أبرز الاكتشافات العلميّة التي جاءت عن طريق الصدفة!
كثيرة هي الاكتشافات في سجلّات التاريخ العلميّ الّتي أدّت دورًا مهمًّا في تطوّر الحياة البشريّة، ومنها تلك الاكتشافات العلميّة الّتي نتجت عن طريق الصدفة، إذ يقدّر الخبراء أنّه ما بين 30% وحتّى 50% من الاكتشافات، كانت غير مقصودة بتاتًا، وجاءت عن طريق الخطأ، والّتي أصبحت جزءًا لا يتجزّأ في مختلف المجالات العلميّة، والّتي تعتمد حياتنا عليها اليوم اعتمادًا أساسيًّا.
نستعرض في هذا التقرير أبرز هذه الاكتشافات الّتي جاءت عن طريق الصدفة.
البنسلين
في عام 1928، عاد العالم الاسكتلنديّ ألكسندر فليمنج إلى مختبره بعد إجازة لمدّة أسبوعين للعثور على طبق بتري من بكتيريا المكوّرات العنقوديّة الملوّثة بعفن يسمّى البنسليوم. كان على وشك التخلّص منه، لكنّه لاحظ أنّ البكتيريا قد توقّفت عن النموّ حول العفن. وبسبب فضوله، قرّر إجراء مزيد من التحقيقات، ووجد أنّ العفن ينتج مادّة تقتل البكتيريا. أدّت ملاحظة الصدفة هذه إلى اكتشاف البنسلين، أوّل مضادّ حيويّ، والّذي أحدث ثورة في الطبّ، وأنقذ أرواحًا لا تعدّ ولا تحصى.
الأشعّة السينيّة
في عام 1895، كان الفيزيائيّ الألمانيّ فيلهلم رونتجن يجري تجارب على أشعّة الكاثود عندما لاحظ أنّ شاشة فلّوريّة في مختبره بدأت تتوهّج، على الرغم من أنّها لم تكن في المسار المباشر للأشعّة، وسرعان ما اكتشف أنّ نوعًا جديدًا من الشعاع غير المرئيّ ينبعث من أنبوب أشعّة الكاثود. قام بتسمية هذه الأشعّة السينيّة، لتصبح في النهاية أداة قيّمة في الطبّ لتشخيص كسور العظام والإصابات الداخليّة الأخرى.
إشعاع الميكروويف
في عام 1965، كان اثنان من علماء الفلك الأمريكيّين، أرنو بينزياس وروبرت ويلسون، يجرّون بحثًا باستخدام تلسكوب لاسلكيّ كبير عندما لاحظوا ضجيجًا مستمرًّا قادمًا من جميع الاتّجاهات في السماء، وافترضوا أنّه تداخل من فضلات الطيور أو مصادر أخرى، ولكن بعد التنظيف الشامل للهوائيّ، بقيت الضوضاء، وفي النهاية أدركوا في النهاية أنّ الضوضاء لم تكن تداخلًا، ولكنّها كانت في الواقع الشفق اللاحق للانفجار العظيم، إشعاع الخلفيّة الكونيّة الميكروويف. قدّم هذا الاكتشاف الّذي جاء عن طريق الصدفة دليلًا قويًّا على نظريّة الانفجار العظيم، وساعد في إحداث ثورة في فهم الكون.
الحمض النوويّ
في عام 1952، كانت العالمة البريطانيّة روزاليند فرانكلين تستخدم علم البلّورات بالأشعّة السينيّة لدراسة بنية الحمض النوويّ، وهو جزيء يعتقد أنّه يحمل معلومات وراثيّة. قدّمت إحدى صور حيود الأشعّة السينيّة، والمعروفة باسم الصورة 51، دليلًا هامًّا على بنية الحلزون المزدوج للحمض النوويّ. ومع ذلك، لم تدرك فرانكلين أهمّيّة اكتشافها، ولم تشارك بياناتها مع زملائها جيمس واتسون وفرانسيس كريك، الّذين استمرّوا في نشر النموذج الأوّل لبنيّة الحمض النوويّ. لم يتمّ التعرّف على مساهمات فرانكلين في اكتشاف الحمض النوويّ بشكل كامل إلّا بعد وفاتها.
تفلون
في عام 1938، كان الكيميائيّ الأمريكيّ روي بلونكيت يجري تجارب على المبرّدات عندما اكتشف بالصدفة مادّة شمعيّة بيضاء مقاومة للحرارة والموادّ الكيميائيّة. هذه المادّة، الّتي أطلق عليها اسم Teflon، لها خصائص غير لاصقة رائعة، وستستخدم في النهاية في مجموعة واسعة من التطبيقات، من أدوات الطهي غير اللاصقة إلى مكوّنات المركبات الفضائيّة.
المطّاط المقوّى
في أوائل القرن التاسع عشر، كان المطّاط الطبيعيّ سلعة ثمينة، ولكن كان به عيب كبير: فقد يصبح هشًّا، ويتكسّر في الطقس البارد، ويذوب ويصبح لزجًا في الطقس الحارّ. في عام 1839، سكب المخترع الأمريكيّ تشارلز جوديير عن طريق الخطأ مزيجًا من المطّاط الطبيعيّ والكبريت على موقد ساخن. ولدهشته، لم يذبّ المطّاط، بل أصبح قويًّا ومرنًا ومقاومًا للتغيّرات في درجات الحرارة. أحدثت هذه العمليّة، الّتي أطلق عليها اسم الفلكنة، ثورة في صناعة المطّاط، ومكّنت من إنتاج مجموعة واسعة من منتجات المطّاط، من الإطارات إلى نعال الأحذية.