تسعى لإضعاف جهاز القضاء
باحثون: خطط الحكومة مدمرة للاقتصاد الإسرائيلي
حذر مسؤولون سابقون وباحثون إسرائيليون من عواقب خطة الحكومة الإسرائيلية لإضعاف جهاز القضاء، التي توصف بـ"إصلاحات"، وبشكل خاص من تأثيرها على خفض تدريج ائتمان إسرائيل الذي من شأنه أن يؤدي إلى خفض الاستثمارات الاقتصادية فيها. وقالوا إن تخوفاتهم تستند إلى نماذج تضرر فيها الوضع الاقتصادي في دول نفذت خططا لإضعاف الرقابة القضائية.
وشدد محافظا البنك المركزي الإسرائيلي السابقان، بروفيسور يعقوب فرانكل وبرفيسور كارنيت بلوغ، في مقال مشترك في صحيفة "يديعوت أحرونوت" اليوم، الأحد، على قلق عميق من التبعات الاقتصادية والمخاطر الناجمة عن "الإصلاحات" المقترحة.
وأضافا أن "موقفنا يستند إلى خبرة لسنوات طويلة من الضلوع والمواجهة الشخصية مع التحديات التي واجهها الاقتصاد الإسرائيلي، وكذلك خبرة ومعرفة عن كثب مع عمل الهيئات والمؤسسات الاقتصادية الدولية".
وأشارا إلى أنه "في العالم المعاصر، النمو والازدهار يستوجبان استقرارا، قوانين تضمن احترام حقوق الملكية، احترام قوانين الموازنة العامة، احترام قانون البنك المركزي، الحفاظ على قوانين المنافسة وقواعد لعبة واضحة ومستقرة تسمح بأفق لتخطيط طويل المدى".
وحذر المحافظان السابقان من أن "إضعاف جهاز القضاء، الذي يتوقع أن يؤدي إلى تراجع استعداد مستثمرين أجانب عن الاستثمار في إسرائيل، وارتفاع تكلفة تجنيد (الاستثمارات من جانب) الحكومة الإسرائيلية نتيجة خفض محتمل لتدريج الائتمان، من شأنه أن يوجه ضربة شديدة للاقتصاد والمواطنين في إسرائيل".
واقتبسا من أقوال مسؤول في شركة تدريج الائتمان الدولية "ستاندرد آند بورز" لوسائل إعلام إسرائيلية مؤخرا، وجاء فيها أن "إضعافا متواصلا لمؤسسات مركزية وحيوية أو لجهاز التوازنات والكوابح، هي أمور من شأنها أن تؤدي إلى ارتفاع مخاطر خفض تدريج الائتمان لإسرائيل".
وشدد المحافظان السابقان على أن "عاملا مركزيا مقررا في مكانة الاقتصاد الإسرائيلي في الاقتصاد العالمي هو قوة، مهنية واستقلالية الجهاز القضائي. والحفاظ بحرص بالغ على مبدأ الفصل بين السلطات، التشريعية والتنفيذية والقضائية، هو مبدأ حديدي تُبنى وتعتمد عليه الديمقراطية. ويسود في أنحاء العالم في الفترة الحالية انعدام يقين جيوسياسي وانعدام يقين جيو اقتصادي. ومن السهل جدا في فترة حساسة كهذه هدم صورة اقتصادية ومن الصعب جدا ترميمها".
وأضاف أن "إصلاحات واسعة وسريعة كهذه في جهاز القضاء ومكانة المستشارين القانونيين من دون نقاش يقود إلى توافق واسع، خطير جدا. ورغم وجود تأييد واسعة للحاجة إلى تعديلات معينة في جهاز القضاء، فإن مجمل الخطوات المطروحة (من جانب الحكومة) تحمل في طياتها مخاطر كبيرة على طبيعة النظام الديمقراطي في إسرائيل وصورته في العالم. وفي عالم يغلب عليه التنافس مثل عالمنا، فإن هذه ("الإصلاحات") تستهدف مكانة الاقتصاد الإسرائيلي نتيجة لخطوة متسرعة وخاطئة وقد تكون هدامة ويصع إصلاحها. وإثر التعلق البالغ للاقتصاد الإسرائيلي بالأسواق المالية العالمية والقواعد المتبعة، يحظر تشكيل خطر على مكانة الاقتصاد الإسرائيلي في أسواق المال العالمية".
ونقلت صحيفة "ذي ماركر" الاقتصادية، اليوم، عن باحثين في "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية" قولهم إنهم بحثوا في عواقب خطوات مشابهة جرت في دول، مثل هنغاريا وبولندا وتركيا، وأنهم توصلوا إلى استنتاج أن الخطر على تدريج ائتمان إسرائيل والاستثمارات الأجنبية فيها في أعقاب خطة إضعاف جهاز القضاء، هو "خطر ملموس".
ووجد الباحثون أن تدريج ائتمان هنغاريا تراجع بعد بدء خطوات استهداف الجهاز القضائي. وفي بولندا، لم يرتفع تدريج الائتمان قياسا بدول كانت أنشطتها الاقتصادية جيدة ومشابهة لها. وفي تركيا، أدت خطوات الحكم وبضمنها استهداف استقلالية البنك المركزي، إلى خفض تدريج الائتمان وتراجع الاستثمارات الأجنبية.
وأضاف الباحثون أن الفرق بين الدول نابع من أن بولندا وهنغاريا عضوتان في الاتحاد الأوروبي، ولذلك فإنهما تعملان داخل إطار بإمكانه لجمهما، بينما تركيا تعمل بدون إطار خارجي بإمكانه لجم خطواتها في إضعاف جهاز القضاء. ولذلك كان الضرر اللاحق بالاقتصاد التركي أشد بكثير.
وكتب الباحثون أنه مثل تركيا، "في إسرائيل أيضا لا توجد هيئة دولية، مثل الاتحاد الأوروبي، بإمكانها فرض عقوبات وتقليص الخطوات التي يتم دفعها من أجل استهداف الديمقراطية وجهاز القضاء، كي تكون مخاوف المستثمرين من سياسة الحكومة معتدلة أكثر".
ولفتوا إلى أنه "حتى بوجود احتمال ضئيل أن تنفذ الحكومة (الإسرائيلية) سياسة اقتصادية ضارة بشكل متطرف، فإن ثمة أساسا معقولا للاعتقاد أن ضعفا حقيقيا للكوابح والتوازنات في الدولة ستزيد المخاطر لدفع سياسة كهذه، ولذلك فإن المخاطر على المواطنين والمستثمرين في الدولة سترتفع".