزعين، ولا ديون للجانب الإسرائيلي على شركة النقل، والسبب الأساسي هو أن هذه الاتفاقيات صيغت بطريقة سليمة. أما النوع الثاني من الاتفاقيات فهو ما بين شركات التوريد وشركة النقل أو شركات التوزيع، وخاصة فيما يتعلق بالاستثمار في الطاقة المتجددة، فإن هذه الاتفاقيات تكون مع شركات التوزيع في نطاق قدرات معينة وهي 1 ميغاواط، ومع شركة النقل للمشاريع التي تنتج أكثر من 1 ميغاواط. ونحن اليوم كمجلس تنظيم، تم اللجوء لنا من عدة مستثمرين وموزعين وشركة النقل، بهدف توحيد الاتفاقيات، ونحن نسير في هذا الاتجاه، وخلال الأشهر المقبلة قد نكون وصلنا إلى هذا الهدف. لكن نحن نقوم بعمل جلسات استماع، من أجل الاستماع إلى الآراء المختلفة للخروج بتشريعات تناسب الجميع. فمثلا، اليوم نقوم بعمل تشريع يتعلق بالتخزين، وهذا لا يتم إلا بعد جلسات استماع، تضم ممثلين عن القطاعين الخاص والعام والمواطن، حتى إن كان هناك انتقاد للتشريع، يتم النظر فيه قبل اعتماده.
س: لماذا لا يوجد اهتمام بقطاع الطاقة الشمسية، بل وأكثر من ذلك نجد أن هذا القطاع يعاني من عراقيل؟
الاستثمار في الطاقة الشمسية بحاجة بالدرجة الأولى إلى تبني المسألة كسياسة دولة، وهذا موجود وهناك إصرار على الانفكاك عن إسرائيل فيما يتعلق بالطاقة. وهناك أمور مالية وفنية، وبالنسبة للموضوع المالي، توجد هناك آليات تمويل محلية ودولية، اليوم موجودة وكثيرة لدى البنوك المحلية ولدى مؤسسات الإقراض ومؤسسات الإقراض الدولية، وهناك استعداد لبناء مشاريع طاقة شمسية بشراكات. اليوم المدن الفلسطينية غير مرتبطة مع بعضها البعض، وشبكات شركات التوزيع نفسها قد تكون مفصولة، وشبكة النقل في بداياتها، وشبكاتنا بحاجة إلى تطوير في البنية التحتية، وهذا الدور يتوزع على عدة جهات: سلطة الطاقة، شركة النقل، والموزعين، وكل هذه الجهات تقع على عاتقها مسؤولية معينة. مثلا مسؤولية سلطة الطاقة هي صياغة الخطط بالخصوص. ومؤخرا قمنا بمناقشة الخطة الرئيسية للنقل والتي تتضمن بنودا تطويرية. ما أريد أن أقوله، إن ما يحد من قدرتنا على استيعاب المزيد من التوليد المحلي، هو البنية التحتية، ويمكن تطويرها وبسرعة، وهذا يمكننا من استيعاب قدرات إضافية من الطاقة الشمسية. وهذا التطوير مرتبط بالجهات المسؤولة عن ذلك، ويحتاج ذلك لدراسة. بالنسبة للتشريعات والقوانين، يمكن تطويرها لكنها ليست المشكلة النهائية، وبالتالي فأنا باعتقادي أن تطوير البنية التحتية هو العائق الأساسي ولذلك يجب العمل في هذا السياق.